Accessibility links

ما تزال معاناة المرأة هناك كبيرة.. السماح السعودي للمرأة بقيادة السيارة.. قراءة فيما كان وما سيأتي لاحقًا


إعلان

“هيومن رايتس ووتش”: نظام وصاية الرجل في السعودية حوّل النساء إلى “أقلية قانونية لا تستطيع اتخاذ قرارات أساسية تتعلق بهن”

 

“اليمني الأميركي”- متابعات:

إصدار السعودية قرارًا يُسقط حظر قيادة النساء للسيارة لا يمثل منجزًا بحد ذاته.. إذ يدفع هذا القرار (على بساطة قيمته) بالضوء إلى الخلفية الهشة التي اعتمد عليها الحظر سابقًا.. كما يمكن القول: إن هذا القرار قد أنهى مرحلة (الآذان الصماء) تجاه الحقوق العامة بمبررات دينية متشددة في بلد تأخر كثيرًا في علاقته بحقوق المرأة.

     مع السماح السعودي للنساء بقيادة السيارة بدءًا من يونيو/حزيران المقبل تتبقى أشياء عدة بعيدة عن متناول المرأة في هذا البلد المحافظ.. ووفقًا لتقرير، خاص بهذا الشأن، نشره موقع “بي بي سي عربي”، فإنه لا يزال هناك أمور يجب على النساء هناك أن يطلبن من الرجال الإذن لعملها.. منها: طلب استخراج جواز سفر، السفر للخارج، الشروع في الزواج، فتح حساب في البنك، بدء مشروعات أعمال معينة، إجراء بعض العمليات الجراحية، مغادرة السجن.. مُرجعًا تلك القيود المفروضة إلى ما اسماه “نظام الوصاية”.. فمنذ تأسيس المملكة “تبنّت السلطة المذهب الوهّابي، المعروف بأنه “أحد التفسيرات المتشددة للشريعة الإسلامية”..

     وحسب “بي بي سي” فإن ذلك أدى لأن أصبحت السعودية أكثر البلدان في الشرق الأوسط من حيث عدم المساواة بين الجنسين، بحسب ما جاء في مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2016 للهوة في النوع، متصدرة في ذلك اليمن وسوريا، اللذين يعانيان من الحرب..

                                 حرية المشي

       وفي قراءته لخلفية التشدد الديني في هذا البلد يؤكد التقرير أن نظام وصاية الرجل هناك تعرّض لانتقاد شديد، من جهات مختلفة، من بينها منظمة “هيومن رايتس ووتش”، التي قالت: إن هذا حوّل النساء إلى “أقلية قانونية” لا تستطيع اتخاذ قرارات أساسية تتعلق بهن، غير أن ذلك لم يحل دون شن بعض النساء حملة ضد هذا الوضع، وإن لم يكن ذلك سهلاً في بلد تجابه فيه المرأة – أيضًا – بصعوبة المشي وحيدة أمام الناس دون أن تكون في صحبة رجل (المحرم).

      كما لم يكن منح المرأة الحق في قيادة السيارة، وإن جاء متأخرًا جدًّا،  هو بداية الانفتاح الحقوقي لهذا البلد تجاه المرأة، فقد سبقه قرار منح النساء حق التصويت في العام 2015، علاوة على ما تحقق للنساء في ميدان التعليم، فأصبح إلزاميًّا للفتيات والأولاد حتى سن 15، كما أصبح عدد الفتيات اللاتي يتخرجن في الجامعات أكثر من الفتيان.. وتُمثل المرأة حوالى 16% من القوى العاملة.. لكن في المقابل لا تزال معاناة المرأة السعودية على صعيد الواقع الحياتي كبيرة؛ إذ تعاني المرأة هناك في ملابسها من كثير من القيود؛ حيث يجب عليها ستر جسمها بالكامل، بارتداء العباية، في الأماكن التي يمكن أن يراها فيها الرجال، الذين ليسوا من أقاربها… ولذلك توجد أماكن خاصة بالنساء فقط، في بعض الطوابق من مراكز التسوق، مثلا، حيث يمكن أن تخلع المرأة العباية… لكن من لا تتبع تلك القواعد خارج تلك الأماكن تواجه انتقاد رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

