Accessibility links

طبيب الطاعون وحكاية مدينة هامترامك مع الوباء 


إعلان

هامترامك – “اليمني الأميركي”- سايمون آلبرت:

في هذا التقرير نقتربُ كثيرًا من وضع مدينة هامترامك، وهي تستعد للعودة إلى الوضع الطبيعي الذي كان سائدًا قبل الجائحة؛ فبعد توقّفٍ لأكثر من شهرين بدأت الكثير من المدن في الولاية بإجراءات العودة لِما كان عليه الوضع سابقًا، خاصة بعد أنْ سمحت حاكم الولاية بإعادة فتح بعض المطاعم والمحلات التجارية في سياق الرجوع التدريجي والكامل.

  طبيب الطاعون 

عندما أصيبت المدينة بالركود التام وتراجُع الحركة بسبب الوباء وصدور التعليمات بعدم ممارسة أيّ شيء يجمع الناس، بما في ذلك المساجد والكنائس أُغلقت… كان هناك شخص واحد أخذ على عاتقه البدء بالحركة في المدينة، وتحمّل مسؤولية النظافة، والبدء بالتقاط القمامة من الشارع، مرتديًا ملابس تنكرية؛ فهو لا يريدُ أنْ يعرفه أحد.

هو فقط يريدُ أنْ يكونَ أنموذجًا بتنظيف المدينة، ويكون، أيضًا، قد ترك رسالة تؤكد على الاهتمام بالنظافة من خلال صفحته في موقع “فيسبوك” التي قدّم فيها نفسه باسم “طبيب الطاعون”.. صحيفة (اليمني الأميركي) التقت السيد منظّف القمامة (طبيب الطاعون) كما يُحبّ أنْ يُطلِق على نفسه أيضًا.

فصل الربيع في هامترامك هو الوقت الذي يتم فيه تراكم وتحريك وتطاير القمامة بواسطة الرياح؛ وبالتالي يكون تنظيفها غير يسير، كما تكون القمامة والصرف الصحي مشكلة، وتحديدًا في الشوارع الضيّقة والأزقّة المغلقة؛ لذا قرر متطوع مُقنّع يُعرّف نفسه باسم “طبيب الطاعون” (تراشمان)، رجُل القمامة، أنْ يصنع مشهدًا في تنظيف المدينة.

لماذا قررت التنظيف، ومتنكرًا؟، يقول السيد (تراشمان): “قررتُ فِعْل ذلك؛ لأنني وجدتُ وباء القمامة مثبطًا ويؤدي للاكتئاب”، وأضاف: “اخترتُ الزيّ للحفاظ على عدم الكشف عن هويتي.. لقد رأيت أنَ الشكوى لا تُساعد، ولكن القيام بشيء ما هو الحلّ، وأنْ أكون أنا بنفسي مُلهمًا للآخرين.”

طبيب الطاعون يُفضّل أنْ يُبقي هويته الحقيقية سرًّا… لقد رأى أنّ اسم “طبيب الطاعون”، يناسب هنا.

لبعض الوقت، كان الناس يرون عمل طبيب الطاعون في جمع القمامة كسبب للتكسّب من ورائه… ففي الماضي خلال وباء الطاعون كانت تقوم بتنظيف المدينة بعض المنظمات التطوعية، لكن هذه المنظمات كانت تجمع بعض التبرعات وتمنحها لطبيب الطاعون… وكثيرًا ما تُركت التبرعات للطبيب على الشُرفات.

كأن (تراشمان) بهذا يستعيد بعض تاريخ هذا الطبيب قديمًا، ويقدّم، من خلاله، درسًا للمجتمع الآن.

“إنه شيء صغير، لكن أشياء كهذه تُعطي الناس شيئًا جيدًا للبيئة التي قدموا منها، في وقت لا يرى فيه الناس دائمًا الإنسانية في الحياة”..

 “أنا أحب المسرح السياسي”، هكذا قال السيد (تراشمان)، “أردتُ أن أفعل شيئًا، لذا هذا ما فعلته”.

 المدينة الصغيرة

مدينة هامترامك، إحدى مدن ولاية ميشيغن، التي صُنّفت، بحسب مؤشرات الولايات المتحدة، كثالث ولاية من حيث الإصابة بالوباء.. هنا عانى اقتصاد المدينة كثيرًا جراء إغلاق المحلات التزامًا بالقرار التنفيذي للإغلاق العام لحاكم الولاية؛ وبالتالي كانت نتائج ذلك مؤثرة؛ لأن المدينة تعتمد اعتمادًّا كليًّا في اقتصادها على المتاجر الصغيرة؛ ولهذا كان شارع “جوزف كامبو” الشهير في المدينة مغلقًا تمامًا وشبه خالٍ في فترة الإغلاق.

هذه المدينة هي أقرب المدن للمدينة الكبيرة ديترويت، التي وصل عدد الإصابات فيها إلى حوالى 11 ألف إصابة، بينما وصل العدد في مدينة هامترامك إلى نحو 175 حالة إصابة، و22 حالة وفاة، حتى كتابة هذا التقرير.

 نحنُ لوحدنا

ذلك العدد من مؤشرات الوباء هو تأثير لِما تسميه عمدة هامترامك “كيرين ميجواسكي” تكتيك “المضي قُدمًا بمفرده”، والذي يتضمن تعبئة كل جهد محدود تحت تصرّف المجتمع.

وقالت العمدة ميجواسكي: “نحن مدينة صغيرة ذات شعور قوي بالهُوية”. “والشعور بأننا نذهب وحدنا، أليس كذلك؟، إنْ لم ينقذنا أحد، فسوف ننقذ أنفسنا”.

تظهر عمدة المدينة بشكل يومي من خلال مقاطع فيديو على موقع “فيسبوك” لتوضّح للناس جديد الوباء وحالة المدينة.

في المدن الصغيرة مثل هامترامك، فإن موارد حكومة المدينة تكون محدودة للغاية.. “لكنّا واجهنا كحكومة محلية، وتحمّلنا المشقة كمجتمع”، تقول العمدة.

 من خلال سلسلة مقاطع الفيديو اليومي “صباح الخير هامترامك” الذي تقدّمه العمدة كانت تتحدث عن قضايا المجتمع مع الوباء؛ فتتحدث عن توزيع الطعام وعن المنظمات التي تقوم بهذا الدور، وعن كل المعلومات التي يبحث عنها المواطنون، ومن ثم تفتح باب المشاركة لتوجيه أيّ استفسارات.

وقالت العمدة لصحيفة (اليمني الأميركي): “نعم، بدأتُ أول يوم وبعدها استمريت؛ لإحساسي بأنني أقدّم شيئًا، وأيضًا أصبح البرنامج بالنسبة لي متعة، حيث أصبح للفيديو متابعين وبالمئات ومعتمدين على المعلومات، خاصة في أزمة الجائحة، وأصبحت قيادات المجتمع تعتبرُ الفيديو موضوعًا للنقاش اليومي الإخباري”.

أثّرت الأزمة في الجميع، وخاصة بعد قرار الحاكم التنفيذي بضرورة الجلوس في البيت، وقد تأثرت بذلك عمدة المدينة نفسها كالبقية؛ ففي هذا الوقت عادةً تذهبُ عمدة المدينة لزيارة والدتها المريضة والكبيرة في السّن، التي تقيم في ولاية إلينوي، وبسبب نصائح السفر “لم أفكّر بالسفر لزيارة والدتي”، تقول عمدة المدينة.

   
 
إعلان

تعليقات