Accessibility links

إعلان

جيمس زغبي*

تشير العديد من التعليقات الصادرة عن الزعماء السياسيين والعسكريين والدينيين الإسرائيليين إلى أن كل الفلسطينيين يشكلون أهدافًا مشروعة لأنهم يدعمون «حماس» أو لأنهم صوتوا لصالحها، وبالتالي فإنهم مذنبون بارتكاب العديد من الجرائم التي ارتكبتها هذه الجماعة، وهنا عدد قليل من تلك التعليقات:

قال الرئيس الإسرائيلي: «إن الأمة بأكملها هي المسؤولة. ليس صحيحًا هذا الخطاب حول المدنيين غير المدركين أو غير المشاركين. هذا غير صحيح على الإطلاق»، وقال أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي: «أطفال غزة جلبوا الأمر على أنفسهم»، ووصف وزير الدفاع الحرب الحالية بهذه الطريقة: «نحن نقاتل حيوانات بشرية».

إن تصريحات من هذا النوع، والتي يتم فيها شيطنة مجموعة كاملة من الناس أو اعتبارهم مسؤولين عن تصرفات قلة منهم، هي تعصب محض. ونفس هذه العنصرية التي تم تطبيقها على مجموعات أخرى (مثل اليهود، أو السود، أو الأميركيين الأصليين) أدت إلى مذابح، أو اضطهاد، أو إبادة جماعية.

أولاً، من المهم أن نلاحظ، كما أفعل مع الفلسطينيين، الضحايا غير المرئيين: الصهيونية السياسية وحقوق الإنسان الفلسطينية، لقد روجت الصهيونية السياسية منذ فترة طويلة لهذه النظرة إلى السكان الأصليين في فلسطين باعتبارهم أقل تحضرًا، وأكثر عنفًا، وأقل جدارة من حركة المستوطنين التي سعت إلى تهجيرهم.

وقد وصف الصحفي اليهودي النمساوي المجري «تيودور هرتزل» مشروعه بأنه «معقل للحضارة ضد الهمجية»، وقد ردد هذا الوصف «حاييم وايزمان» (أول رئيس لإسرائيل والذي يعد أشهر شخصية صهيونية في التراث الصهيوني بعد هرتزل) عندما طلب الدعم من الغرب من خلال وصف الصراع الصهيوني العربي بأنه صراع بين «قوى الدمار والصحراء وقوى الحضارة والبناء»، واستخدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطابًا مماثلاً مجردًا من الإنسانية في الأسبوع الماضي، واصفًا الصراع المستمر بأنه صراع بين التقدم في القرن الحادي والعشرين و«التعصب الهمجي في العصور الوسطى»، و«صراع بين أبناء النور وأبناء الظلام»، وعلى مر السنين، كان القادة السياسيون والدينيون الإسرائيليون أيضًا يشيرون إلى الفلسطينيين على أنهم «صراصير» أو «ثعابين»، ولكن ماذا عن الادعاء بأن «كل الفلسطينيين يدعمون حماس»؟

تقدم استطلاعاتنا المتكررة في جميع أنحاء فلسطين وإسرائيل بيانات تفضح بسهولة هذا التوصيف. في استطلاعنا الأخير في غزة (يوليو 2023)، عرّف 11% فقط أنفسهم بأنهم من أنصار حماس، مقابل 32% عرّفوا أنفسهم بأنهم من أنصار فتح، وبالتأكيد فإن نسبة الـ 11% لا تشكل «جميع الفلسطينيين».

أما بالنسبة للادعاء بأن الفلسطينيين صوتوا لصالح «حماس»، وبالتالي فإنهم مسؤولون عن سلوكهم، فإن هذا التعميم الخطير من شأنه أن يُحمّل جميع الأميركيين المسؤولية عن تصرفات حكومة الولايات المتحدة، أو جميع الإسرائيليين، أو اليهود، المسؤولين عن الفظائع التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية، لكن الأهم من ذلك هو أن معظم الفلسطينيين لم يصوتوا لحماس، ومن فعلوا ذلك لم يصوتوا لهم للأسباب المشار إليها.

وفي استطلاعنا عام 2006، كان هامش تفوق فتح على حماس في غزة يتراوح بين 34% و29%. إذن، فكيف ولماذا فازت حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006؟

كان هامش فوز «حماس» الضئيل في انتخابات ذلك العام يتراوح بين 44% و41%. وسيطرت «حماس» على المجلس التشريعي بسبب طريقة توزيع المقاعد وبسبب الانقسامات الداخلية داخل فتح. وبينما يقول «النقاد» إن حماس فازت بسبب فساد السلطة الفلسطينية، فإن استطلاعات الرأي تحكي قصة مختلفة.

لقد تشكلت نتيجة انتخابات عام 2006 من خلال الرسالة الكلاسيكية «اطردوا المتشردين»، وكان يُنظر إلى «فتح» و«حماس» على حد سواء على أنهما فاسدتان، لكن الفساد لم يكن القضية الرئيسية في تلك الانتخابات. لقد فقد الفلسطينيون الأمل في السلام وفي تحقيق الدولة المستقلة، وحددوا أهم شواغلهم وهي إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين والحاجة إلى الأمن الداخلي. ومن المثير للاهتمام أنهم عندما سُئلوا عما إذا كانت احتمالات التفاوض على السلام مع إسرائيل تعتمد على نتائج الانتخابات، أجابت أغلبية قوية (بما في ذلك 70% من ناخبي حماس) بأنها ستختار «فتح»، لكن السلام لم يكن يلوح في الأفق، وكانوا يعرفون ذلك. لذا، بدلاً من ذلك، قال الناخبون لحركة «فتح» الحالية: «لقد كنتم في السلطة لمدة 10 سنوات، ولم تحصلوا على شيء من إسرائيل – لا دولة ولا سلام – لذا دعونا نرى ما يمكن أن يفعله الآخرون».

والانتقال من هذا الرأي إلى تبرير قتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء لأن «كل الفلسطينيين هم حماس»، وبالتالي مسؤولون عن أفعالهم، هو أمر عنصري ولا تدعمه الحقائق. وبالمناسبة، إنه نفس «المنطق» البغيض الذي يستخدمه أولئك الذين يبررون قتل الإسرائيليين الأبرياء بسبب الأعمال التي تقوم بها حكومتهم وجيشهم.

* رئيس المعهد العربي الأميركي – واشنطن

   
 
إعلان

تعليقات