Accessibility links

يمنيون يستقبلون أعياد الحرب بالحنين لعائلاتهم


إعلان

د. حمود العودي – أمين عام التحالف المدني للسِّلم والمصالحة الوطنية لـ”اليمني الأميركي”: مصالحُ الناس وحقهم في التنفل بيُسْرٍ وسهولة لا يجبُ أنْ يخضع لمساومات سياسية.

———————-

صنعاء – “اليمني الأمريكي” – أحمد الكمالي

للعيد في اليمن طقوس وتقاليد راسخة يُحافظ عليها اليمنيون، يأتي في مقدمتها قضاء إجازة العيد بين الأهل والأحباب باعتبارها فرصة لترسيخ العلاقات الأسرية بين بعضهم، وإنعاش ذكرياتهم بالأماكن التي ألِفُوها وشكّلت جزءًا من تكوينهم، إلا أنّ تلك الطقوس الجميلة لم تعُد متاحة كما كانت عليه سابقًا، لدى الكثير من اليمنيين الذين حالت بينهم ظروف الحرب، من نزوح وارتفاع تكاليف السفر وصعوبة التنقل، وبين العيد الذي يشعرون ببهجته ويرغبون بعودته.


ذكريات نازح

فراس القليصي، نازحٌ من حيّ الزهور في مديرية الحالي بمدينة الحديدة التي تركها مع أسرته مع وصول المعارك إلى الحي خلال أيام عيد الفطر منتصف عام 2017م… يتحدثُ لـ”اليمني الأميركي”، عن حنينه إلى تفاصيل العيد في مدينته: «أتذكرُ عندما كنّا خلال أيام العيد نخرجُ إلى مُصلّى العيد، حيث يتجمع سكان الحي لصلاة العيد، وبعدها نتبادلُ السلام والتهاني، ونتجه لزيارة الأهل والتسوق في فترة الصباح، ثم نخرجُ في وقت العصر إلى الساحل، بالتحديد منطقة الكتيب الرائعة».

وأضاف – مفتقدًا «الفرحة التي كنتُ أشعرُ بها مع عائلتي بتفاصيلها الممتعة، شمسها عند الغروب، حدائقها الخضراء، تجمعات الأقارب، وجلسات الأصدقاء التي انتهت في ليلة وضحاها بفعل الحرب.. مؤلم تفرُّق أهل الحي إنْ لم يكُن أهل المدينة، فكلّ شخص نزح إلى مدينة أو قرية أخرى أملاً في الحصول على فرصة للعيش، لكن الجميع يتطلعُ للعودة والاستمتاع بالعيد وفرحة العيد في مدينتنا».

 

لو أرادَ سهيل الزكري تلبية رغبة والدته (المريضة) في قضاء إجازة العيد معها، فإنه يحتاجُ إلى ما يُقارب 18 ساعة لقطع نفس المسافة وبتكلفة سفر باهظة بسبب تغيّر الطُّرق الرئيسية إلى طُرقٍ بديلة ووعرة نتيجة الحرب.

تكاليف السفر    

سيكونُ هذا العيد هو العيد الأول لعبدالرحمن مجيب، عامل بمخبز في مدينة سيئون – محافظة حضرموت/ جنوب، بعيدًا عن أسرته في مديرية العدين بمحافظة إب/ وسط، بسبب ارتفاع تكلفة السفر الباهظة، بل إنّ الراتب الذي يتقاضاه لا يغطّي نفقات عودته للقرية.

«لم أتمكن من السفر إلى القرية وزيارة أسرتي؛ لأنّ راتبي فقط 50 ألف بالعملة الجديدة (الدولار يقارب 600 ريال في مناطق سيطرة جماعة “أنصار الله” الحوثيين، ويُقارب 1000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا)، وما يكفي حتى كلفة المواصلات التي هي بين 40 و50 ألف ريال، من هنا إلى القرية، فما بالك بالعودة»، مشيرًا إلى أنّ قطْع اليمن سفرًا من جنوبها إلى شمالها بات يُشكِّلُ خطورة كبيرة على المسافرين نتيجة انتشار نقاط التفتيش، والتي توقفُ المسافرين لعدة ساعات دون سبب، ناهيك عن تعرضهم فيها لمضايقات بحسب هُويتهم.

 

عبدالرحمن الحداد

صعوبة التنقل

الطريق التي كان يقطعها سهيل الزكري قبل الحرب بين قريته في مديرية الشمايتين بريف تعز/ جنوب غرب، إلى العاصمة صنعاء التي يعملُ فيها بمصنع للصناعات الخفيفة، كانت تستغرقُ من 6 إلى 7 ساعات، فيما لو أرادَ اليوم تلبية رغبة والدته (المريضة) في قضاء إجازة العيد معها، فإنه يحتاجُ إلى ما يُقارِبُ 18 ساعة لقطع نفس المسافة، وبتكلفة سفرٍ باهظة بسبب تغيّر الطُّرق الرئيسية إلى طُرق بديلة ووعرة نتيجة الصراع الدائر في المحافظة.

