Accessibility links

إعلان

ديربرون – “اليمني الأميركي”: 

 يقفُ أحمد علوان، خلف المنضدة في مقهاه بديربورن، ويحيّي كلّ زبون بِودٍّ من خلال عينيه الكامنتين خلف النظارة، مرتديًا طوال الوقت كِمامة بيضاء.

يقول علوان إنه لا يبيعُ القهوة، فما يبيعه، حقًّا، في بداية اليوم، هو طقوس جَلْب مزاجٍ جيّد لكلّ عميل من خلال الخدمة المختلفة والمتميزة.

«طوال الوقت، أرى أشخاصًا يأتون إلينا، بعد النوم، ونتحدث»، ويضيف، «وبعد الحصول على قهوتك، وهي قهوة عالية الجودة، من خلال خدمة جيدة، ستشعر بالسعادة.. هكذا تبدأ يومك بشكل جيّد لدينا».

دخل (علوان) أميركا عام 1992، واستقر في البداية في نيويورك، «واشتغلتُ هناك في المطاعم والمتاجر، وفي عام 1994م انتقلتُ إلى ولاية كنتكيت، وعملتُ هناك في المتاجر، وفي عام 2001 فتحتُ محلًّا تجاريًّا صغيرًا». 

منعطفات  

مرتْ التجربة المِهنية لعلوان بمنعطفات، أبرزها إصراره على إكمال تعليمه، والتحاقه بالجامعة، وتخرّجه متحصلاً على دبلوم محاسبة وحاسوب، ومن ثَمّ عمله لدى شركة محاسبة عام 2009، لكنه كعادته لم يستقر وضعه؛ فانتقل إلى ولاية ميشيغن عام 2015م، وعمل في مجال المحاسبة، إلى أنْ توفرت فرصة المشاركة في مشروع خاص؛ فكان شراء هذا المقهى، وذلك في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019م؛ بهدف أنْ يمنحه فرصة جَنْي المزيد من المال. 

يقول إن الأمر يتعلّق بامتلاك شيء خاص به، لإعطائه لأولاده عندما يحين الوقت.. «أريدُ أنْ يكون لهم عملهم الخاص.. لديّ ابن واحد عمره 21، والآخر 18 سنة»، «وبدلاً من الذهاب والعمل من أجل شخص آخر، رأيتُ أنه يمكنهم كذلك القيام بالعمل من أجل أعمالهم الخاصة»، يقول علوان.

قرر علوان العمل في هذا المجال استنادًا إلى خبرته السابقة في بيع الدونس (كيك أميركي) والقهوة؛ والتي اكتسبها خلال تجربة سابقة، بالإضافة إلى خبرة ولده الكبير أبو بكر في إعداد الكيك الأميركي، والتي اكتسبها خلال عمله في أحد المخابز الكبيرة، «وهذا ما شجعني على المشاركة».

من سوء الحظ أنه ما أن بدأ العمل في المقهى حتى تصاعدت مؤشرات جائحة كورونا، وصولاً إلى اتخاذ إجراءات محاصرة الوباء؛ فتأثر حاله، لكن بعد قرار العودة للعمل عاد بحماس متحدّيًا الظروف كافة، لكن الوضع ما زال غير جيد.

 «إن العودة للعمل في هكذا مجال تحتاج إلى وقتٍ لاستئناف العمل بنفس الوتيرة.. لولا جائحة كورونا لكانت الأحوال أحسن؛ فخلال الشهر الأول الذي عملنا فيه قبل الإغلاق كانت الأمور أفضل، لكن جائحة كورونا أفقدتنا الكثير»، يقول متحدثًا لصحيفة (اليمني الأميركي).

الجائحة  

كان علوان قبل جائحة كورونا يقوم بأحد أكبر التحولات في حياته المهنية.. في العام الماضي، كان يعمل محاسبًا لشركة Jackson Hewitt Tax Services. لمدة سبع سنوات.

لقد أثرت جائحة كورونا في خطط الأعمال، في جميع أنحاء الولايات المتحدة،  وبالنسبة لأحمد علوان، يُخطط للتغلب على العاصفة حتى ينفق الناس أكثر.

ومع ذلك، وفقًا لدراسة مشتركة بين الجامعات، نُشِرت في نيسان/ أبريل الماضي، فإنّ حوالى 1.8٪ من الشركات التي شملتها الدراسة – أو ما يزيد قليلاً عن مئة ألف – أٌغلِقت بشكلٍ دائم؛ نتيجة لوباء COVID-19، ومن بين الصناعات الأكثر تضُررًا، وفقًا لشركة S&P Global، صناعة السيارات وقطع غيار السيارات.

في منطقة مشهورة في تاريخها بصناعة السيارات، يعمل أكبر صانعي السيارات أيضًا كواحد من أكبر أرباب العمل في مترو ديترويت، مع الانخفاض المفاجئ في الطلب على السيارات الجديدة وتوقُّف الإنتاج خلال ذروة وباء ميشيغن، تباطأ الإنفاق على أشياء مثل فنجان القهوة.

لدى علوان فكرة واضحة عمّا فقده عمله بسبب الوباء، فعلى الرغم من كلّ شيء، هو كاتب حسابات، وطوال الوباء بلغ متوسط ​​إيرادات علوان حوالى 15 ألف دولار شهريًّا، رغم أنّ خطته الأصلية، يقول علوان، أنه كان يتوقع أنْ يكسب 35 ألف دولار. 

 في آيار/ مايو، أصدر مكتب الميزانية في الكونجرس توقعاته الاقتصادية للفترة 2020-2021.. على الرغم من أنه كان من المتوقع أن تتحسن الأمور بحلول الربع الثالث من عام 2020، إلا أنه لم يكن من المتوقع العودة إلى وضعها الطبيعي حتى عام 2022 على الأقل؛ لذا، بالنسبة للشركات الصغيرة في الولايات المتحدة ، قد يتعيّن عليها توقُّع بعض الأوقات الصعبة القادمة.

سواء أكانت ضرورية أم لا، لا يجبُ أنْ تكون هذه الخسائر المالية موضع نقاش عند فقدان أكثر من مئة ألف شخص بالفعل؛ بسبب المضاعفات المتعلقة بـCOVID-19.  

المراهنة على الخدمة  

يحرصُ علوان على تطوير عمل مقهاه من خلال تقديم خدمات جديدة، والتعامل الراقي والمختلف مع الزبائن، وإضفاء لمسات غربية على ما يقدّمه… «وفي المستقبل سنحرصُ على إدخال الشاي اليمني إلى جانب ما نقدّمه من الفطائر والكيك الأميركي المعروف بـ (الدونس)».

التحدّي القادم 

تشهد مدينة ديربورن تغيّرًا ديموغرافيًا باستمرار، حتى أصبحت الجالية العربية كبيرة مقارنة بالأقليات الأخرى، «ولهذا نحاولُ بين فترة وأخرى إضافة مأكولات ومشروبات عربية ويمنيّة؛ لِأنّ الطلب هو الذي يؤثر في العرض».

وقال إنه قدّم لبرنامج المساعدات والقروض الحكومية، «مثل الآخرين للاستفادة من القروض المتاحة للشركات المتضررة من الجائحة، ولا زلنا منتظرين».

يُشار إلى أنّ أحمد علوان كان لاعب منتخب الشباب اليمني لكرة القدم عام 1989م، ودرس العلوم السياسية في كلية التجارة بصنعاء، وهو متزوج، ولديه أربعة أبناء (ولدان وابنتان). 

   
 
إعلان

تعليقات