Accessibility links

لاعبونا والاحتراف.. خلطات إبداع وأوجاع!


إعلان

اللاعب اليمني ليس (بيت وقف) ولا (حصانًا) ينتظرُ رصاصة الرحمة..!

صنعاء – عبدالله الصعفاني*

من حقِّ اللاعب اليمني أنْ يطوِّر مستواه في كرة القدم.. يعيش، يتزوج، يفتح بيتًا، يمتلك ثمن العلاج لِأمِّه المريضة، ويتخلص من الفقر والفاقة عن طريق احتراف اللعب في أندية قادرة على الإنصاف.. وإذا كانت ظروف ناديه لا تسمح برعايته وتشجيعه في ظل مسابقات محلية متوقفة بسبب الحرب وفشل المسؤولين عن الرياضة، فلماذا يتم تركه معلَّقًا يتسوَّلُ إما فرصة التسريح بإحسان أو اعتزال كرة القدم، وهو في بواكير موهبته؟!

لا يجوزُ أنْ يتحول لاعب الكرة إلى بيتِ وقْف، ولا إلى حصان حكومة ينتظر رصاصة الرحمة، كما يقال في مصر.

اتركوا لاعب الكرة يحترفُ في نادٍ محلي أو خارجي قادر على الدفع به إلى الأمام.. ساعِدوه على أنْ يضمن معيشته في النادي المناسب، أو ارتقوا إلى مستوى العطاء الذي يستحقه.. ولا تنسوا أنْ الاحتراف في الخارج فرصة كي يكتسبَ اللاعب اليمني قوى بدنية أفضل، ومهارات جديدة، وخيالًا كرويًّا أوسع.

بالمناسبة.. لوائح الاحتراف، التي صارت عالمية، نصوصٌ جامدة وبلا خيال؛ لأنها لم تُراعِ خصوصية لاعبي البلدان الفقيرة حتى استقوت إدارات الأندية عليه؛ فشاهدناه يستجدي الرحمة هنا وهناك، وكأنه عامل آسيوي بين يدي كفيلٍ معجونٍ بالقسوة.

 

تجارب احتراف..!

هذا العام تابعنا احتراف لاعبين يمنيين وسط حالة من الشدّ هنا والجذب والعجز هناك، ولولا قيام إعلاميين وناشطين رياضيين بالتعاطف مع اللاعبين لهُدِّمت أحلام نجوم، وزادت أوجاع مواهب، وشاهدنا لاعبين مميزين يختفون من الأندية والمنتخبات كمَدًا وحسرة..!!

يتضحُ من الظروف التي أحاطتْ بالانتقالات أهمية أنْ يتمتعَ اللاعب بالوعي باللوائح المنظِّمة حتى لا يورط نفسه بعقوبات، وأيضًا انسجام الطاقم الإداري لكلِّ نادٍ من ناحية أخرى

 

انفراجٌ بعد مخاض

ولو تَتبَّعنا تفاصيل احتراف بعض اللاعبين، سنجد أنّ أكبر عملية شدّ وجذب هي عملية احتراف لاعب شعب صنعاء عمر الداحي في نادي أسوان المصري.

لقد وقَّعَ الداحي لِأسوان فغضبتْ إدارة ناديه الأصلي، وهددتْ باللجوء إلى الاتحاد الدولي لكرة القرم (الفيفا)، مستندةً على أنّ النادي ما زال يحتفظُ بكرْت اللاعب، ولا يحقّ له اللعب في أيّ نادٍ بدون موافقة “الشعب”.. فاستعطف اللاعب ناديه، وخطب ودّ عدد منهم، خاصة بعد أنْ أمهلته الإدارة يومين لتسوية أمر حقوق “الشعب” بمبلغٍ ظهر كبيرًا في البداية، أو اللجوء إلى “الفيفا” وتعطيل مستقبله؛ ما جعله يستعين بوسطاء لينتهي الأمر بتسوية مُقْنعة للطرفين.

لقد كشف أمين عام نادي الشعب – صنعاء خالد المقطري عن حصول ناديه على مبلغ مالي مقابل انتقال الداحي إلى أسوان لثلاثة مواسم، ولم يكشف عن المبلغ، وذكَر أنّ ناديه لم يرفض احتراف الداحي، وإنما اعترض على سوء إدارة سمسار مصري غير مرخص له من اتحاد بلده.

ثم تبادل الشعباوية مع لاعبهم المنتقِل عبارات الإطراء المعروفة عندما تنقشع سُحُب، ويقع السمن على العسل..!

