Accessibility links

إعلان

فكري قاسم
كأيّ رئيس تحصل على ضمار التمكين لإطفاء الحرائق في صفوف فريق الكورة، وتخارج من الديون السابقة العالقة للاعبين في ذمة النادي، كان عليّ أن أفكر جديًّا بعد ذلك بمباراة تقوية علاقتي في الميدان مع فريق الكورة؛ كونهم واجهة النادي أمام الجماهير.. دعوتهم مباشرة بعد أن استلموا كافة مستحقاتهم المالية السابقة إلى اجتماع سريع بمقر النادي حضرته رفقة أعضاء مجلس الإدارة وأنا بمعنويات عالية، وأرسم بمخيلتي هدف إقناعهم بأن يلعبوا مباريات الكأس مع النادي “سلف” لوما يفتح الله، ولكن جيت وإن وضع الفريق الأول لكرة القدم ما يزال ملخبط ومعصود للغاية.

 

 

وعشان يترتب الوضع ويكون الفريق الأول لكرة القدم في أتم الجاهزية للبطولة فإنه يتعين عليّ أن أجدد العقد مع مدرب الفريق، وهو أجنبي، وراتبه بالدولار، أو أجيب مدرب محلي، برضه راتبه مش قليل، وأن أجدد عقود اللاعبين المحترفين في صفوف الفريق بمبلغ مش عادي خالص بالنسبة لظروف النادي، أو أمنحهم الاستغناء لأن لديهم عروضًا احترافية أفضل للعب الموسم مع أندية أخرى.

وفي حسبة الضمار المطلوب لتجديد العقود مع اللاعبين المحترفين ومع المدرب الموضوع يشتي له زلط خيرات، وكان الأمر محبطًا جدًّا بالنسبة لرئيس جاء إلى الاجتماع بمعنويات عالية ليسجل هدف إقناع فريق هابط بالدرجة الثانية لأنْ يلعبوا موسم بطولة الكأس سلف ودين لوما يفتح الله، وكان عليّ حينها أن أفكر فيسع بأنسب الحلول للمرحلة الأهلي من حنبة ضمار تجهيز فريق الكورة لبطولة الكأس المنتظرة.. ولكن كيف؟

قناعتي الدائمة أن أهلي تعز، وإن كان ناديًا فقيرًا ماديًّا، لكنه غني بما لديه من منجم للطاقات وللمواهب الرياضية في كل المجالات، وطول عمره وهو معطاء في الميدان يباصي المنتخبات الوطنية وفِرق الأندية الأخرى على الدوام بأمهر نجوم الملاعب؛ وذلك كنز كبير وثمين لا يجف ولا ينضب،  كان عليّ أنا وأعضاء مجلس الإدارة الاتكاء عليه في مهمة إعادة بناء فريق الكورة الأول بما يتناسب تمامًا في الميدان مع ضمار الهدف.

ومنحتُ الاستغناء لمن أراد من اللاعبين، وألغيت من رأسي نهائيًّا فكرة الاعتماد على مدرب لفريق يتقاضى بالدولار، أو أي مدرب محلي يشتي له راتب فوق طاقة ما يستطيع النادي أن يوفره له بنظام اللعب بالآجل “سلف” لوما يفتح الله على الأهلي، وأوكلت لمدرب الفئات العمرية في النادي مهمة إعادة بناء الفريق الأول لكرة القدم بالاعتماد الكلي على منجم طاقات القلعة الأهلاوية الحمراء ليصبح أمامي في الميدان خلال ظرف وجيز فريق كرة قدم ناشئ مع مدرب شاب من ضمار الأهلي، تشجعتُ لرسم خطة اللعب معهم لتقوية العلاقة بيننا بالاعتماد على ضماري العاطفي الكبير في الميدان.

وهم فتيان حالمون وموهوبون، أعمارهم متقاربة ومتفاوتة ما بين 15 إلى 19 سنة، ومدربهم شاب خجول صارم بنفس مستواهم في العمر، وتربطه بهم صحبة جيدة في الميدان سهلت عليّ مهمة لعب مباراة تقوية العلاقة معهم لتسجيل هدف إقناعهم باللعب مع الأهلي سلف لوما يفتح الله على النادي.

