Accessibility links

إعلان

“اليمني الأميركي” متابعات

مَن هو المرشح الفائز بانتخابات الرئاسة الإيرانية؟ وكيف جاء فوزه؟ وماذا يُتوقع منه أنْ يقدِّم في سبيل حلّ مشكلة الملف النووي الإيراني وتخفيف حدة التوتر في المنطقة، بالإضافة إلى تنشيط اقتصاد بلاده الذي يعاني الكثير جراء انخفاض أسعار النفط العالمية والعقوبات الأميركية وجائحة كورونا العالمية؟

يُمثّل فوز المرشح المحافظ المتشدد ورئيس السلطة القضائية في إيران إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة الإيرانية، التي جرت في 18 يونيو (حزيران) 2021، تحديًا جديدًا، لا سيما وهو محسوب على التيار الديني المتشدد، وهو ما يضعُ عددًا من الأسئلة إزاء مستقبل الجهود الإيرانية باتجاه حلحلة أزمة الملف النووي ورفع العقوبات التي تُضاعف من تداعيات أزمة اقتصادية حادة تعيشها البلاد.

وفازَ رئيسي في انتخابات خلت من المنافسة تقريبًا بعد انسحاب آخر المرشحين المحسوبين على التيار الإصلاحي.

وبالتالي فقد كان فوزه متوقعًا، لا سيما بعد استبعاد الوجوه الإصلاحية والمعتدلة البارزة من سباق الانتخابات من قِبل “مجلس تشخيص مصلحة النظام” الذي يُسيطر عليه التيار المحافظ والمتشدد أيضًا.

من هو رئيسي؟

ورئيسي حائز على شهادة دكتوراه في الفقه الإسلامي، وارتقى سريعًا في السلك القضائي، إذ أصبح مساعد النائب العام في طهران ولم يتجاوز عمره 25 عامًا.
بدأ رئيسي مسيرته في أروقة السلطة عام 1981 في سلك القضاء، حيث تولى منصب المدّعي العام في مدينة خرج، وبعدها بفترة قصيرة تولى منصب مدعي عام مدينة همدان أيضًا، جامعًا بين المَنْصبين.

وفي العام 1985 تولى منصب نائب المدعي العام للعاصمة طهران، وهو المنصب الذي مهّدَ السبيل له لعضوية “لجنة الموت” عام 1988.

في أعقاب وفاة المرشد الأعلى الأول آية الله خميني عام 1989، تولى رئيسي منصب المدعي العام للعاصمة طهران، وظل في هذا المنصب خلال تولّي كلٍّ من محمد يزدي ومحمود هاشمي شهرودي وصادق لاريجاني رئاسة السلطة القضائية.

خلال الفترة ما بين 2004 إلى 2014 تولى رئيسي منصب النائب الأول لرئيس السلطة القضائية، وأثناء ذلك انتُخِبَ عام 2006 عضوًا في “مجلس خبراء القيادة” الذي يتولى مهمة تعيين المرشد الأعلى للثورة أو عزله، وبعد ذلك بعامين تولى منصب نائب رئيس المجلس.

عام 2014 تولى رئيسي منصب المدعي العام في إيران، وظلّ في ذلك المنصب حتى مارس (آذار) 2016، حين تولى إدارة واحدة من أغنى وأهم المؤسسات الدينية في إيران، وهي مؤسسة الإمام رضا، والتي تحملُ اسم “آستان قدس رضوی”، وتُشرف على مرقد الإمام الرضا في مشهد.

وهذا المنصب يحملُ الكثير من الهيبة والنفوذ، حيث تبلغُ موازنة المؤسسة مليارات الدولارات، وتملكُ نصف الأراضي في مشهد، ثاني أكبر مدن إيران، وشركات نفظ وغاز ومصانع.

وفسّر كثيرون – حسب بي بي سي عربي – تعيين رئيسي في هذا المنصب بأنه تهيئة له ليخلف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

المرشد

يُذكر أنّ خامنئي كان يتولى منصب الرئيس عندما تُوفي آية الله خميني عام 1989؛ فتولى منصب المرشد الأعلى للثورة إثْر ذلك، وقد يُصبح ذلك تقليدًا مستقرًّا؛ لأنّ كلّ رؤساء إيران تولوا المنصب دورتين، كلّ واحدة منهما 4 سنوات، وبالتالي لو بقي رئيسي في منصبه لدورة ثانية فسيكون خامنئي البالغ من العمر 82 عامًا، ويعاني من متاعب صحية، إما قد توفّي، أو بات عاجزًا عن أداء مهامه، وبالتالي سيكون رئيسي الأوفر حظًّا في تولي منصب المرشد.

وكان رئيسي قد تنافسَ مع روحاني في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2017، لكنه لم يحصل إلا على 38% من أصوات الناخبين، مما أعطى لروحاني دورة رئاسة ثانية.