                                السعودية والعلمانية

    لكن يبقى السؤال: هل يُمثل هذا القرار بداية لاتجاه السعودية نحو العلمانية؟.. قد يبدو هذا السؤال، الذي جاء عنوانًا لتقرير نشره “موقع الحرة”، صادمًا للوهلة الأولى، خصوصًا عند الحديث عن دولة تتمتع فيها المؤسسة الدينية بقوة مؤثرة في المجتمع.

   ولكن إذا فُهمت العلمانية هنا، بمعنى فصل الدين عن الدولة، فإن القرارات الخاصة بحقوق النساء تحديدًا، والتي اتخذتها المملكة خلال السنوات القليلة الماضية، تمنح السؤال أعلاه قدرًا من المشروعية.. “لقد اتخذت السعودية خطوات تجاه العلمانية، ولكن الأمر يحتاج وقتًا لقياس ردود الفعل”، وفق الكاتب والمحلل السياسي توفيق حميد، في إشارة إلى القوى الدينية التي تعارض خطط الإصلاح في المملكة.

رغم بساطة الخطوة… فإن السماح السعودي للمرأة بقيادة السيارة، يفتح المجال أمام استكشاف هشاشة الموانع السابقة ومعالم المرحلة القادمة لطبيعة علاقة الدولة بالشعب

وحسب هذا التقرير فإن الملك سلمان بن عبدالعزيز حطّم أحد ما اعتبر لعقود محرمًا دينيًّا بمنح المرأة الحق في قيادة السيارة، بعد سنوات من الجدل والنضال النسوي لنيل هذا الحق.. ورغم بساطة الخطوة، فإن حق المرأة بقيادة السيارة في السعودية، يفتح المجال أمام استكشاف معالم المرحلة القادمة لطبيعة علاقة الدولة بالشعب في السعودية، خاصة بعد تعيين الأمير الشاب وليًّا للعهد.

وأوضح حميد أن العلمانية التي يتحدث عنها ترتبط بالتعريف المتفق عليه في المنطقة العربية، وهو “احترام جميع الأديان والمساواة بين جميع المواطنين”.

 وحسب حميد فإن السماح للنساء بحضور احتفالات العيد الوطني في استاد الملك فهد بالرياض قبل فترة من القرار، وسحب سلطة إلقاء القبض على المواطنين من “الشرطة الدينية قبل أكثر من عام، كانت خطوات قوية في اتجاه التحديث”، وأشار إلى عاملين مهمين وراء التغيرات الجارية في السعودية، وهما: الحوار المجتمعي، وبالتحديد الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي، و”مشاهدة أنموذج لاستغلال الدين كما يفعل تنظيم داعش الإرهابي”.

     ولفت التقرير إلى أن المملكة كانت قد عيّنت، قبل أيام من القرار، فاطمة باعشن في منصب المتحدثة باسم السفارة السعودية بواشنطن، لتصبح أول سعودية تتقلد منصبًا من هذا النوع في تاريخ البلاد… واعتبرت باعشن – في حديث لشبكة “سي أن أن” الأميركية، أن قرار منح المرأة السعودية الحق في قيادة السيارة بالمملكة “مؤشر لما سيأتي لاحقا”.

  وبعد:

 لقد كشف الأمر السعودي في السماح للمرأة بقيادة السيارة هشاشه الموانع الدينية التي اعتمد عليها في الفترة السابقة… كما كشف عمّا صارت وما كانت عليه العلاقة بين السياسة والدين في هذا البلد الذي ظل الوحيد، الذي يحظر قيادة السيارة على النساء… بالإضافة الى ما ستكون عليه علاقة السلطة هناك بالشعب استجابة لمتغيرات قد لا نعرف عنها الكثير الآن.

   
 
إعلان

تعليقات