Accessibility links

هل تؤسس المفاوضات بين السعودية والحوثيين لسلام مستدام في اليمن؟


إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – أحمد الكمالي:

انتهت الجولة الأخيرة من المفاوضات الرسمية بين السعودية وحركة “أنصار الله” (الحوثيين) بنتائج وصفها الطرفان بالإيجابية دون الإفصاح عن ماهية ما تم مناقشته أو الاتفاق والاختلاف حوله، ليبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تفضي هذه المفاوضات إلى سلام حقيقي في اليمن؟، وأين موقع الحكومة اليمنية المعترف بها مما يحصل؟، وهل سنتفاجأ بقرار أممي يتجاوز القرار 2216، ومن ثم نتفاجأ بتجاوز المرجعيات الثلاث التي تتحدث عنها الحكومة؟.. وهو ما يجعلنا نسأل عن الفرضيات المحتملة التي قد تخرج بها التسوية…

 

الكاتب الصحفي الشيباني: المفاوضات الجارية قد تعيد تقسيم السلطة إلا أنها لن تفضي إلى سلام مستدام.

 

إعادة تقسيم وترحيل للمشكلة

يرى رئيس تحرير منصة “خيوط” الإعلامية، الكاتب محمد عبدالوهاب الشيباني، في حديثه لـ “اليمني الأميركي”، أن “المفاوضات الجارية بين السعودية والحوثيين قد تعيد تقسيم السلطة بين الفرقاء المحليين، إلا أنها لن تفضي إلى سلام مستدام، وكل ما ستقدمه هو ترحيل للمشكلة إلى محطة انفجار قادم، والسبب في ذلك يعود لكونها لا تعالج أساس المشكلة من أصلها، ولا تبحث لماذا قامت الحرب ومن تسبب بها”.

ويضيف: “السعودية تريد من هذه المفاوضات الخروج من المآزق الذي وجدت نفسها فيه، بسبب سياسة الخفة التي مارستها طيلة سنوات الحرب، وانطلقت من قاعدة إنتاج حلفاء وتابعين ضعفاء لها وليس شركاء أقوياء، بذات الرؤى العقيمة التي حكمت سياساتها في الجارة الفقيرة، والتي حولتها لمكب لنفاياتها السياسية والتشدد الديني طيلة نصف قرن”.

ويشير الشيباني إلى أن “السعودية رعت في 1970، تسوية جمهورية ملكية بعد ثمان سنوات من الحرب الطاحنة حينها، أفضت إلى اقتسام سلطة بين مكونات عدة موزعة بين متارس المتحاربين، وكان من نتائج هذا الاقتسام هو تراكم الأزمات وانفجار الصراعات والتصفيات السياسية والانقلابات لتفضي إلى هذا الانفجار الكبير، والذي إن لم تعالج أسبابه، سيظل يترصد اليمنيين في كل منعطف ومسار”.

وحول موقع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا في التسوية، التي تجري بين السعودية والحوثيين، يؤكد الشيباني: أن تلك الحكومة “بقيت بعيدة كل البعد عن إدارة الحالة العامة (سياسيًّا وعسكريًّا) بسبب أنها لم تملك يومًا قرارها المستقل، وأن بنيتها الكلية موزعة على أطراف متناقضة ومتناحرة، استنبتتها لأسباب عديدة دولتا التحالف، وكل القرارات المصيرية (بما فيها قرار الحرب) اتُّخذت بالنيابة عنها من قِبل رعاة هذه الأطراف، وعلى وجه الخصوص اللجنة الرباعية (أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات)”.

ويستطرد: “تعمل الأطراف الدولية المؤثرة، وكذلك الأطراف الإقليمية الفاعلة على إنتاج تسوية، قد تصير قرارًا دوليًّا جديدًا سيُتخذ برغبة أميركية  بدرجة رئيسية، تحت ضغوط الانتخابات القادمة، لأن الديمقراطيين يراهنون على ورقة إنهاء الحرب في اليمن، تضاف لأوراق متعددة سابقة (الانسحاب من أفغانستان والعراق وملف إيران)، لعدّها مكسبًا سياسيًّا من جهة، ولأن إنتاج حالة من الهدوء الطويل نسبيًّا، وليس السلام التام، لن يربك أسواق الطاقة المتأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية، التي يُتهم الديمقراطيون بغرقهم فيها من قِبل خصومهم الجمهوريين”.

 

أستاذ علم الاجتماع السياسي عبد الكريم غانم: السعودية تنظر للحكومة اليمنية كموظف لديها

 

مرجعيات الحل وأصل الأزمة 

من جانبه يستبعد أستاذ علم الاجتماع السياسي، عبدالكريم غانم، في حديثه لـ”اليمني الأميركي”، أن تقدم الأمم المتحدة على إصدار قرار “يتجاوز المرجعيات الثلاث، أي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، فالمبعوث الأممي والفاعلون الدوليون يدركون حدود النتائج المتوقعة من وراء هذه المفاوضات التي لن تتجاوز تحقيق مصالح تكتيكية للحوثيين والمملكة العربية السعودية، لذا فإن الأمم المتحدة لن تقدم على خطوة كهذه، بناء على تفاؤل لا تُسنده أيّ مؤشرات ووقائع على الأرض”.

ويرى غانم أن “نتائج المفاوضات الجارية ستقتصر في أحسن الأحوال على إنعاش التفاوض حول الملفات غير السياسية من قبيل دفع رواتب الموظفين وفك القيود على موانئ الحديدة، وفك الحصار عن المدن وملف الأسرى، لكونها تفتقر لمرتكزاتها الأساسية، وفي مقدمتها غياب الحكومة اليمنية أو تغييبها، والتي يعد موقعها اليوم موقع التابع للحليف السعودي المهيمن على قرارها، فليس أمام الحكومة أي هامش للتحرك بعيدًا عن أجندة الرياض، فالمملكة العربية السعودية تنظر للحكومة اليمنية كموظف لديها، ليس لديه الرفض لما يمكن أن تمليه الرياض، بغض النظر عن مدى استجابته لمصلحة السِّلم الأهلي في اليمن”.

ويستطرد: “المفاوضات تسير وفق ما يخدم أمن وسلامة السعودية، ووفق ما يشتهي الحوثيون الذين أرادوا لها أن تكون مفاوضات مع الرياض، الأمر الذي يختزلها في بُعد واحد وهو الصراع العابر للحدود، في حين أن أصل الأزمة وجوهر الصراع يتجلى في البعد السياسي المتمثل بانقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية وعلى الإجماع الوطني، ممثلاً في مخرجات الحوار الوطني، وبالتالي من المستبعد أن تفضي هذه المفاوضات إلى سلم أهلي، أو سلام دائم داخل اليمن، ففي أحسن الأحوال  يمكن لهذه المفاوضات أن تسفر عن التوقيع على هدنة مؤقتة لا إلى سلام حقيقي”.

   
 
إعلان

تعليقات