صاحبتهم بلطف تمامًا كما يصاحب أخ كبير إخوته الصغار، وجالستهم بشكل شبه يومي واستمعت لهمومهم اليومية بمحبة وصدق خالصين، شبعتهم حب وعواطف في مباراة مريحة لاختبار قدرات الضمار العاطفي في تسيير شؤون النادي.

كان شوط المباراة الأول ممتعًا وجميلًا، وإيقاعه سريعًا في الميدان.. تباصينا فيه الضحك واللقمة واللطف والأحلام والدخلات والخرجات بروح الفريق الواحد، وسجلت فيه هدف إقناعهم باللعب مع الأهلي في بطولة الكأس “سلف” لوما يفتح الله على النادي، وكلهم قالوا:

– تمام بعدك يا كابتن.

وخرجت من الملعب في نهاية شوط المباراة الأول فخورًا  بنفسي وبضماري العاطفي الكبير، وروحي متخففة من كل الأثقال، ونفسيتي مرتاحة أمام جماهير الأهلي في ميدان الشهداء تمامًا كأيّ رئيس بلا ضمار مأمون في اليد، وتمكن من تسجيل الهدف المطلوب في الشوط الأول بكل سهولة ويسْر، ومن دون أيّ عناء، وعليه أن يلعب الشوط الثاني من مباراة الضمار العاطفي ليحافظ فقط على النتيجة وعلى مستقبل علاقته مع راعي الشباب والرياضة، بينما كان مدرب الفريق الأهلاوي صاحب الملامح الصارمة تمامًا مثل وجه الرئيس الروسي “بوتين” يكلمني باستراحة ما بين الشوطين عن أهمية خلق الانسجام في ما بين لاعبي الفريق الناشئ، وعن أهمية المعنويات من أجل بناء فريق متماسك في الميدان، كنت أستمع إليه بكل إنصات، وأؤكد له بكل حماس صوابية ما يقوله لي عن المعنويات وخلق الانسجام بين اللاعبين، وأنا مطمئن للنتيجة المريحة التي استطاع ضماري العاطفي أن يحققها لي في ظرف وجيز، وخلق الانسجام الكافي في الميدان بيني والمدرب ولاعبي الفريق الأهلاوي.. قبل أن أسمع مدرب الفريق يقول بصوت صارم ممزوج بحشرجة خجولة، موجهًا كلامه لي:

– لكن باقي نواقص معنوية وضرورية لاستكمال مهمة بناء الفريق، وخلق الانسجام المطلوب يا كابتن.

– ابشر.. ماهن؟

– دريس جديد للفريق وللجهاز الفني، وشوية لوازم خاصة للتمارين، ورحلة إلى عدن لمدة 5 أيام، واشتيهن يكونين جاهزات خلال أسبوع لو تكرمت يا كابتن.

– طيب حاضر ولا يهمك، أسبوع وكل شيء جاهز.

وفي الحسبة البسيطة للضمار المطلوب لشراء مستلزمات الدريس الجديد بواقع:  25 بوتي، و25 جرم، و25 شرت، و25 شرابة للاعبين + 5 كوتشات، و5 ترنكات للجهاز الفني، مع 5 كرات وشوية أقماع للتمارين + نفقات رحلة الفريق إلى عدن لمدة أسبوع، فإن الإجمالي المطلوب توفره خلال أسبوع واحد من الآن = مليون وخمسمائة ألف ريال على أقل تقدير.

وعلى طول وجهت أمر خطي للأمين العام للنادي وللمدير المالي:

– اصرفوا للفريق مليون وخمسمائة ألف ريال.

– من أينه نصرف؟ إيجارات الدكاكين قدي مسحوبة حق سنة قدام، دعم صندوق النشئ السنوي يجي كل أربعة شهور، مرة صرفوا خمسمائة ألف ما توصل إلا وقد الإدارة غارقة ديون.

أيوااااه والحنبة

وما هو، ما أفعل ذلحين؟، وما هو الذي شيقدمه لي يا ضماري العاطفي للمخارجة الطارئة من حنبة الوفاء السريع بالوعد الذي قطعته على نفسي لمدرب الفريق أمام كل اللاعبين؟

ما هو الذي شتفعله لي أغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ،  وأفلام رشدي أباظة، وقصائد نزار قباني، والحب والصحبة للحفاظ على الهدف الأول، وحسم النتيجة بالشوط الثاني يشتي له ضمار عملي في الميدان ما يشتي له عواطف ولا حب ولا محبابة، وتلك حنبة طارئة أخرى لخبطت حساباتي  المريحة، وجعلتني في موعد مع شوط ثانٍ سيكون صعبًا على غير ما كنت أعتقد.

