Accessibility links

عبدالهادي السودي شاعر أهل الحقائق – مولده في بضع وسبعين وثمان مئة هجرية – ووفاته سنة 932هـ


إعلان

وضاح عبدالباري طاهر* 

عبدالهادي السودي أحد أقطاب العلم والشعر التصوف. ينتسب إلى الولي سود بن كميت(1)، وينتهي في نسبه إلى عك، وهو من أسرة تسكن جهة المحالب، إحدى المدن التهامية المجاورة لحجة، والتي كانت محل نفوذ الدولة الرسولية.

لقد احتضنت حجة المذاهب الثلاثة: الإسماعيلية، والزيدية، والشافعية، وكان للسياسة الضلع الأقوى في إذكاء الصراعات المذهبية بين منتسبيها. 

وبهذا الاتصال والتقارب الجغرافي، نلاحظ ميل بعض قرابة الشيخ السودي المتقدمين إلى الأئمة الزيدية ميلاً روحيًّا، فأُزعجوا عن موطنهم، وشُرِّدوا عن بلدتهم في إطار الصراع الدائر بين الرسوليين والأئمة الزيديين.

وقد استقرت بعض قرابة السودي في المحرث – بلدة في جبل ملحان، ويبدو وفقًا لـ (النور السافر) أن أسرة الشيخ عبدالهادي انتقلت أيضًا إلى شظب؛ فنسبت إليهم السودة المشهورة الآن باسم سُودة شظب، والتي لا نجد لها أيّ ذكر أو وجود أيام العلامة لسان اليمن أبي محمد الحسن بن أحمد الهمداني. 

ترجمه المؤرخ عبدالقادر العيدروس في (النور السافر)، ص 143، فقال: “الشيخ الكبير، والعلم الشهير. قطب العارفين، وسلطان العاشقين أبو عبدالله محمد بن علي بن محمد(2) بن إبراهيم بن محمد السودي الشهير بالهادي اليمني بتعز، وقبره مشهور بها يزار، عليه قبة عظيمة. أحد الأولياء الكبار، والمشايخ المشهورين في الأقطار، وأحد من تنزل عند ذكرهم الرحمة، وكان من العلماء الراسخين، والأئمة المتبحرين، ودرس وأفتى، ثم طرأ عليه الجذب، وصدرت منه أمور تدل على أنه من العارفين بالله، ورويت عنه كرامات”.

 

 الثناء على شاعريته:

قال العيدروس: “وله ديوان مشهور، وشعر رائق على طريقة أهل التصوف، ونظمه هذا ما وقع إلا بعد الجذب. وحكي أنه كان ما يقوله إلا في حال الوارد مثل ابن الفارض، فكان يكتب بالفحم فوق الجدران، فإذا أفاق محا ما كتبه من ذلك، وكان فقراؤه بعد أن علموا منه ذلك، يبادرون بكتب ما وجدوه من نظمه على الجدران، فيجمعونه بعض إلى بعض. وحكي أن بعض المنشدين أنشد بين يديه قصيدة من نظمه، فطرب لها، وتمايل عليها، ثم سأل عن قائلها، فقيل: إنها من نظمك، فأنكر ذلك، وقال: حاشا ما قلت شيئًا، حاشا ما قلت شيئًا”. وصاغ رقائق الشعر، وحظي من ذلك بالعجيب، فإنه شعر سائل فتان في ذروة لا يُلحق، وقد سمته بعض الناس ابن فارض اليمن، فاشتهر شعره، وعكف عليه أرباب الهوى، فقيل له في ذلك، فقال: لهم المغنى، ولنا المعنى”.

وقال عنه محمد بن عمر الطيب بافقيه في (تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر)، ص172: “له ديوان شعر عظيم رائق النظم، مشهور على طريقة أهل التصوف، على قواعد أهل البديع، جاء فيه بكل معنى بديع”. وذكر أن شعره كان يقوله عند الوارد مثل ابن الفارض، والفقيه الصوفي عمر با مخرمة. 

