Accessibility links

فيديو كليب الحب والبن: صراع بين قصتين يربك المشاهد


إعلان

مها ناجي صلاح

ترتبط شجرة البن في وجدان اليمنيين بالكثير من المعاني فهي رمز للحضارة والأصالة والثورة والحياة والرخاء والخير والحب، وقد استلهم  العديد من الكتاب والشعراء والفنانين من شجرة البن أعمالهم الخالدة وأخص بالذكر هنا قصيدة البن والحب التي تغنت بالحضارة والزراعة ومواقيت البذار والحصاد وسحر الطبيعة ونبل الحب الطاهر وروعة قهر الصعاب بالعمل وجني الثمار وانتصار الأمل.

مطلع هذا العام أعادت وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر “سمبس” مقاطع من أغنية البن والحب التي كتبها الشاعر مطهر الإرياني وغناها الفنان علي بن علي الآنسي، ويوضح القائمين على مشروع الفيديو كليب الهدف من إعادة إنتاج هذا العمل بقولهم “نعيد إنتاج هذه الأغنية لإحياء اليمن في قلوبنا نحن الشباب وكل أمنياتنا أن يعود البن اليمني لمكانته الطيبة كأفضل بن في العالم”

وتعزز “سمبس” أهمية هذا الهدف من أجل السلام في اليمن، على صفحتها في الفيس بوك بقولها ‫”إن عودة الشباب اليمنيّ واهتمامه بالبُن سيؤثر إيجاباً على رسم مستقبله، العمل والإنتاجية سبيلنا الوحيد الآن للسلام، للعيش بكرامة، لا يجب أن يتوقف الشباب اليمني عن الحُلم أياً كانت الظروف”.

أما قصة الفيديو فتوضح للمشاهد في أول مقطع من الفيديو على هذا النحو “هذه الأغنية مستوحاة من قصة حقيقية بطلها شاب تقدم للزواج من فتاة من قريته ولأن الخير مرتبط بموسم البن فقد كان رد والد الفتاة عليه أن يعود بعد موسم الحصاد عند تحسن الحالة المادية”.

إلى هنا تبدو القصة واضحة: المزارع الشاب وهو الشخصية الجوهرية في القصة أمامه تحدي كبير وعليه أن يبذل الجهد المطلوب ليكون الموسم مبشرا ويحصد الثمار الثمينة ويحقق أحلامه، ويستطيع المشاهد تخمين أبطال الحكاية الجوهريين وهم المزارع والفتاة /المحبوبة ووالد الفتاة، لكن ما يحدث في الثواني التالية من توضيح القصة هو أمر غير متوقع تماما، حيث تظهر  شخصية جديدة لشاب يحمل كاميرا وينصب خيمة صغيرة توحي بأنه لا ينتمي للمكان  ملتقطا صورا للأطفال والطبيعة ويتجول متخففا بذهنية السائح، وعلى مدى أكثر من ثلاثين ثانية من بداية الحكاية يترك هذا الشاب المشاهد في حيرة، من هو؟ وهل له دور في القصة؟ هل سيساعد بطل القصة، وأين ذهب بطل القصة أصلا؟

ربما يخطر في البال أن المصور الذي يظهر في مشهد أو إثنين يغني ويترنم ما هو إلا المطرب وأن الفيديو مقدم بطريقة الأغاني القديمة حيث يظهر المغني ويظهر ممثلين يجسدوا القصة، لكن هذا لا يتوافق مع بناء القصة وهدفها التوعوي المشروح في بداية العمل…لماذا إذن يتناوب ظهور الشخصيتين في القصة وكأن بينهما تنافس أو صراع -يظهر المزارع بحدود ١٣٠ ثانية ويظهر المصور بحدود ٩٠ ثانية – ما وظيفة المصور؟ ولماذا أقحم في العمل؟ ولماذا يتم تهميش دور الشخصية الرئيسية؟

ويتضح بعد تفكيك المشاهد في القصة أننا في الحقيقة أمام سيناريوهين لقصتين:

القصة الأولى: قصة مزارع شاب يرغب في الاقتران بمحبوبته ويبذل الجهد المضنى من أجل حصاد وفير يحقق له الهدف الأسمى ويستطيع الوفاء بمتطلبات هذا الارتباط.

القصة الثانية: قصة مصور يبحث عن قصص نجاح فينصب خيمته ويتابع نجاحات المزارع، ويحقق هدفه بالتقاط صورة لنفسه مع المزارع والحصادين في نهاية موسم الجنى

يظهر أن القائمين على العمل منذ البداية كان لديهم سيناريوهين وربما لم يرغبوا في التخلي عن أحدهما لصالح الآخر فقرروا دمجهما معا في قصة واحدة وقد قلل هذا من تأثير القصة من عدة نواحي لعل أهمها:

1- أفقد المشاهد تركيزه على القصة الأساسية التي تهدف إلى التوعية بأهمية العودة لزراعة البن وإعادة أمجاده كأفضل بن في العالم.

2- إقحام شخصية المصور/ السائح وتحويل المزارع من شخصية جوهرية إلى مادة توثيقية فيه الكثير من التعالي على مهنة الزراعة والنظر إليها بدونية تتنافى مع هدف القصة.

3- قلص السيناريو الثاني حضور المرأة في القصة وكان يفترض أن يكون حضورها أكثر سطوعا وإلهاما فالريف اليمني قائم بتفاني المرأة التي تمنحه أسباب البقاء والحياة ولا يقل جهدها في الحقل عن شقيقها الرجل ليس اليوم وإنما منذ قديم الزمن، وبالعودة للفيديو لا يتجاوز حضورها العشر ثوان.

4- لو حذفت القصة الدخيلة سيكون العمل أكثر تماسكا ولن يتأثر الفيديو بالحذف بل على العكس من ذلك ستصل الرسالة للجمهور المستهدف بأقل قدر من التشويش.

ختاما حققت القصة حضوراً جيدا من نسب المشاهدة، وهذا يفرض على المنتجين أن يكونوا أكثر حرصا عند تقديم أعمال لفئة الشباب الطموح بأن تكون مكثفة ومتماسكة وخالية قدر المستطاع من عناصر التشويش.

   
 
إعلان

تعليقات