وانت لو كنت مكاني في الميدان، تلعب مباراة بلا مباصيين، وفريقك كلهم راكنين ومعتمدين كليًّا على مهاراتك الفردية في تسجيل الهدف، وانت حانب أمام جول محروس قدام عيونك بـ1.500.000، ولا يستطيع ضمارك العاطفي مهما كان تأثيره على اللاعبين وعلى المدرب أن يخارجك منها، ومطلوب منك أنت فقط أن تحسم نتيجة المباراة بالشوط الثاني لصالح تأمين مهمة سرعة بناء الفريق الكروي وخلق الانسجام اللازم بين اللاعبين في الميدان، كيف ستتصرف للوفاء بالوعد الذي قطعته للمدرب؟ هل ستظل راكن في الميدان على راعي الشباب والرياضة ليباصيك مرة أخرى بضمار الهدف السهل والبسيط؟

بالنسبة لي شعرت بمهانة اللعب والركض في الميدان وانا راكن على مباصي واحد لديه ضمار الهدف، وأمضيت بقية استراحة ما بين الشوطين أكلم نفسي وأقول:

– فرضًا يموت لا سمح الله؟ أيش باتعمل؟ شتموت بعده !

– فرضًا يمرض وانت واقف جنب الجول والجماهير تصيح شووووت؟ أيش باتقولهم؟ راعو لما يتباخر ضمار الهدف؟

– فرضًا يضبح منك، ويقولك: “هيا وكيف؟ كل ساع مباصاة، كل ساع مباصاة؟!”

– فرضًا يباصيك الآن بضمار الهدف المطلوب، ويقرر حينها أن يبطل مباصاتك بضمار أهدافك الشخصية، وانت عادك تشتي تعمل مسرح ومهرجانات فنية وأفلام سينما، ومابوه غيره في الميدان؟

خفت بصراحة على مستقبل علاقتي مع راعي الشباب والرياضة، وعلى مستقبل مصالحي الشخصية المأمولة منه، وقلت لنفسي:

– لااااا.. مش كله فوقه فوقه

– لااااا.. كم شيكون جهده.

– لااااا.. خففوا على أهل المرؤات

وآمنت حينها وقد أرهقني التفكير بضمار الهدف بضرورة أن يكون لديّ فريق مباصيين معاونين يلعبون إلى جواري في الميدان لتخفيف الضغط على راعي الشباب والرياضة، وفكرت بضماري المتاح في قسم الطوارئ للمخارجة من حنبة ضمار الهدف، وأمسكت جوالي ذيك الساع وأرسلت من داخله 5 كرات sms من أبو ثلاثمائة ألف ريال، إلى 5 مباصيين محتملين في قسم الطوارئ، ونزلت مع انطلاقة شوط المباراة الثاني أجري مسرعًا باتجاه الجول، وانا راكن ومعتمد عليهم في الميدان.

كانوا سريعي الاستجابة بضمار الهدف، باصوني 5 كرات سريعات إلى أماكن متفرقة داخل الميدان، وضعتهن كرة بعد أخرى في الجول، وهزيت بهن شباك المرمى من زوايا عديدة، وطعفرت بأصفار الـ1500000 مع حارس المرمى من داخل الجول أمام هتافات وتشجيع الجمهور، جول بعد جول، وسجلت الهدف المطلوب بالوقت المناسب، وحسمت نتيجة المباراة لصالح الوفاء بالوعد، وانا متجمل من نفسي خيرات لأني اهتديت إلى فريق المباصيين المعاونين، ولم أثقل على راعي الشباب والرياضة.

وذهب لاعبو الفريق مع المدرب حقهم  من بعد ذلك إلى رحلة خلق الانسجام، ورجعوا بعد أسبوع منها وقد كلهم منسجمين مع بعض بشكل كبير، وانا جالس مع رأسي في الميدان أفكر بالطريقة المناسبة والسريعة  التي ستمكنني أنا أيضًا من خلق الانسجام الكافي في الميدان بيني وبين فريق المباصيين المحتملين في قسم الطوارئ.. ولكن كيف؟

   
 
إعلان

تعليقات