وحين يذكر الأستاذ الدكتور جعفر الظفاري في كتابه (الشعر الحميني في اليمن)، ص103 فحول الشعر الحميني كالمزاح، والعلوي، ومحمد عبدالله شرف الدين، وحيدر آغا، وعبدالله بن علوي الحداد، والحسين بن علي، والجحافي- نجده يخص السودي من بينهم بأنه: “السماك الرامح، والوشَاح الذي لا يجارى، وأمير الشعر الحميني في المنطقة اليمنية، وعبر جميع عصور التاريخ اليمني وأدواره”.

وبتتبع سيرة السودي نرى أنه تميز عن غيره من صوفية اليمن المشهورين أنه كان على اطلاع، إلى جانب التصوف، على ثقافتين مختلفتين، وهي الاعتزال والتسنن، فهو بحسب الشوكاني في كتابه (البدر الطالع)، ولد ونشأ في صنعاء، ويظهر هذا جليًّا أيضًا في قصيدته التي يظهر فيها تأثره بأبيات لابن أبي الحديد المعتزلي شارح نهج البلاغة، والتي يظهر فيها حيرته وقصور معرفته عن إدراك الحكمة أو الحقيقة الإلهية:

فيك يا أغلوطة الفكر… تاه عقلي وانقضى عمري

سافرت فيك العقولُ فما… ربحت إلا أذى السفرِ

رجعت حسرى وما وقفت…لا على عينٍ ولا أثرِ

فلحى الله الألى زعموا… أنك المعلوم بالنظرِ

كذبوا إن الذي طلبوا… خارجٌ عن قوةِ البشرِ

وأبيات السودي هي:

ليس عند القوم من خبرِ … عنك يا أغلوطة الفكرِ

تاهت الألباب فيك وما … ميزت وردًا من الصَدَرِ

حيرة عمت فأي فتى … رام عرفانًا ولم يحِرِ

عميت أنباء ذاك على … كلهم في البدو والحضرِ

فانثنوا والله ما وقعوا … لا على عين ولا أثرِ

بل عظيم القوم مطلبه … شدة التحيير والحصرِ

كيف حاروا فيك واعجبًا … يا منى سمعي ويا بصري

أنت لا تخفى على أحدٍ … غير أعشى القلب والفكرِ

والسودي، وإن بدا في آخر أبياته أكثر اطمئنانًا بالمعرفة التي أفادها من سلوك طريق التصوف، دون ابن أبي الحديد المتكلم المعتزلي الذي لا يختلف عن غيره من سائر المتكلمين، معتزلة وأشاعرة الذين عصفت بهم رياح الحيرة، وغمرتهم ظلمات الشكوك كالغزالي في أول أمره، والفخر الرازي والجويني، لكنه في كلامه لم يطّرد في أبياته، اطّراد ابن أبي الحديد، إذ ناقض أول كلامه آخره، وذلك بوصفه المولى سبحانه بأغلوطة الفكر، ولنا أن نحمل أول الأبيات على بدايات الشيخ السودي، ثم إنه استقر قراره، ووجدت روحه ضالتها المنشودة بعد سلوك طريق التصوف. 

هذا وقد شرح أبيات السودي ابن علان الشافعي، وهو أحد أئمة التصوف في عصره، وكذلك عبدالقادر الفاكهي في مؤلفه (نفحة السحر في معنى ليس عند الخلق من خبر).

ويذكر المؤرخ إبراهيم بن القاسم ابن الإمام المؤيد في (طبقات الزيدية)(3) عن السودي: أنه تربى في حجر والده حتى ختم القرآن، ثم توفي والده، وكان له إخوة وأعمام يشيرون إليه بالتبجيل والاحترام، وكان دأبه الاشتغال بالعلوم الموصلة إلى الله من صغره، ولم يلتفت إلى ما خلف له والده من العقار والضِياع والعبيد والإماء، وكانوا خمسين عبدًا وجارية، فأعتق الجميع، وتوجه لطلب العلم، فأول ما قرأ على الشيخ المحدث يحيى بن أبي بكر العامري، فكان الشيخ يحيى يجيزه بنفس مروره على الكتاب، فأنكر عليه بعض الطلبة، فقال الشيخ يحيى: والله إني لأستفيد منه أكثر مما يستفيد مني، وأيضًا قد منح العلوم منحة إلهية، ثم أجازه(4).

