Accessibility links

مُحاكَمة حكيم الثورة اليمنية حسن الدُّعَيس كما يرويها كتاب جديد


إعلان

مَن هو القبس الثاني من أقباس الحرية الأولى في اليمن؟

صنعاء – “اليمني الأميركي”

صدَرَ، مؤخرًا، عن مركز نشوان الحِميري للدراسات والإعلام، كتابٌ للدكتور عبدالعزيز المقالح بعنوان “حكيم الثورة حسن الدعيس”.

ضمَّ الكتاب عددًا من المقالات (القراءات)، جاء الأول تحت عنوان “صفحات مجهولة من أدبيات الأحرار”، انطلق فيها الدكتور المقالح باستعراض ما كانت عليه اليمن في ثلاثينيات القرن الماضي، أو ما تُسمّى سنوات الفرز الأولى للدعوة الإصلاحية، التي تحولت بعد ذلك إلى دعوة إصلاحية ثورية، متوقِّفًا عند عددٍ من الملاحظات إزاء ما قدّمه عددٌ من رموز وطلائع الحركة الإصلاحية، والتي تَشكّلتْ فيها رؤية واعية تبلور معها فكْر المعارضة اليمنية في الجزء الشمالي من اليمن، وفي هذه الجزئية أضاء الدكتور المقالح بدايات تلك المرحلة التي أظهرتْ عددًا من المناضلين، الذين استطاعوا بالممارسة النضالية أنْ يستخرجوا من بطون الحياة منظومة من الأفكار والاختيارات في مواجهة تحدِّيات التخلف، متوقّفًا عند الأثر الفكري للشيخ الحكيم حسن الدعيس بعنوان “حوار مع سائح هندي”، وهو الأثر الذي استعرض فيه الدعيس الفارق الكبير بين بلاده وبلدان الآخرين… ومنه انطلق المقالح باستعراض رؤية الشيخ الحكيم كأحد مؤسِّسي الحركة الوطنية في اليمن.

في القسم الثاني، أو المقال الثاني من هذا الكتاب/ القراءة، والذي جاء بعنوان “أول برنامج إصلاح في مسيرة النضال”، أوضح الدكتور المقالح أنّ حسَن الدعيس بذلك الحوار لم يكن يتشفّى بهزيمة جيش الإمام أمام السعودية عام 1934م، وإنما كان الحوار محاولة فكرية جاءت في وقتها المناسب للاستفادة الواعية مما حدث، ولكي تسدّ الفجوة النفسية المخيفة التي أحدثها فشل النظام في نفوس الطلائع الجديدة.. وحسب القراءة فقد كان الشيخ حسن الدعيس رجُل فكْر يؤلمه واقع اليمن، وتعتمل في نفسه فكرة تحرير اليمن من الكابوس الثقيل الذي ظلّ جاثمًا على صدْر الناس أعوامًا بعد أعوام، وكان كما أثبتت شهادات معاصِريه دائم الجدل حول قضايا بعينها، ومنها – على سبيل المثال لا الحصر – قضايا الاستغلال الحقيقي، ومعايير التغيير، والمسؤولية الخلفية، وحرية الإرادة، وأمانة الاختيار، ومقام الإنسان في الكون، وقدرة الإسلام المبرّأ من استغلال السلطة على رسم طريق الإنسان إلى المستقبل، وخطر الخرافة والجمود على عقْل المسلم وتأثيرهما في نظام دينه ودنياه.

                                         القبس الثاني

وأكّد الدكتور المقالح أنّ حديث الأستاذين أحمد محمد الشامي، ومحمد عبدالله الفسيل عن أقباس الحرية الأولى في اليمن قد أثبت للتاريخ أنّ القبس الأول في تاريخ القضية الوطنية قد كان الفيلسوف محمد بن عبدالله المحلوي، أو موسى ذلك العصر الفرعوني، كما وصفه، أما القبس الثاني فقد كان العالِم والفيلسوف حسن بن عبدالله الدعيس.

أما في الجزء الثالث من القراءة، والذي جاء بعنوان “ملامح من أوضاع اليمن في الثلاثينيات” يمضي المقالح باستعراض ما جاء في الحوار مع السائح الهندي، كما ورد في الأثر الفكري لِحسَن الدعيس، متوقِّفًا عند إمكانات وآليات الإصلاح الممكِنة للوضع بعد الهزيمة، مستعرِضًا أبعاد المأساة التي كان يعيشها اليمنيون في تلك المرحلة، وهنا ينتقلُ بنا المقالح بين حواريات الدعيس من موضوع إلى آخر، ومِن الرِّيف إلى المدينة.

