Accessibility links

صاحب التعاسة.. المجرم القات! المغتربون والمهاجرون.. القات خطير.. فتَجنَّبوه


إعلان

عبدالله الصعفاني*
أسوأ الروايات وأكثرها استفزازًا للعبدِ لله هي التي تقولُ إنّ راعي غنم حبشي
هو من اكتشف القات، عندما لاحظَ تغيُّرًا في مزاجها، فتابعها وتعرَّفَ على الشجرة وتأثيرها، وكان ما كان ويكون في بلد الحكمة والإيمان..!
ومن غير المعروف ما إذا كان الراعي الأثيوبي استقلّ قاربًا صغيرًا واتَّجه إلى اليمن مستشرِفًا كلمات أغنية عبدالحليم حافظ (وابتدى المشوار)، أم أنّ مغتربًا يمنيًّا  في الحبشة هو من نقلَ الشتلات ولم يعمل حسابًا لتحذير العندليب.. (وآه يا خوفي من آخر المشوار..؟).
ومَن يدري؟ لقد صار كلّ شيء جائزًا، حتى تخزين القات من قِبَل العجائز والبنات ..!
وحتى لو كذَّبنا الرواية المقيتة، مستندين إلى القول: (ويلٌ للتاريخ من كتبة التاريخ)، فقد تحوَّل القات إلى سلوى، حتى وهو بلوى، حسب تعبير راصد في كتاب.

وكان مَن يُحسنون الظن حتى في البلوى يتصورون أنّ القات صار أزمة في حياة اليمنيين داخل الوطن باحتلاله مواطن الغذاء في أوديتهم ومدرجاتهم الزراعية، وأنه سارقٌ للوقت، ولِصٌّ في استنزاف المياه والجيوب والصحة، ومبررًا للرشوة العلنية، حتى تكررت حوادث وقوع يمنيين في قبضة أجهزة الأمن في مطارات كثيرة على كوكب الأرض.

ولا تمر فترة زمنية قصيرة إلا وتُطالعنا الأخبار بحالات القبض على حامل جواز سفرٍ يمني وبحوزته كمية كبيرة أو حتى قليلة من القات، كما حدَث قبل أيام عندما ضبطت سلطات مطار القاهرة يمنيًّا وفي حوزته ليس كيلو ولا عشرة، وإنما 26 كيلو قات هرري مطحون (الله يخارجه بس).

من المطار الى البرلمان

وغير بعيد ما قرأته ذات مرة عن برلمان آسيوي اضطر لعقد اجتماعٍ عاجلٍ حرَّم فيه القات بعد شجارٍ بين يمنيين في المطار، فانكشف المستور والمخبّأ المتوجه إلى طلبة يمنيين صاروا يجمعون بين مضغ القات والشكوى من تأخُّر أو غياب فلوس المِنح الدراسية.. أما لماذا المخاطرة، فمن أجل أنْ يتفوق الطالب المبتعث في دراسته، ويزف الشهادة الى أمّه وعمّه.
وغير خافٍ أنّ من مغتربين يمنيين، من الذين فتح الله عليهم خزائن رزقه، (يبحشمون) ربما يوميًّا، ولا ينام الواحد منهم إلا بعد أنْ يكون قد تناول من القات، الملفوف داخل ورق القصدير، بما يعادلُ 60 ألف ريال يمني، وأكثر.
ولا أحد منهم يسأل نفسه: هل بالإمكان أحلى مما كان..؟
ولكلّ هؤلاء الذين يصرفون على القات في مَواطن اغترابهم، أودُّ لو أنّ السفارات والملحقيات تكتبُ على بواباتها: عزيزي المغترب هل تعلم بأنك ورفاق مقيلك تستطيعون تأمين حياة كريمة لعددٍ من الفقراء، وطاقم تدريس من معلمين بلا معاشات، وأنهم يتمنون لو يمحون الأمية في قريتك والقرى المجاورة في أجواءٍ معيشية كريمة..!
قلتُ أتمنى لأن دبلوماسيين يتصدرون مشهد التمسك بالعجينة الدبلوماسية الخضراء..!
أيّ جنونٍ استعراضي لمغترِب في دول الجوار الجغرافي؟
وأيّ ذهنية عند مَن يمضغ القات المطحون في ما وراء المحيطات..؟

ثقافة مدمّرة..!

وبمناسبة القول (حتى الجُنان يشتي عقل) كنت سألتُ طبيبًا في مستشفى الأمل بالعاصمة صنعاء.. لماذا يعودُ إلى المستشفى بعض من تم تشافيهم منه، فقال لي بصريح القول: إنّهم يعودون إلى القات والدخان بعد  تشافيهم وعودتهم إلى حياة طبيعية بلا أوجاعٍ نفسية.
والمحصلة ما نراه من تداعيات مَن يسميهم المجتمع مجانين في شوارع الضياع الإنساني.

ثقافة كارثية

وحتى وقد اعتدنا على ارتداء سراويل العبث وشورتات المكابرة وأقباع الاستهتار، لا بأس من التذكير بأنّ القات يغيِّر المزاج، ويجعله في حالة تشكّلٍ بائس، ويقودُ إلى ما تيسر من الهلوسة والتخيلات السمعية والبصرية والاضطرابات الجنسية، ومعدلات غير صحية في ضربات القلب وسموم في الكبد، فضلاً عن التنقل في المقيل وما بعده بين الخرس الزوجي والهدار الذي يوجع الرأس.
الغريب أنّ كثيرنا صار فقط يدعو لعدم نشر صور (المبحشمين) في السوشيال ميديا، في مغالطة لا تحلّ مشكلة بقدر ما تُكرِّسُ عادة التكاذب.. والأغرب أنّ يكونَ معلومًا بأنّ عقوبة تهريب قات إلى طلاب أو مهاجر في ماليزيا مثلاً قد تصلُ إلى خمس وعشر سنوات سجن، وإلى مئة ألف من عملة الرنقت، فلماذا المكابرة وقد صنَّفت منظمة الصحة العالمية القات كعقارٍ ضار.
وصار محظورًا على الرياضيين بقرار من اللجنة الأولمبية الدولية..؟
أين اختفت أعراس بلا قات، ولماذا شاع القول الساخر المخاتل: (شربة ما، غصن قات، غدوه بعده وقالوا مات..؟)
وهل من مراجعة لدبلوماسيين لا يحذّرون المقيمين والزُّوار من تعاطي القات، بل ويسهّلون لهم ذلك.. الله لا يلحقهم خير.

وأخيرًا.. أخي المغترب والمهاجر، أو الباحث عن دراسة أو علاج أو سياحة أو حتى فرار، صلِّ على رسول الله.. وسلِّم بأنه لا حاجة لك للوقوع في جرائم تحسبها هينة وعقوبتها كبيرة.
يلا.. انهض.. غذِّ نفسك بالفواكه.. تناول ساخن المشروبات.. مارس الرياضة ولو في غرفتك.. تنفّس بعمق.
اقطع علاقتك الدبلوماسية مع القات وسنينه، وجدِّد تواصلك مع بلدك الأصلي بأجمل ما فيها على طريقة زميلنا الإعلامي والشاعر عيسى العزب، وهو يكتب من مهجره:

مطر..

وشاي أحمر..

وجهيش..

ولحوحتان

وسلتة.. وهريش

ومن لم يعيش في إب

كيف يعيش..؟

*كاتب يمني

   
 
إعلان

تعليقات