ولم يكن رئيسي معروفًا بشكلٍ واسعٍ بين الإيرانيين قبل انتخابات عام 2017؛ إذ كان قد قضى السنوات الماضية بعيدًا عن الأضواء، يعملُ في السلك القضائي. وتربطه بقيادة الحرس الثوري علاقات قوية، ويُنظر إليه على أنه المرشح المفضَّل للتيار المتشدد.

عُيِّنَ خامنئي رئيسي عام 2019 في منصب رئيس السلطة القضائية في البلاد، وهو منصبٌ بالغ الأهمية رغم خسارته الانتخابات الرئاسية أمام روحاني، مما يعني أنّ الرجل يحظى بالثقة المطْلَقة من قِبَل المرشد.

ولدى الإعلان عن توليه ذلك المنصب غرّد مساعد الناطق باسم الخارجية الأميركية في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عبْر تويتر قائلاً: “تعيين متورط في عمليات إعدام جماعية للمعتقلين السياسيين في منصب رئيس السلطة القضائية؟ يا له من عار”.

“لجنة الموت”

ويقولُ أمير عظيمي من (بي بي سي فارسي) إنه في العام 1988 كان رئيسي واحدًا من القضاة الأربعة الأعضاء في ما أُطلِقَ عليها “لجنة الموت” التي كانت تُقرر مصير الآلاف من معتقلي المعارضة الذين أُعدِموا عند انتهاء فترات محكومياتهم.. وتُعدّ تلك الإعدامات من الأحداث الأكثر سرية في تاريخ إيران ما بعد الثورة، ولم يتم التحقيق فيها رسميًّا قط.

وكان المرشد الراحل آية الله خميني قد قبِلَ خطة الأمم المتحدة لوقف الحرب بين إيران والعراق على مضض عام 1988، وإثر توقُّف المعارك اجتاح آلاف المقاتلين من منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة، التي كانت تتلقى التمويل والتسليح من نظام صدام حسين، الأراضي الإيرانية انطلاقًا من العراق في هجومٍ مفاجئ.

ورغم أنّ الحكومة الإيرانية تمكنت من صدِّ الهجوم وإفشاله، لكن ذلك الهجوم كان إيذانًا بحملة واسعة لملاحقة ومطاردة من يشكُّ في ولائه للنظام، حيث جرت إعادة محاكمة للسجناء السياسيين والمقاتلين أمام “لجان الموت”.

وحُكِم بالإعدام على كلِّ مَن أقرَّ بانتمائه لمجاهدي خلْق، وبينما سُئِل آخرون إنْ كانوا على استعداد “لتنظيف حقول الألغام أمام جيش الجمهورية الإسلامية”. حسب تقريرٍ لمنظمة العفو الدولية التي قدّرت عدد ضحايا حملة الإعدامات التي قادتها “لجنة الموت” بحوالى 5 آلاف شخص، بينما قالت منظمة مجاهدي خلق إنّ العدد تجاوز 30 ألفًا.

يُذكر أنّ عدد حالات الإعدام في إيران هي من بين الأعلى على المستوى العالمي، إذ تأتي بعد الصين من حيث عدد حالات الإعدام، ويتم إعدام العشرات سنويًّا، والعديد منهم لأسبابٍ سياسية (246 حالة إعدام عام 2020 حسب منظمة العفو الدولية).

قبضة المحافظين

إنّ فوز رئيسي في انتخابات الرئاسة سيُعزِّزُ قبضة التيار المحافظ على كلِّ مفاصل الحكم في إيران، وعلى مؤسسات الدولة، والمؤسسة الدينية، وبالتالي لن يكون هناك مجال للاجتهاد أو لوجهات نظر متباينة حول القضايا والمسائل الأساسية التي تواجهها إيران مثل موضوع الملف النووي الإيراني، كما أنّ فوزه سيمكِّن المرشد الأعلى من لعب دورٍ أكبر في العمل الحكومي.

المهمة الملحّة والعاجلة التي تنتظرُ رئيسي هي التوصل إلى اتفاقٍ سريعٍ مع الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مما يُمهِّد الطريق أمام رفع العقوبات الأميركية على إيران، وبالتالي تحسين فرص تنشيط الاقتصاد الإيراني الذي يعاني بشدة بسبب تراجع أسعار النفط عالميًّا والعقوبات الأميركية، إضافة إلى التداعيات السلبية الكبيرة لجائحة كورونا… وصولًا إلى تخفيف حِدة التوتر والمنافسة في المنطقة.

ورغم الطابع المتزمّت والعقائدي لنظام الحكم في إيران، إلا أنه لا يفتقر إلى البراغماتية السياسية إذا بات مستقبله على المحك.

   
 
إعلان

تعليقات