Accessibility links

ماذا تعني وفاة المؤرخ عبدالله العُمري لليمن؟  


إعلان
إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – أحمد الأغبري

توفّي الأربعاء الموافق 26 أيار (مايو) في مدينة بيت الفقيه بمحافظة الحديدة (غرب) المؤرخ والباحث والشاعر والكاتب المسرحي اليمنيّ عبدالله خادم العُمري – رئيس منتدى العُمري للثقافة والفنون، عن عمر ناهز 71 سنة بعد صراع مع المرض.

تأتي وفاة المؤرخ والباحث والأديب العُمري بعد إطلاق عدة مناشدات من منتديات ومؤسسات ثقافية وناشطين حقوقيين طالبوا فيه حكومات أطراف الصراع بسرعة إنقاذه ورعاية حالته الصحية، لكن دون جدوى.

خسر اليمن برحيل العُمري واحدًا من أهم باحثيه ومؤرخي تراثه الثقافي، إذ صدر للراحل عن مؤسسات يمنية وأجنبية، خلال ما قبل الحرب، عديد من الكتب في الشعر والمسرح والقصة والتاريخ الأدبي واللغة وتحقيق المخطوطات والفلكلور الشعبي لليمن، وبخاصة منطقة تهامة الساحلية على البحر الأحمر، والتي كان الراحل من أهم مراجعها الثقافية.

وتتضاعف هذه الخسارة في بلد يقل فيه عدد الباحثين والعاملين في تحقيق التراث الثقافي، وبالتالي تبرز وفاة العُمري خسارة فادحة لا يمكن تعويضها في المدى المنظور، وهي خسارة ستظل مؤرقة في بلد يشهد حربًا، ولا يعطي اهتمامًا بالتراث الثقافي، بما فيه تراث تهامة.

وحسب حديث للعُمري العام الماضي مع محرر السطور؛ فما زال لديه نحو 170 كتابًا مخطوطًا تنتظر الطباعة. وتمنى العُمري، حينها، أن ترى كتبه المخطوطة النور في حياته، «مثلما يتمنى أيّ أب أن يرى انتساب أبنائه وأحفاده إليه».

معظم مخطوطاته التي تنتظر الطباعة اشتغل عليها قبل الحرب، ومعظمها في تحقيق المخطوطات. وقد ظل يدعو لطباعتها خلال ما مضى من سنيّ الحرب في الوقت الذي كان يعاني وضعًا صحيًّا حرجًا.. حتى توفي في أحد مستشفيات مدينة بيت الفقيه.

مِن أبرز الكتب التي صدرت له خلال حياته: “الألعاب الشعبية اليمنية”، و”النهضة الأدبية في اليمن في عهدي الحكم العثماني”، و”الأدب الشعبي العربي”، و”صنعاء تهامة المخلاف السليماني”، وغيرها من الكتب، بالإضافة إلى كُتب صدرت ضمن سلسلة منتدى العُمري.. ومن أبرز كتبه الصادرة عن المنتدى: “اللهجة التهامية في الأمثال اليمانية”، و”الموال الساحلي في تهامة”، و”فلكلور تهامة – مسرحيتان”، وسلسلة “بيوتات العلم في اليمن” في ثمانية أجراء.. بالإضافة إلى كُتب تحقيق مخطوطات، وهي كثيرة؛ نتيجة تميز منطقته (تهامة) بغزارة تراثها من المخطوطات، علاوة على إصداراته الأدبية مثل: “السمهري والرغود – مجموعة قصصية وحكايات شعرية”، و”هموم” ديوان شعر، ومثله أربعة دواوين أخرى، وكتاب “ذريعة المجاز لمحمد بن حسن فرج”، والذي فاز بجائزة السعيد عام 2000م في اليمن، وغيرها من الكُتب التي صدرت عن مؤسسات يمنية وأجنبية كالمعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية بصنعاء..

عاش العُمري في مدينته (بيت الفقيه) التابعة إداريًّا لمحافظة الحديدة، وهناك أمضي يوميات سنواته الأخيرة متعايشًا مع أمراضه ومتاعبه، حاملاً همّ طباعة كتبه المخطوطة.. بل كان يتحدث وكله أمل في أن يستعيد اليمن عافيته، وبالتالي يجد فرصًا لاستئناف إصدار كتبه التي ما زالت مصفوفة في حاسوبه.

كان الفقيد مهتمًّا بتراث تهامة، وأنشأ في سياق هذا الاهتمام منتدى باسمه تجاوز بنشاطه في التأليف إلى إحياء هذا الفلكلور من خلال تشكيل فرق شعبية، أسهم، من خلالها، في تقديم تراث تهامة في عددٍ من البرامج الثقافية داخل اليمن وخارجه.

وأرجع العُمري تنوع انشطته وغزارة إنتاجه إلى تنوع وغزارة التراث اليمني، وبخاصة تراث تهامة لا سيما مع قلة الباحثين المُجيدين في هذا المجال؛ نظرًا لعدم المعرفة بخصوصية تراث تهامة الثقافي كاللهجة التهامية، وعدم معايشة أهلها، وعدم تمكنهم من الحصول على مخطوطاتها، وهو ما توفر له علاوة على تميزه اللغوي الذي كان يمكنه من تفسير وتوضيح المعاني المقصودة إلى جانب ما تمتع به من صبر ودقة في التعامل مع التراث مع توفر الوقت والجهد والإمكانية.. كل ذلك جعله غزيزًا ومتنوع الإنتاج.

ومن أهم كتبه التي ما تزال مخطوطة، حسب حديثه مع كاتب السطور، «خمسة كُتب في الأساليب النحوية، وخمسة كتب عن مدينة زبيد التاريخية، وعشرة كُتب في التاريخ والتراث، وعشرة كُتب في عروض الشعر وبحوره وعلاقتها بالموشحات والشعر الشعبي، وكتب في اللغة وآلاتها، وكُتب في التاريخ وعلم المواريث والوصايا، وكُتب في أسانيد الأحاديث النبوية.. والكثير من هذه الكتب هي تحقيقات وكُتب تُعنى بالتراث العلمي والشعبي».

الجدير بالإشارة أن العُمري حصل على ليسانس بكالوريوس شريعة وقانون، وعمل مدرسًا، وكان له مشاركات رياضية، قبل أنْ يتفرغ للأدب ودراسة التراث.. الأمر الذي يستدعي اهتمامًا بتراثه وما خلّفه من كتب صدرت في حياته أو ما زالت مخطوطة.. لا سيما في ظل ما يعيشه البلد من حرب مع وجود أكثر من حكومة؛ الأمر الذي يضاعفُ من مسؤوليات هذه الحكومات في الحفاظ على التراث الثقافي باعتباره الذاكرة الوطنية، بما فيه تراث تهامة، الذي كان الراحل أحد مراجعه المهمة.

   
 
إعلان

تعليقات