بعد حصول السودي على الإجازة، اتجه إلى مكة، فأخذ على ابن أبي كثير، وأبي عبدالله الشاوري(5) (النيسابوري في نسخة الأستاذ المنصوب)، كما أخذ عن العلامة السمهودي، ثم اتجه إلى صعدة، فأخذ على قاسم بن محمد بن منصور، وهو من ولد القاسم بن يوسف الداعي، وكان هذا الرجل العلامة من العباد الصالحين. يصفه الشيخ السودي بأنه الكبريت الأحمر، والياقوت الأزهر، ممن فهم أسرار البدايات، وأُطلع على عالم النهايات، بحر الحقائق وموضح الطرائق.. إلخ وصفه له. وقد درس السودي علي يد قاسم بن محمد بن منصور في علم المعاني والبيان، كما أخذ قاسم بن محمد عن السودي في علم الحديث.  

ومما يدل على قراءة السودي لكتب أهل الاعتزال، وإن كنا لا نستبعد أيضًا قراءته لكتب الزيدية، وإن لم يكن في أيدينا نص قاطع بذلك، سوى ما ذكره المؤرخ ابن ابي الرجال في كتابه (مطلع البدور ومجمع البحور) أثناء ترجمته للعلامة محمد بن أحمد مرغم، أنه لما كثرت إقامته في الأبناء، وترك نزول صنعاء المحمية، وكان الشيخ عبدالهادي يريد أن يسمع عليه الكشاف، ولم تسمح نفسه بالخروج إلى ابن مرغم إلى الأبناء؛ حرصًا على مجالس العلماء في صنعاء، فكتب عبدالهادي إلى القاضي:

حاشاك أن تبقى مُعَنَّى دائمًا … ما بين حرَّاثٍ وسانٍ ساقي

يملي عليك حدا بهائمه التي … تملي الدلاء بمائها الدفَّاقِ

فأجاب القاضي رحمه الله:

كَلِمٌ أتت(6) من طيّبِ الأعراقِ … صافي الوداد مهذب الأخلاقِ

… حتى قال:

أهلي وأولادي ومالي دائمًا … قد أوثقوني في أشد وثاقِ

أما يحيى بن الحسين في كتابه (المستطاب)، فقد وقع في الغلط، فترجم السودي مرتين، مرة باسم الهادي بن علي السودي، والثانية باسم محمد بن علي السودي ظنًّا منه أنهما شخصان مختلفان، وأنهما أبناء عم، غير منتبه إلى أن الهادي هو الاسم الذي شهر به، وأن اسمه هو محمد بن علي.

كما ذكر أيضًا عن الإمام شرف الدين بأنه ذكره في شرحه على خطبة الأثمار فقال عنه: “إن له معرفة بعلم الحديث، ثم إنه مال إلى التصوف، ولبس الخرقة، واعتمد الأشعار، وارتكب الخلاعات وترك الجمعات”. وقد حاول يحيى بن الحسين أن يتأول له فقال: إنه رأى كلامًا يدل على أن الشيخ السودي أصابه خبال.

وقال القاضي الأكوع عنه في (هجر العلم ومعاقله)، 3/1765- 1766 أنه: “أغرق في التصوف، ونسب إليه صاحب سيرته أمورًا شطح فيها حتى خرج إلى ما لا يعقل”.

والحق أن هذه قضية خلاف قديم بين الصوفية والفقهاء، وللصوفية اصطلاحاتهم وأحوالهم التي تسلم لهم، والتي لا يلم بها الفقهاء، ولا يقفون على حقيقتها.

وبهذا يتبين أن أئمة الزيدية لم يكونوا على رأي واحد تجاه التصوف والصوفية، وقد قيل كما ذكر صاحب (المستطاب) أن الإمام شرف الدين منع ما كان يجريه على ابنه عبدالله بسبب ميله إلى التصوف، أما ابنه شاعر الحميني الكبير محمد بن عبدالله شرف الدين، فله أبيات يرد بها على الإمام القاسم بن محمد، ويدافع فيها عن الصوفية.  

