Accessibility links

إعلان
إعلان

جيمس زغبي*

يثير الرد الأميركي على هجمات المستوطنين الإسرائيليين على بلدة ترمسعيا الفلسطينية وأعمال العنف الأخرى من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين تساؤلات مهمة حول السياسة الخارجية الأميركية.

وفي أعقاب الاجتياح المسلح للمستوطنين لبلدة ترمسعيا وحرق منازل وسيارات وقتل مواطن وإصابة 12 آخرين، كان من بين الضحايا الفلسطينيين مواطنون أميركيون أو حاملون لبطاقة الإقامة الدائمة في أميركا.

وسارعت الخارجية الأميركية بإدانة الهجوم، ودعت الحكومة الإسرائيلية إلى التحقيق على الفور في الجرائم وتقديم الجناة للعدالة، وتلا ذلك مزيد من الإدانات لتفاقم عنف المستوطنين ودعوات لحكومة نتنياهو لكبح جماح المستوطنين «الخارجين عن السيطرة».

وأثار وجود الضحايا الأميركيين مثل هذا الرد الواضح، لكن مسائل كثيرة ظلت بلا معالجة، أولاً: عنف المستوطنين ليس جديدًا، إذ يرتفع كل عام في وقت الحصاد، في محاولة لحرمان الفلسطينيين من جني ثمار أرضهم، وفي السنوات القليلة الماضية أصبحت هذه الحوادث متكررة لدرجة أنها أصبحت شبه روتينية، ولا تتلقى إلا إشارة عابرة من حين لآخر في تقارير الولايات المتحدة.

وطرح السؤال الأول: هل الولايات المتحدة لا تهتم إلا إذا كان الضحايا أميركيين فلسطينيين؟ هذا العنف أيضًا خبيث النوايا، هدفه إبعاد الفلسطينيين عن أرضهم.

وصرح وزير رفيع المستوى في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة أن الهدف هو جعل حياة الفلسطينيين شديدة الصعوبة حتى يصبح لديهم ثلاثة خيارات، وهي «الاستسلام أو المغادرة أو الموت».. لماذا لم تعالج الإدارة الأميركية مباشرة هذه النية السيئة التي تنطوي على خطر الإبادة؟

وحتى لو قبلنا أن الولايات المتحدة كانت معنية بشكل خاص كي تتحدث علنًا دفاعًا عن مواطنيها، فهل دعوة الحكومة الإسرائيلية للتحقيق مع نفسها أفضل ما يمكننا القيام به؟ فعلى كل حال، ما زلنا ننتظر المساءلة والعدالة في مقتل عمر أسعد وشيرين أبو عاقلة. وعلى الرغم من الأدلة الواضحة التي أظهرتها وسائل الإعلام البارزة، ومنها (سي.إن.إن، وأسوشيتدبرس، ونيويورك تايمز)، على أن وفاة أبو عاقلة لم تحدث عرضًا ونفذها إسرائيليون، فما زال الإسرائيليون يواصلون «الإنكار والتعتيم في ما يتعلق بالحقائق».

وفيما يتعلق بأسعد الذي من الواضح أن موته كان على الأقل بسبب الإهمال الإجرامي للجنود الذين قيدوا وكتموا أنفاس الرجل البالغ من العمر 80 عامًا وتركوه مُلقىً على الأرض الباردة حتى مات.

وبعد مراجعة إسرائيلية للقضية، أسقطت تل أبيب التهم ضد الضالعين في الجريمة.

وأخيرًا، نعلم أن كثيرين من ضحايا ترمسعيا كانوا مواطنين أميركيين، لكن هل كان بعض المستوطنين الإسرائيليين المهتاجين أيضًا مواطنين أميركيين؟، وماذا عن الجنود الإسرائيليين الذين أطلقوا النار على أبو عاقلة أو الذين أدت قسوتهم إلى مقتل أسعد؟..

هذه معلومات مهمة، وكمواطنين أميركيين، ينبغي أن يكون بوسع الضحايا الفلسطينيين وعائلاتهم اتخاذ إجراءات قانونية في الولايات المتحدة ضد الذين هاجموهم وأحرقوا منازلهم وسياراتهم.

وللدفاع بجدية عن حقوقهم في الحياة والممتلكات، يجب على الولايات المتحدة مساعدتهم في معرفة ذلك.

وسواء كان الضحايا مواطنين أميركيين أم لا، ألا يجب على حكومة الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات ضد مواطنيها المتورطين في أعمال عنف غير مشروعة لصالح حكومة أو قضية أجنبية؟ تعمل أجهزة استخباراتنا مع الإسرائيليين لتحديد الفلسطينيين الذين يُعتبرون تهديدًا أمنيًّا، ووضعهم على «قائمة المراقبة»، حتى حين لا يكون العنف من بين هذه التهديدات.

وتأشيرات زيارة الولايات المتحدة لا تُمنح عادة للمسؤولين الفلسطينيين البارزين وقادة المجتمع المدني الذين يُنظر إليهم على أنهم معادون لإسرائيل، ومع ذلك لا يجري إدراج الإسرائيليين الذين شاركوا في أعمال عنف أو تحريض ضمن الممنوعين من الحصول على تأشيرات الزيارة، فكيف يمكننا حتى النظر في قبول إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة، وإعطاء المتطرفين الذين يتبنون العنف نهجًا إمكانية دخول الولايات المتحدة؟، وباعتباري ضحية لعنف الحاخام الإسرائيلي وعضو الكنيست السابق مائير كاهانا قبل أربعة عقود، أطالب بإجابة عن هذا السؤال.

فالتناقضات الأخلاقية التي ينطوي عليها رفضنا محاسبة الإسرائيليين على الخسائر المدنية الفلسطينية، ومن مواطني الولايات المتحدة وغير الأميركيين على حد سواء، وفشلنا في محاسبة الإسرائيليين المتهمين بانتهاكات، تشكك في الأسس الأخلاقية لسياساتنا الخارجية.

*رئيس المعهد الأميركي العربي – واشنطن

   
 
إعلان

تعليقات