يقولُ لـ”اليمني الأميركي” إنه نتيجة لذلك ومحدودية الأيام الممنوحة له كإجازة من جهة العمل أجبر على «البقاء خلال إجازة العيد في صنعاء، وأتعاملُ معها كأنها يوم عادي لا أكثر ولا أقلّ، وسأحاولُ تعويض بُعدي عن أهلي ووالدتي بالتواصل معهم عبْر الهاتف المحمول ووسائل التواصُل الأخرى، وإنْ كان ذلك لا يروي شيئًا من عطش شوقي لشوفتهم عن قُرب».

 

علي الهلالي


جهود مدنية

أمام فشل المفاوضات وجهود التسوية الأممية للوصول إلى حلٍّ شاملٍ لإنهاء الحرب المشتعلة هناك منذ مارس/ أذار 2015، وعجزها عن تخفيف معاناة المدنيين عبر تحقيق اختراقات بالملفات الإنسانية كملفّ القيود المفروضة على حرية التنقل سواء تلك التي من وإلى البلد أو داخلها… تحملت بعض المكونات المحلية مسؤوليتها لتحييد ما يُمكن تحييده من حقوق ومصالح اليمنيين عن الصراع، ويأتي في مقدمتها الجهود المُضنية والمتواصلة التي يبذلها التحالف المدني للسلم والمصالحة الوطنية في ملف فتح الطرقات، والذي يؤكِّد أمينه العام الدكتور حمود العودي، في حديثٍ لـ”اليمني الأميركي”، أنّ «مصالح الناس وحقهم في التنفل بيُسرٍ وسهولةٍ لا يجبُ أنْ يخضعَ لمساوماتٍ سياسية كما هو ملف الأسرى أو وقف إطلاق النار، أو غيره».

وردًّا على سؤال “اليمني الأميركي” عن النتائج التي وصلَ لها التحالف المدني من خلال المفاوضات مع أطراف الصراع، يوضح الدكتور العودي أنّ التحالف «تقدَّمَ بعددٍ من المبادرات للأطراف المعنيّة في صنعاء وعدن، وبالرغم من التفهم الذي تُبديه الأطراف حيال حق الناس في التنقل، وتحييد المصالح العامة والخدمات عن الصراع السياسي، وهذا ما ينطبقُ على طريق الحوبان – مدينة تعز (جولة القصر- حوض الأشراف)، إلا أنّ الأمور عادةً ما تفشلُ في اللحظة الأخيرة لأسبابٍ غير مفهومة، وبعد أخذٍ وردٍّ ومفاوضات طويلة وتعديل وحذف وإضافة»، مشيرًا إلى مواصلتهم تحفيز الأطراف بأنْ تُتَرْجِم مواقفها وتفهّمها إلى حقيقة يلمسها الناس على الأرض، مبشّرًا «بوجود مؤشرات جيدة جدًّا لفتح طريق (الضالع – دمت) الرابط بين صنعاء وعدن، ونتوقعُ خلال الفترة القليلة القادمة أنْ تجِدَ الاتفاقية طريقها للتنفيذ».

مطار صنعاء

استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي للعام السادس على التوالي أمام المرضى والمسافرين، كان مانعًا لرجوع علي الهلالي – طالب يمني، خريج قسم تكنولوجيا المعلومات من الجامعة اللبنانية الدولية في العاصمة اللبنانية بيروت – إلى أرض الوطن لقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك مع أهله وأحبائه بعد سنواتٍ من الغربة.

«ذهبتُ للدراسة في لبنان منذ العام 2014م، ولم أستطع العودة حتى اليوم بالرغم من تخرجي عام 2018، بسبب إغلاق مطار صنعاء، الذي وقفَ في وجهي كالباب الموصد عندما مرض والدي حتى تُوفّي قبل أشهر، وما قدرت أشوفه لآخر مرة… مرضت أمي وما قدرت أزورها للاطمئنان عليها، ومع طول الغربة تزوجتُ هنا من امرأة شامية، وكنتُ أتوقُ للعودة برفقتها هذا العيد لكي تتعرف إلى أهلي ويتعرفون إليها عن قرب، ونفرحُ باجتماع الأهل، ونحاولُ إيناس وحشة المنزل بغياب والدي – رحمه الله».

العيد عيد العافية

لَمّ شمْل الأحبة وزيارة مسقط الرأس أثناء إجازة العيد ليست العادة الوحيدة التي أفتقدها الكثير من اليمنيين خلال الحرب التي دخلت عامها السابع، وإنما غابَ عن طقوس العيد الكثير من الشعائر والتقاليد كشراء الأضاحي، شراء الملابس الجديدة، الرحلات السياحية، حلويات العيد (جعالة)، ألعاب الأطفال… عن بيوت معظم العائلات التي تُكافِحُ من أجل البقاء على قيد الحياة، مواسيةً ظروفها القاسية بمقولة “العيد عيد العافية”.

   
 
إعلان

تعليقات