Accessibility links

إعلان
إعلان

فكري قاسم*

 باسم الله وتوحيد كلمته ظهرت جماعات دينية متناحرة كلها تقول إنها الوكيل الحصري الوحيد لله سبحانه تعالى، وكلها تشتينا نسمع كلامها وبس، ما لم فنحن أمة خارج الملة. 

وباسم الجنة حولوا حياتنا اليومية إلى جحيم لا يطاق، وجعلونا نعيش في عذاب وفي قهر مستدامين، وجرعونا صنوف المرارات والمهانات.

وباسم الصلاة قطعوا الصلاة بين الناس، وأصبح هذا سُنّي وهذا شيعي وذياك سلفي وذياك إخواني وذياك حوثي وتَيّه داعشي وهاذاك قاعدي وهولا روافض ونواصب، ومدري ما هو من هدار.  

وفي سبيل إعلاء راية الإسلام تم تهشيم قيم الإسلام الحنيف تمامًا، وأحالوا الإسلام من دينٍ سمح يدعو إلى المحبة والرحمة إلى دين آخر جلف ومخيف ومروع ومرعب، وأصوات القوارح فيه أكثر من أصوات التسابيح.

وباسم الحفاظ على الوحدة اليمنية تم تكسير عظم الوحدة وتهشيمها وتكسير مجاديفها وهي لا تزال في مهدها، وها هي اليوم تبدو تمامًا مثل حلم جميل شارف على الانتهاء.

باسم بناء الأوطان شردوا الناس في وطنهم وخربوا وطني الجميل وجعلوه مقاطعات متفرقة تتقاسمها مليشيات متنوعة ما من أبوها خراج.

وتحت راية الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا للبلاد تم طرح هذه البلاد أرضًا بأكثر من ضربة قاضية قصمت ظهرها، وجعلتها بين الأمم بلادًا في أسفل سافلين. 

باسم الثورة سرقوا بريق الثورة من عيون الناس، وسرقوا ثمارها عند أول منعطف، وسرقوا أحلام الشعب، وأحالوا كل شيء إلى مشاريع ربحية يتكسب منها شغمة كبيرة من المتمصلحين ومن الثورجية الهاربين خارج البلاد.

وباسم الحوار الوطني سدوا كل نافذة للتفاهم وجعلوا من الحوار نفسه موسمًا جديدًا لمعارك جديدة ضاعفت من انقسام اليمنيين وزادت من شتاتهم ومن تفرقهم.

وباسم السلام أشعلوا في البلاد، شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، حروبًا متفرقة هنا وهناك، لدرجة أن الواحد أصبح لا يريد من كل مؤتمرات السلام شيئًا غير أن يخرج سَلَم.

وباسم تعزيز قيم التسامح شحنوا القلوب بالكراهية وبأحقاد من غبار التاريخ، وجعلوا عقول الناس ضيقة مثل خرم الإبرة، وجعلوا عقولهم في عماء ذهني مهول.

وتحت راية تخفيف الفقر تم إعادة إنتاج الفقر وتصنيعه بحرفية عالية، وجعلوا منا شعبًا موسّحًا في ذيل قوائم تقارير التنمية البشرية على مستوى العالم. 

وباسم الجيش الوطني أصبح لدينا في البلاد المنهكة جيوش محلية كثيرة، كلها تناصب بعضها العِداء، وكلها مبنية في الغالب وفق عقائد شخصية وحزبية ودينية، وما فيش معانا لحد الآن جيش واحد يحمل في قلبه وعقله عقيدة وطنية.

باسم حقوق الإنسان ملأوا السجون الخاصة بالأبرياء، وسحقوا كرامة الإنسان، وتاجروا بقضاياه وبحقوقه في كل محفل دولي ومحلي، وشفنا من أصحاب حقوق الإنسان العجب العجاب خلال سنوات هذه الحرب.

وباسم الخير ارتُكِبت كل الشرور. 

وفي كل بلدان الله عمومًا حبل الكذب قصير، إلا في اليمن حبل الكذب طويل، ولسانه أطول من سور الصين العظيم.

*كاتب يمني ساخر.

   
 
إعلان

تعليقات