Accessibility links

كيف اقتحم اليمنيون مربع الذهب في كأس العرب..؟ (الحكاية.. والرِّواية..)


إعلان

عبدالله الصعفاني*

استثار كوكبة من الناشئين اليمنيين المهرة جماليات قلوبنا بارتعاشات حب، وخلجات شوق، وحققوا ما لم تحققه عشرات السفارات ومئات الميكرفونات السياسية الفاجرة.

فكيف تحقق ذلك رغم ما أبداه بعضنا من التطيُّر..؟ كيف حققتم ذلك يا فتيان؟ وبأي أقدام ورؤوس وأذهان صنعتم هذه الأفراح..؟

* لم تهزوا أيها الأبطال شباك السودان، ممسكين بأحد أضلاع مربع الذهب بعد أن طرقتم مرمى كلّ من سلطنة عمان وتونس وليبيا لتصعدوا إلى المربع الذهبي لكأس العرب تحت ألحان (بلاد العُرب أوطاني)، وإنما حركتم قشعريرة وجماليات قلوب 30 مليونًا، التقوا في مدينة وهران الجزائرية حول فكرة اليمن المنكوب بأدعياء الانتماء الأجوف..! 

* ببساطة.. لقد التقت عناصر تحقيق الإنجاز لتنسف حتى فكرة المعسكر الإعدادي السندوتشي الهزيل ومباريات الاستعداد الباهتة كالعادة..!

فكيف تحقق ذلك من رحم الفكر الإداري العقيم..؟ 

* لاعبون مهرة، موهوبون بالفطرة.. 

ممتلئون بالحماس، ومدرب حاذق، سبق وأن خطف بطولة الدوري اليتيم للأندية اليمنية بفريق لا أقلل من شأنه لو وصفته بالفريق الريفي.. نادي فحمان البطل الذي أبدع وأمتع وأخرج لسان السخرية لكبار أندية العاصمة صنعاء في منافسة أرجو ألّا تتعثر..! 

* أخذ تلاميذ الكابتن محمد البعداني من فوزهم على شقيقهم العماني بالثلاثة حافزًا.. ومن تعادلهم مع نسور قرطاج فكرة، ومن تعادلهم مع ما فاض به النهر الليبي الأخضر عبرة، ليكون الفوز على أبناء النيل بسحنته السمراء مكانًا عليًّا في حدائق الفرحة.

* لعب فتيان اليمن مع عمان تحت شعار الهجوم أفضل وسيلة للدفاع، ولعبوا مع تونس وليبيا بنظام، إذا لم تكسب فلا تخسر، وخاضوا أبرز جولات التحدي على بطاقة خطف تذكرة بلوغ مربع الذهب بحماسة اليمني عندما يكون ابن أبيه وأمه، المتطلع لإسعاد عمه وإزالة همه وغمه.. وعذرًا لو بدوت عاطفيًّا في الزمن الأغبر.. فالقلب وما يريد وعلى المتشائم أن ينفخ في ما تيسر من الزبادي..!

* وتقول تفاصيل أربع مباريات في كأس العرب أنهم لعبوا ونصب أعينهم

ملايين من الداعين لهم في ظهر الغيب، فضلاً عن جمهور طلبة وعمال طردهم ضيق حال وطن يجمع بين فيروس فساد، وقسوة وترهل وحماقات قيادات ودعاء مباعدة في الأسفار، ووباء سياسة تحولت إلى نخاسة.! 

* لعب منتخبنا الشوط الثاني بامتصاص لافت لمحاولات الهجوم السودانية الضاغطة الخطرة، خاصة مع تحركات موسى كانتي، المعروف بتحليقه المدهش من اليسار، واستحضر أبطال اليمن الواعدين في مواجهتهم فن وهندسة صنعاء وشبام حضرموت وصهاريج عدن للمحافظة على فوز مهم مباراة كسر عظم، ومفتوحة من أول صافرة للحكم الجزائري بقواسة إلياس.

* واجهوا فارق البنيان الجسماني لعناصر المنتخب السوداني بإدراك متطلبات وضع النفس تحت الضغط، خاصة ما جعلني أتذكر الثلاثي الكوكباني وهو يسجع بـ (يا بطل السَّبق الميداني.. حيَّا بك رحَّب بك كل يماني..)

* تجنب الأبطال الاحتكاك المباشر ما استطاعوا.. تغلَّبوا على معول الأداء الفردي الأناني.

 لعبوا الكرات في أرض الملعب وليس في سماء الرؤوس السودانية..

 وكان الانضباط التكتيكي الجمالي في الشوط الأول لافتًا، والحضور الذهني في الشوط الثاني مستوعبًا لمتطلبات الاحتفاظ بهدف الطارق أنور الطريقي من ضربة جزاء برزت فيها مهارة الأسمراني محمد البرواني في الدقيقة 25 من عمر المباراة.

* والحق أن خيار اللجوء إلى فواصل ترفع الضغط كان واردًا في الشوط الثاني عندما استحضر السودانيون حقيقة أنه لا خيار أمامهم غير الرد.. 

لكن حامي العرين اليمني وضاح أنور ورفاقه في خط الظهر استدعوا النزعة الدفاعية المستميتة لتجنب ما لا تحمد عواقبه، وهو الخيار الذي أثبت فعاليته ونجاعته..! 

* (وإذَن) فقد حسم ناشئو اليمن الأبطال أمور الفوز في الشوط الأول، تاركين لنا أعصاب المخاوف من أن تسير الرياح السودانية بما لا تشتهيه السفن اليمانية التي لمعت، وفسَّرت مخاوف الإعلام والناشطين السودانيين حول حاجتهم للعب الكرة الطويلة للتغلب على الجمل التكتيكية المهارية لليمنيين الذين سيجعلون من المباراة (ماسهلة) حسب اللهجة السودانية المحببة لنا، وحسب وصفهم لليمني الناشئ بأنه مراوغ، سريع الحركة، قصير لكنه مزعج.. وبأن السودانيين سيتعبون لو الدفاع (مامركِّز)، وأن عليهم استغلال الضعف في هذه الناحية.

* ومما يضاعف أهمية إنجاز وصول ناشئي اليمن إلى المربع الذهبي، دون أن الكرة السودانية أندية ومنتخبات عريقة تاريخيًّا وأفضل حضورًا.

ومعروف أن تأهل المنتخب السوداني إلى الدور ربع النهائي جاء من هزيمة الإمارات (2/ صفر)، وفوز على فلسطين (3/ صفر)، وخسارة من منتخب البلد المضيف الجزائر (صفر /2). 

* ويبقى القول إننا سنواصل حالة التفاؤل بمنتخبات الناشئين لسببين: 

الأول أن اللاعبين اليمنيين موهوبون بالفطرة، وأن الجمهور اليمني هو الأعلى صوتًا ومحبة لمنتخبات بلده.. والأهم في هذه الزاوية أنك ستسمع دوي جمهور اليمن وهتافاته الصاخبة حتى لو لعب الفريق اليمني في كوكب المريخ.

* ميزة مثيرة للزهو أن الجمهور اليمني دائمًا في حالة حضور خارجي، وقد سبق وأن دفع المغتربون اليمنيون مدربًا برازيليًّا في السعودية للقول: 

أعطوني مثل هذا الجمهور، واعرفوا (أمور)، أو كما قال..! 

ويارب نسألك الفرَح.. 

كما سألناك دائمًا: السلام.. والفَرَج.

* كاتب يمني

   
 
إعلان

تعليقات