Accessibility links

لماذا تدعم الولايات المتحدة بشكل شامل أوكرانيا؟ (تحليل) 


إعلان

سفيرة أوكرانيا في الولايات المتحدة الأميركية مع السيدة الأولى زوجة الرئيس بايدن، أثناء الخطاب لهذا العام

 

واشنطن – “اليمني الأميركي”:
في عصر الحروب الثقافية والحزبية المفرطة في الولايات المتحدة، يبدو أن السياسيين والشركات والمعلقين الأميركيين متحدين في دعم أوكرانيا ضد الغزو الروسي.

لم تُظهر الولايات المتحدة هذا الإجماع الأيديولوجي على قضية ما في دعم دولة أجنبية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

في وقت سابق، من شهر مارس/ آذار، وافق الكونجرس على 13.6 مليار دولار كمساعدة لأوكرانيا، وأعلن الرئيس جو بايدن أيضًا 800 مليون دولار كمساعدات عسكرية إضافية للبلاد.

بخلاف الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، تبذل الولايات المتحدة كلّ ما في وسعها لمساعدة أوكرانيا في الحرب.

حتى الأمريكيون العاديون، الذين لا يرون السياسة الخارجية كأولوية بشكل عام، يُظهرون تضامنهم مع الأوكرانيين.

فلماذا تنحاز الولايات المتحدة بلا هوادة إلى جانب أوكرانيا في الصراع؟

من منظور جيوسياسي، تظل روسيا – خليفة الاتحاد السوفيتي، الذي خاضت معه الولايات المتحدة حربًا باردة استمرت 45 عامًا – منافسًا استراتيجيًّا للولايات المتحدة، على الرغم من دورها المتضائل في أوروبا.

الناتو

لقد دأبت واشنطن على توسيع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، في أوروبا الشرقية ضد احتجاجات موسكو.

تأسس (الناتو)، المعروف رسميًّا باسم منظمة حلف شمال الأطلسي، في عام 1949 كثقل موازن للقوة العسكرية السوفيتية، وينص على أن أعضاء الحلف لديهم اتفاقية دفاع جماعي، مما يعني أن الهجوم على دولة واحدة في الناتو هو هجوم على جميع دول الكتلة.

يدعو شكل الحلف إلى التكامل الأمني، ​​وغالبًا ما يؤدي إلى الوجود العسكري الأميركي المباشر على أراضي أعضاء الناتو.

من منظور روسي، فإن توسع الناتو في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، يضع عمليًّا جيش الولايات المتحدة على حدود روسيا، وهو أمر لن تسمح به واشنطن أبدًا لخصم في نصف الكرة الغربي.

السبب المعلن لروسيا لغزو أوكرانيا هو جهود كييف للانضمام إلى الناتو، وهي دفعة مكّنتها السياسة التي تقودها الولايات المتحدة لتوسيع الناتو، وعلى هذا فإن تحرك موسكو العسكري في كييف بالنسبة لواشنطن، هو هجوم على حليف أميركي لوقف السياسة الاستراتيجية لأميركا في أوروبا.

كانت أوكرانيا تحاول الانضمام إلى الناتو، لكنها ليست عضوًا في الحلف.

بالرغم من أن الحرب في أوكرانيا مدمرة وغير قانونية – وفقًا للقانون الدولي، إلا أنها ليست الأكثر دموية في التاريخ الحديث.

على المحك

غزت الولايات المتحدة العراق عام 2003، مما أدى إلى صراع ما يزال مستمرًّا، ومن شأنه أن يدمر البلاد ويزعزع استقرار المنطقة بأكملها.

ليس بعيدًا عن العراق، شنت إسرائيل مرارًا وتكرارًا غارات على أراضي جيرانها بدعم من الولايات المتحدة، كما تُواصل إسرائيل احتلال الضفة الغربية بشكل غير قانوني، بما في ذلك القدس الشرقية، بينما تفرض حصارًا خانقًا على غزة، وهي السياسات التي وصفتها جماعات حقوق الإنسان الغربية السائدة، بما في ذلك (هيومن رايتس ووتش) ومنظمة العفو الدولية، بالفصل العنصري.

