Accessibility links

إعلان

وجدي الأهدل*

في صيف 2012 أُقِيمت أمسية أدبية، في مدينة آن آربور بولاية ميشيغن، لِأديبين عربيين، هما: الروائي عبدالعزيز الراشدي من المغرب، وكاتب هذه السطور من اليمن.
لم أتوقع أنْ يحضرَ أيّ أحد من أبناء الجالية اليمنية في ميشيغن، رغم أنّ هذه الولاية تضُم أكبر جالية يمنية في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن بعد انتهاء الفعالية فوجِئتُ برجُلٍ يماني أنيق الملبس يقتربُ مني، وعلى شفتيه ابتسامة واسعة، صافحَني واحتضنني وكأننا أصدقاء منذ زمنٍ بعيد، وقال إنها المرة الأولى التي يحضرُ فيها فعالية أدبية لأديب يمني.. عرفني بنفسه: “رشيد النزيلي، رئيس تحرير صحيفة اليمني الأميركي”، وعلى الفور توطدتْ أواصر الصداقة بيننا.

كان فخورًا بابن بلده، ويأملُ أنْ يكون لليمن حضور ثقافي وازِن، يوازي الحضور الثقافي لأبناء الشعوب العربية الأخرى.. كان بحكم عمله الصحفي يحتكُّ بأدباء من العراق وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر والمغرب العربي والخليج، وكان يحُزُّ في نفسه غياب الأدباء اليمنيين عن المهرجانات والفعاليات الثقافية في أميركا، وكان يتساءل: لماذا الأدباء اليمانيون مغيَّبون؟، أين الخلل؟!.. وقد أحسستُ في نقاشاتنا اللاحقة أنه ينوي فعل شيء ما، ولو خطوة بسيطة، لفتح أُفقٍ جديد للأدب اليمني.

من أين أتت فكرة جائزة الربادي للقصة القصيرة؟.. لقد أتتْ من رشيد النزيلي الذي ظلتْ الفكرة تختمرُ في رأسه منذ سنوات، وها هو اليوم يضعها موضع التنفيذ.. وهو يطمحُ، بالإضافة إلى رفع قيمة الجائزة، أنْ تشملَ مجالات أدبية أخرى كالشِّعر والرواية والمسرحية والدراسات النقدية.

نحن في بدايات مشروع ثقافي عظيم، يربطُ بين المثقفين اليمنيين المهاجرين في الولايات المتحدة الأميركية، وبين الأدباء اليمنيين في الداخل.

لقد أدركَ رشيد النزيلي أنَّ الأدب اليمني الذي تعثَّرَ حضوره خارج حدوده المحلية يعاني من خلل، وأنَّ مصدر هذا الخلل يأتي من الداخل، ولذا فكر أنَّ عليه المساهمة في بناء قدرات الشباب الموهوبين في الكتابة، والبحث عن دماء جديدة وضخّها في جسد الأدب اليمني.

وها هي الجائزة في دورتها الأولى تضيف إلى المشهد الثقافي اليمني ثلاثة مواهب شابة واعدة، نُراهِنُ عليها – منذ الآن – أنها ستُقدِّم أعمالاً أدبية مرموقة، وسيكون لها شأن كبير في المستقبل.

وهذه دعوة إلى كلّ المهاجرين اليمنيين الميسورين في الخليج وأوروبا وأميركا أنْ يهبّوا لإنقاذ الثقافة والأدب والفنّ في بلدهم، وأنْ يُساهموا قولاً وفعلاً في مشروع التنوير، وألّا يكتفوا بالتفرج من بعيد على بلدهم وهو يغرقُ في قاع الفشل؛ لِأنّ اليمن تستحق – هي أيضًا – أنْ تسيرَ على درب النجاح.

*كاتب يمني.

   
 
إعلان

تعليقات