تتميز الفترة التي عاشها السودي بشيوع التسامح بين الشافعية والزيدية، فنرى الإمام عز الدين بن الحسن ينزل إلى حرض، ويأخذ عن محدثها يحيى بن أبي بكر العامري في علم الحديث، كما نرى السلطان عامر بن عبدالوهاب يرعى جانب علامة الزيدية محمد بن أحمد مرغم، ويجل محله، ويقبل شفاعته، كما كانت تفعل السيدة الصليحية مع إمام الشافعية في عصره يحيى بن أبي الخير العمراني، كما كانت علاقة عامر بن عبدالوهاب مع إمام الزيدية عز الدين بن الحسن تقوم على الاحترام.

أما علاقة التآخي والمودة بين السودي والإمام محمد بن علي الوشلي، فقد كانت شائعة في كتب التواريخ كشيوع علاقة أخوة البجلي بالحكمي، وقد تحكم الوشلي على يد السودي وكان له، كما تذكر كتب التاريخ، يد باسطة في التصوف.

لكن التسامح ينتهي عندما تطلّ السياسة برأسها، ففي الوقت الذي نجد فيه السودي ينشر التصوف في صعدة وفي صنعاء ويتحكم على يده خلق كثير، إلا أنه أثناء إقرائه (جامع الأصول) لابن الأثير يمتحن بحديث قرأه عليه أحد طلبته، فيشنع عليه به، فكانت سببًا في نفيه، فرحل إلى تعز ليستقر فيها ويتخذها دار إقامته. 

وفي العام 2016 قام بعض المتطرفين بتفجير قبته عقب اندلاع هذه الحرب القذرة، كما فعل إخوانهم بضريح السيدة بنت أحمد الصليحي بجبلة بعد شن الحرب على الجنوب عام 1994، وكأن هؤلاء المتطرفين:

أسفوا على ألا يكونوا شاركوا…        في (نفيه) فتتبعوه رميما

لقد وضع الشيخ عبدالهادي عصا التسيار في مدينة تعز، ثم نراه بعد ذلك يترك التدريس، ويتفرغ للخلوة والتأمل، وتسليك المريدين، بعد أن أفنى أيام عمره في طلب العلوم، والأخذ عن الأشياخ، فنجده يقول:

وانس العلوم وما قد كنت تكتبه… فمحوه واجب من كل مكتتب

وهو بهذا يتفق مع شيخ الصوفية المجذوب أبي بكر الشبلي الذي حفظ الموطأ، وكان أحد الفقهاء العارفين بمذهب مالك، وكتب الحديث عن طائفة من أهل الحديث، ويروى عنه أنه كتب الحديث عشرين سنة، وجالس الفقهاء عشرين سنة، ثم اختار في آخر أمره طريق التصوف، وغرق سبعين قمطرًا (ما تصان فيه الكتب) من الكتب التي كتبها بخطه، في نهر دجلة.  

 

بين الدكتور المقالح والأستاذ عبدالعزيز المنصوب

ذكر الأستاذ عبدالعزيز المنصوب في دراسته القيّمة عن الشيخ عبدالهادي السودي أن قصائد ديوان السودي الحمينية تكاد تكون مكتوبة باللهجة المستخدمة في السواحل الغربية من اليمن مستدلاً بتكرار حرف التعريف (أم) بدلا من الألف واللام. 

فرد عليه الدكتور عبدالعزيز المقالح في مقدمته بأن استخدامها يكاد يكون مشتركًا بين مناطق تهامة والمناطق الجبلية الشمالية مثل حاشد وشهارة والسودة.

والحقيقة أن ديوان السودي الحميني (نسيمات السحر) فيه شواهد كثيرة تدلل على صحة كلام المنصوب، منها قوله:

جنب على ريم رامه… راعي امعيون امكحيله

جامع فنون امزخامه… محيي امنفوس امقتيله

فامزخامه كلمة تهامية تعني الحسن، وهو يقول: إن هذا الظبي جمع فنون الحسن، وإن كان الأستاذ المنصوب أوردها في المتن (امرخامه)، وفسّرها بـ: “لين ورقة الصوت”، والصواب هو ما ورد في النسخة (ع) في الهامش رقم (8)، ص 211. 