 

لاعبون رتَّبوا أوضاعهم

وفيما لم تنتصب أيّ عوائق أمام استمرار احتراف عبدالواسع المطري في النصر العماني، وناصر محمدوه في نفط ميسان العراقي، وأحمد السروري في نادي في شباي المحمدية المغربي، تفاعل نادي اليرموك مع رغبة لاعب وسطه أسامة عنبر في اللعب لنادي ايجلز المالديفي لموسم واحد بعد أن كان احترف في أحد أندية الدرجة الثانية بمصر، وهو ما نجح فيه لاعب نادي 22 مايو مفيد جمال بالاحتراف في نادي الطلبة العراقي، الذي سبق ولعب لنادي القاسم العراقي أيضًا.

وفي الانتقال الداخلي كانت هناك بوادر خلاف في موضوع انتقال لاعب وحدة عدن محسن القراوي إلى شعب المكلا بعد توتُّرٍ بين الناديين؛ بحجة أن توقيع القراوي لم يكن قانونيًّا، لكن قراوي وصف عملية انتقاله بالسلِسة، وفي هذا الوصف من الذكاء ما يُبقي على  العلاقة بجماهير ناديه السابق (الأخضر العدني).

 

قليلٌ من الوعي

ويتضّحُ من الظروف التي أحاطت بالانتقالات أهمية أنْ يتمتعَ اللاعب بالوعي باللوائح المنظِّمة؛ حتى لا يورّط نفسه بعقوبات، وأيضًا انسجام الطاقم الإداري لكلّ نادٍ من ناحية أخرى.. فقد حدث تباين داخل إدارة شعب صنعاء عندما  تمسَّكَ الثلاثي راجح القدمي وخالد المقطري وعلي العواضي بحصول النادي على حقوقه، فيما تعاطف فؤاد العابد مع اللاعب لأسباب إنسانية حتى لا أشير إلى سبب آخر.

ومع تسريب لاعب أهلي تعز جهاد عبدالرب خَبَرًا عن فرصة احتراف لم يكشف تفاصيلها، تبرز حاجة اللاعبين لتطوير وعيهم بالمواد القانونية المحلية والدولية التي تُنظِّمُ الاحتراف حتى لا يقعوا في أخطاء التسرع المستفز قبل الوفاء بتكييف الرحيل مع لوائح الاحتراف والانتقال.

وكما هو معروف فإنّ المحرّك الأول لأيّ انتقال هي رغبة اللاعب وموافقة ناديه، فضلاً عن الإدراك المشترك لحسنات الانتقال مثل فرص تعويض اللاعب اليمني لضعف تكوينه الجسماني بالتدريب في أجواء مختلفة تُكسِبَه ملامح القوة البدنية، ومهارات الضغط على المنافس، والاحتفاظ بالكرة، والتمريرة بدِقّة خارج التشتيت الذي تعاني منه المنتخبات الوطنية نفسها..!

 

حقائق مُهِمَّة

ولا بُدّ هنا من التعاطي مع حقائق على درجة كبيرة من الأهمية… كالاعتراف بحقّ النادي في ضمان مبلغ مالي من انتقال لاعبه إلى نادٍ آخر دون تعسّف أو مبالغة خاصة عندما تكون خزينة النادي فقيرة عاجزة عن توفير أبسط سُبُل الدعم المادي للاعبين.

وقد تابعنا كيف أنّ لاعبينا المحترفين يوقّعون على عقود قصيرة الأجل، وبأجور متواضعة بسبب سمعة الكرة عندنا، وموقعنا البائس على خارطة الكرة العالمية.. ورغم ذلك لابأس… امنحوهم الفرصة؛ فالقليل من عقود الاحتراف الخارجي يكون كثيرًا في مثل حالاتهم مع أنديتهم.

ومهمّ جدًّا إدراك أنّ الاحتراف صار واقعًا إيجابيًّا، وطريقًا لاستفادة اللاعب، وكلّ من الناديَين القديم والجديد، وجماهير أكثر الألعاب إثارةً للنقاش والجدل.
صحيح أنّ اللاعب يستغل مناسبات لِيُكرِّر اسطوانة أنّ ناديه هو بيته الثاني، لكن هذه العاطفة لا تعني أن يقبر أحلامه في نادٍ بائس فقير في زمن احتراف تخلصتْ فيه الاتحادات الدولية من مفردة الهواية في أدبياتها.

من حق اللاعب اليمني أنْ يُحقِّق طموحاته المادية في أندية قادرة على تأمين معيشته وتطوير مستواه ومستوى المنتخب.. لا أنْ يصبح بائسًا معاقًا وشديد الشبه بالبيت الوقف أو الحصان العجوز الذي ينتظرُ مكافأة نهاية الخدمة المتمثلة برصاصة الرحمة.

كاتب يمني*

   
 
إعلان

تعليقات