وفي الجزء الرابع من هذه القراءة استعرض المقالح واقع وملامح الجيش اليمني في الثلاثينيات بالاستناد إلى حديث حكيم اليمن، مُسلِّطًا الضوء على أوضاع الجيش اليمني قبْل قيام الثورة المجيدة.. مُشيرًا إلى أنّ الجيش المتوكلي لم يكن من الجيوش التي ينفقُ عليها الشعب أو الدولة بسخاء، ولم يكن زينة للنظام، فقد كان في حالة تبعثُ على الرثاء، وهو لذلك لم يكن قادرًا على الدفاع عن البلاد وحماية الحدود، وتوقفتْ الدراسة عند مقتطفات من الحوار، مناقِشًا من خلالها ما كان عليه وضْع الجيش اليمني حينها.

أكّد الدكتور المقالح أنّ حديث الأستاذين أحمد محمد الشامي، ومحمد عبدالله الفسيل عن أقباس الحرية الأولى في اليمن أثبت للتاريخ أنّ القبس الأول في تاريخ القضية الوطنية قد كان الفيلسوف محمد بن عبدالله المحلوي، أما القبس الثاني فقد كان العالِم والفيلسوف حسن بن عبدالله الدعيس

                                           المُحاكَمة

“أول محاكمة بتهمة المروق والإلحاد” كان عنوان الجزء الخامس والأخير من الكتاب/ القراءة الأولى لآثار حكيم اليمن الشيخ حسن محمد الدعيس، وتوقَّفَ هذا الجزء أمام رواية الشيخ الحكيم لقصة اتّهامه بالإلحاد والمروق والزندقة، ومحاكمته السِّرية التي استغرقت وقتًا مِن الزمن.
وحسب المقالح فقد تتجددُ في الرواية الأبعاد الخطيرة للجمود الفكري والإرهاب، وفي الوقت ذاته تتأكدُ من وجهة نظر فكرية بحتة شَجاعة الطلائع الأولى، وقدرتها في ذلك الحين، بالرغم ممّا كانت تعانيه الحياة الفكرية من جمود وافتقار، على أنْ تكسر حِدّة ذلك الصمت المضروب على اليمن، وأنْ تهزّ كيان النظام المذعور، وتثبت بسلاح المعرفة أنّ أيّ قوة في الدنيا تبقى عاجزة عن أنْ تستمر في عزل شعبٍ بأسْره عن التطورات الهائلة في مجالات المعارف الفكرية التي تتحرك عبْر فضاء عريض من وسائل الاتصال المختلفة، وفي مقدمتها الراديو.

واستعرض هذا الجزء من القراءة كيف كان يتنقلُ الشيخ الحكيم بين قريته ومدينة صنعاء، والجلسات التي كان يحضرها الدعيس، وما كان يقول فيها… وما أنْ وصل أمرها للإمام حتى قامت قيامته، ووجدها فرصة للنيل من هذا الثائر المتفلسف، وتدخُّله في ما لا يعنيه، مُخالِفًا المفهوم القرآني والإسلام؛ ولذلك تمت محاكمته، لكنه في المحاكمة استطاع أنْ يدافع عن نفسه، وأنْ يُفلِت من الكمين، والعودة إلى قريته الصغيرة سالِمًا، لكي يعود مرات أخرى إلى العاصمة ليستقرئ ملامح الثورة ضد الإمامة، التي تتكون في هدوء من خلال تعميق فكرها الغائب، ومدّ آفاق المؤثرات إلى أقصى أُفُقٍ إنساني ممكِن، وتحويل القنوط إلى أمل.

ضمَّ الكتاب ملاحق، منها ترجمة للشيخ الحكيم حسن الدعيس، بقلم محمد علي الأكوع الحوالي، بالإضافة إلى ما ورد عن الثائر محمد عبدالله الفسيل عن القبس الثاني في الحركة الوطنية اليمنية.

وكانت هذه القراءة التي تضمنها الكِتابُ قد نُشِرتْ في فترة سابقة بمجلة (دراسات يمنية)، الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث اليمني، وهو أحد أهم المراكز اليمنية التي تهتم بالتوثيق للثورة اليمنية، ويرأسه شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح – صاحب هذه القراءة.

   
 
إعلان

تعليقات