ومن المعلوم أن الصوت مثل بصمة اليد لا يختلف ولا يتعدد، فلا يصح إضافة فنون إليه، بخلاف الحسن، فقد يكون في جمال الصورة، مع حسن القوام، وحلاوة المنطق والطباع، وسحر العينين… إلخ. 

وقوله ص212:

وشاموت كلاله… ولا له ولا لي

وقوله:

خليل لي جفاني… ويس من تجافيه

وفي هجره هواني… وعزي في تصافيه

هجرني قصد عاني… واعياني تلافيه

وشمت بي امشواني… وما قدرت ذا فيه

وامشواني كلمة تهامية، وهي فصيحة أيضًا بمعنى المبغضين.

وقوله نفس الصفحة: 

إذا في النوم حادك… بقى مثل المبهلل

وكلمة (حادك) بمعنى رآك كلمة تهامية.

وقوله ص 246:

صادت فؤادي اليوم ظبية البر… حنب تعرقص في امشرك تحير

وكلمة (تعرقص) تهامية بمعنى نشب في الشيء، والتوى على نفسه، بحيث يصعب فكاكه، وقد يقابلها في الصنعانية “تكحول”.

وقد أخطأ الأستاذ المنصوب حين فسر كلمة عرقص بقوله: عرقص الغلام رقص، وعرقت الحية مشت. 

والصواب أنها كلمة عامية تهامية، ولم يقصد السودي الكلمة الفصيحة.

وقوله، ص266:

واحاني امخضاب… واصلني قريب

والحاني هو القاتم من الألوان، وهي كلمة تهامية.

وقوله نفس الصفحة السابقة: 

الله جاب وثاب.. ما لك لا تجيب

وكلمة جاب بمعنى أجاب كلمة تهامية.

وقوله ص234: 

حين رآني دُقَّهْ… عاذلي رثى لي

ودقه كلمة تهامية كأنها بمعنى في حالة مزرية.

لو كشف لي الخنه … حزت كل مغنم

والخنة بمعنى اللثمة كلمة تهامية

وأخيرًا قوله:

مرامي مرامي … وصلك يا رامي… قلوب الأنام

جفونك سهامي… فيها إلهامي… فوفر سهامي

غزيل سهامي… بين إبهامي… عبيدك تهامي

 

مختارات من شعر السودي الحميني

عسى عريب الاخدار يراعوا … لمضناهم وداد

ويذكروا من قد صار ولهان… مملوك القياد

يركب بحار الاخطار… ترى عينه سعاد

في الحب هائم محتار جسمه… براه طول البعاد

يسكب دموع العين ما بين امطلول

وليس يدري من غرامه ما يقول

يا عاذل المشتاق دع عنك الفضول

فاللوم للعشاق من طبع الجهول

_______________

جنب على ريم رامه… راعي امعيون امكحيله

جامع فنون امزخامه… محيي امنفوس امقتيله

ناديت واخو امحمامه… زرني ولو فرد ليله

أعرض وجر امعزامه… فقلت: ما ثم حيله

ما الشور واهل الهوى

قلبي تفتت جوى

في عشق قمري اللوى

لو زارني رئيس(7) امجيد… أحيا الذي مات مني

وأصبحت كامعبد لامسيد… راضي جميع التجني

أرويد وافاتني(8) أرويد… تهنيك هذي امجميله

واصل يزول امتعب

ما للجفا من سبب

يا منيتي والأرب

زرني وقل لي كرامه… فالنفس صارت كليلة

ما في الوصال من ملامه… فالخل يرضي خليله

روحى وأهلي فدا لك .. واسول كل امخواطر

لو لاح باهي جمالك… كلت جميع النواظر

كل الكمال من كمالك.. غرد بذا الطير شاهر

أسكرت أنت المدامه… ميلتها ألف ميله

_____________________

بلبل في امغصون… نجش علي حب أسما

هيج لي شجون… وامسيت حيران أعمى

ياحلق امدقون… من غير موسى ولا ما

يافرط الغبون… من هجر سعدى وسلمى

إن فات الوصال… من ريم رامه امدلل

معشوق الجمال(9)… فالموت أحسن وأجمل

ماهذا المحال… ارحل فقد حل ما حل

يكفي كم جنون… هيا إلى ظبي ألمى

فارق ذا الوجود … إن شئت تظفر وتسعد

وارم بالقيود… لا كان من هو مقيد

خيم في زرود … ما بين سامر وثهمد

تظهر لك كم من فنون… أيضًا وكم من مُعمَّى

_____

واقمري امعلالي … ماذنبي تطيل امصدود

بسَّك من مطالي… قد شمت بي امحسود(10)