قبل ثلاث سنوات، اعترفت الولايات المتحدة بادعاء إسرائيل بالسيادة على مرتفعات الجولان السورية، الأرض التي تم الاستيلاء عليها بالقوة في عام 1967، مما أدى إلى انتهاك صارخ لمادة أساسية في القانون الدولي.

وهكذا، فإن غضب الولايات المتحدة بشأن غزو أوكرانيا ليس متجذرًا بالكامل في الاهتمام المعلن بالقانون الدولي وسلامة الأراضي.

كثيرًا ما يتحدثُ وزير الخارجية، أنطوني بلينكن، عن «النظام القائم على القواعد»، لكن يبدو أن مرجعية القانون الدولي تُصبح مقدّسة لواشنطن فقط عندما يكون ذلك في مصلحة أميركا.

لا يستحقون الحرب!

ولكن بعيدًا عن السياسة والموقف الرسمي للحكومة الأميركية، تُظهر أوكرانيا كقضية مناهضة للاحتلال مسموح بها، ديفيد ضد جالوت، ليتبناها الأميركيون.. لدرجة أن الشخصيات الفلسطينية المناهضة للاحتلال، بما في ذلك عهد التميمي التي سُجنت بتهمة صفع جنود الاحتلال الإسرائيلي، تم اعتبارها، زورًا، رموز مقاومة أوكرانية.

يُمكن إرجاع هذا الدعم الأميركي المتزايد لأوكرانيا، على المستوى الشعبي، إلى التغطية الإعلامية المكثفة للصراع، بالإضافة إلى ميل الأميركيين إلى التماهي مع الأوروبيين، الذين يرون أنهم يشبهون أنفسهم، في ظل الحرب.

كانت هناك زلات لسان لا حصر لها من قِبَل المراسلين والمعلِّقين الأميركيين والأوروبيين الذين أشاروا إلى أن الأوكرانيين بِيض ولا يستحقون الحرب أكثر من العرب والمسلمين والسوريين واليمنيين.

«هذا ليس مكانًا، مع كل الاحترام الواجب، مثل العراق أو أفغانستان، الذي شهد صراعًا مستعرًا لعقود.. كما تعلمون، هذا مكان متحضر نسبيًّا وأوروبي – يجب أن أختار هذه الكلمات بعناية أيضًا – حيث لن تتوقع ذلك أو تأمل في حدوثه»، قال مراسل (سي بي إس نيوز) في وقت مبكر خلال الغزو من كييف.

الديمقراطية

هناك أيضًا فكرة أن أوكرانيا تُعتبر دولة ديمقراطية، وروسيا كدولة ديكتاتورية في عهد فلاديمير بوتين.

الولايات المتحدة، التي تفتخر بأنها «زعيمة العالم الحر»، ترى في الغزو هجومًا على الحكم الديمقراطي.

لهذا السبب يتعامل السياسيون مع الصراع في أوكرانيا باعتباره كفاحًا من أجل الديمقراطية، ويستخدمون عبارات تعود بالذاكرة إلى الحرب الباردة والأيام الأولى لـ «الحرب على الإرهاب» حول حماية «أسلوب حياتنا».

يقول المسؤولون الأميركيون إنهم يريدون التأكد من أن أوكرانيا لديها الأدوات (الأسلحة) التي تحتاجها لمقاومة الغزو الروسي والاحتلال اللاحق.

بعد كل شيء، تعرف واشنطن جيدًا من تجاربها الخاصة في فيتنام وأفغانستان والعراق أن جيشًا غازيًا غير مرغوب فيه نادرًا ما يفوز.

«ما هو على المحك هنا هو المبادئ التي تؤيدها الولايات المتحدة والأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم، إنها تتعلق بالحرية، إنها تتعلق بحق الناس في تقرير مستقبلهم.

يتعلق الأمر بالتأكد من أن أوكرانيا لن تكون أبدًا انتصارًا لبوتين».. قال بايدن في خطاب ألقاه في 16 مارس/ آذار، «بغض النظر عن التقدم الذي يحققه في ساحة المعركة».

خلاصة القول، إن الدعم الأميركي لأوكرانيا مدفوع بمزيج من المصالح، والجغرافيا السياسية، والقيم المعلنة ذاتيًّا، والتضامن على نطاق واسع مع الأوكرانيين على أنهم أشخاص «مثلنا» يدافعون عن الديمقراطية.

   
 
إعلان

تعليقات