Accessibility links

المسلمون في أميركا.. عدد كبير يساوي صفراً


إعلان

بقلم: ياسر عبد السلام *

لم يتنازل النبي صلى الله عليه وسلم عن وطنه وعن جنسيته لكن أجبرته الظروف على الخروج من وطنه بل وقف على أبواب مكة حزيناً وهو يقول (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت).

إنه الحنين للأوطان.. إنه حب الأوطان. لكن النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة تعامل مع واقع آخر ومع وطن جديد ولم يبقى مكتوف الأيدي ويقول: أنا مقيم إقامة مؤقتة في هذا الوطن فلن أبني ولن أدعو ولن ابتكر. ولن ..ولن ..

بل بنى وطناً ثانيا، فأحب أهل المدينة وأحبوه، وأسس حياة استقرار وكأنه سيبقى فيها حتى الموت، فعاش معهم وتعامل معهم في كل المعاملات المباحة.. تعامل مع واقعه ولم ينس وطنه القديم مكة…

مشكلتنا نحن المسلمون عامة واليمانيون خاصة، أن من خرج من وطنه أو أُخرج من وطنه لا يبدع .. لا ينتج.. لا يخترع .. لا يفيد..

عدد المسلمين في أمريكا كثير جداً لكن ليس لهم أي تأثير في الواقع

فيبقى الفرد منا عشرات السنين في أمريكا وهو في عزلة عن المجتمع الذي يعيش فيه فهو يشعر بالغربة وأولاده يشعرون بالغربة حتى وهم المدارس والجامعات وهم يحملون الجنسية الأمريكية بل حتى الذي وُلد فيها ومع ذلك يشعرون بأنهم غرباء .. مساكين .. راحلون..

طموحهم محدود.. ونظرتهم قاصرة.

نسينا أن النبي صلى الله عليه وسلم طُرد من مكة فكون أُمَّة في المدينة، طُرد من مكة فبنا حضارة في المدينة، طُرد من مكة فبنا جيلاً في المدينة، طُرد من مكة فأسس مجتمعاً في المدينة، ثم عاد إلى مكة فاتحاً!

هذه بلاد أعطانا الله فيها منحة نتحرك بديننا .. بكرامتنا .. بحريتنا.. فلنبدع فيها .. ولنأسس فيها..

وهذا لا يتعارض مع حبنا لأوطاننا القديمة فوطننا هو كل مكان يُرفع فيه الأذان فوطننا هو كل مكان نؤدي فيه شعائرنا دونما يعترضنا أحد فوطننا هو كل مكان تمشي فيه المرأة بحجابها دون أن يعترضها أحد

الجدير بالذكر أننا نطالب بطبيبة تداوي نسائنا وليس لنا طبيبات، نطالب بعزل الطلاب الذكور عن الطالبات في المدارس ونحن لا نحضر حتى اجتماعات مجلس الآباء في المدارس ونعتبر ذلك بدعة منكرة فضلاً عن أن يكون لنا تمثيل فعلي في إدارة المدارس.

نطالب بالسماح برفع الأذان بمكبرات الصوت ونحن نحرم الإنتخابات فمن أين سيأتي هذا وليس لنا حتى فرد في غرفة صناعة القرار

وفي الأخير أُريد أن ألفت نظر القرّاء الكرام أنه كان في القديم  – ولايزال قائم إلا أنه شبه معطل – كان الخروج من الأوطان – التغريب –  كان ذلك عقوبة يعاقب بها الزاني فيُغرب عاماً كاملاً بعد الجلد وكان الخروج من الأوطان عيباً وعاراً إلا لمكره كمطارد أو كعقوبة

أما في زماننا فقد أصبحت الهجرة من بلدان المسلمين منحة ربانية فمن قُدِّر له الخروج من وطنه بسبب الحروب والتضييق على الحريات ومحاربة الدين علناً فقد ناله من الحظ الكثير.. ولا حول ولا قوة إلا بالله

فيا ليت المقيمين في أمريكا من أبناء المسلمين يستفيدوا من علم هذا البلاد ومن حريتها ويزيلون عنهم الشعور بالغربة الدائمة وينخرطون في المجتمع فيفيدون ويستفيدون.. ودمتم بخير .


* إمام مركز هامترامك الإسلامي مسجد علي بن أبي طالب

   
 
إعلان

تعليقات