هب نظرة لحالي… ترجع لي ليالي زرود

يا باهي الجمال… لا تنقض عقود امعهود

وهنا ينتهي بنا التطواف في سيرة وديوان القطب الكبير الشيخ عبد الهادي السودي الذي لولا الأستاذ عبد العزيز المنصوب وجهوده الكبيرة، لما كان ظهر إلى عالم الوجود؛ ليستمتع به عشاق الأدب والشعر والتصوف. فشكرًا له أولا وآخرًا.

*كاتب يمني.


(1) حسبما ذكره حفيد السودي عبد الرحمن بن عبد القادر بن عبد الهادي السودي في مناقب جده، والتي قام بنشرها الأستاذ عبد العزيز سلطان المنصوب، وحسبما ذكره الشيخ عبد الهادي السودي نفسه في مؤلفه (الرسالة في محبة أهل بيت الرسالة)، لا كما ذهب إليه في أول رأيه صاحب (المستطاب)، يحيى بن الحسين، أن نسبته إلى السود- قرية قريب كحلان، ثم عاد واستظهر أن نسبته إلى بني سود أصحاب المحالب.
(2) ورد في (المستطاب)، ليحيى بن الحسين: بن أحمد. وكذلك في (طبقات الزيدية الكبرى) لإبراهيم بن القاسم.
(3) ذكره في الفصل الثاني الذي قال فيه: “نذكر فيه من روى عن أئمتنا أو شيعتهم من أحد من علماء الفقهاء من أهل السنة الراجعين إلى الفقهاء الأربعة ومن اتصل به السند”. (طبقات الزيدية الكبرى- القسم الثالث، بلوغ المراد إلى معرفة الإسناد) لإبراهيم بن القاسم بن الإمام المؤيد بالله (152هـ)، تحقيق عبد السلام بن عباس الوجيه، مؤسسة زيد بن علي الثقافية، ط1، 2001م، 2/ 1617. وبهذا يتضح أن المؤرخ إبراهيم بن القاسم كان أكثر دقة ومعرفة بالسودي من يحيى بن الحسين في كتابه المستطاب.
(4) وقد ورد هذا الكلام أيضًا في مناقب الشيخ السودي التي قام بنشرها الأستاذ عبد العزيز المنصوب.
(5) لعله: أحمد بن حسين بن محمد بن علي الشغدري الشافعي من أبيات حسين. كان بمكة، وأخذ على الشهاب الشوابطي في القرآن وبحث عليه التنبيه وأخذ على ولده الجمال محمد في البهجة والتلخيص وسكن رباط البدر الطاهر حتى مات. وكان خيرًا، صالحاً عالماً مفنناً آية في الذكاء، حسن المذاكرة متعففاً محبباً إلى الناس. توفي عام ثمانمئة وخمسين هجرية. حسب ترجمة السخاوي له في (الضوء اللامع).
(6) وهكذا وردت في (البدر الطالع) للشوكاني، وردت في (المستطاب)، ليحيى بن الحسين: (طرس أتى).
(7) كذا وردت في النسخة المطبوعة! وفي النسخة س (رايس) وهي صفة للجيد، ولم يظهر لي المعنى المناسب. ويبدو أنه يريد بمعنى رئيس امجيد سيد الملاح.
(8) كذلك الدعاء بـ(وا) بدلاً عن (يا) هي لهجة تهامية.
(9) بهذا يظهر استفادة محمد بن عبد الله شرف الدين هذه الكلمة في قصيدته معشوق الجمال نهب فؤادي جماله من الشيخ السودي.
(10) وردت في المتن قد شمت بي للحسود، والمعنى غير مستقيم، والصواب من النسخ: ح ، ط، ع ، م: امحسود.

   
 
إعلان

تعليقات