Accessibility links

زُبيدة اللحجي.. يمنيّة تضع بصمتها في مجال المقاولات 


إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – أحمد الكمالي: 

«تقدمتُ للمنافسة على مناقصة المشروع، وهدفي الرئيسي أن يكون لي بصمة مشاركة في هذا المجال الذي لطالما أردتُ العمل فيه سابقًا، وحال بيني وبين ذلك غياب الفرص»، توضح لـ “اليمني الأميركي” السيدة زُبيدة اللحجي (55 عامًا)، الدافع وراء خوضها غمار المنافسة بنجاح كأول امرأة يمنية تقتحم مجال المقاولات الذي كان حكرًا على الرجال فقط.

السيدة زُبيدة اللحجي، التي عملت في أكثر من مهنة لإعالة أسرتها، كالخياطة والزراعة والعمل في متجر صغير (بقالة)،  قبل أن تختار العمل الشاق في مجال المقاولات، لتثبت قدرتها كامرأة يمنية على المشاركة في خدمة البلد في مجالات البناء والتنمية.

كانت الطرق الوعرة الموجودة في قريتها (الأشروح) بمديرية جبل حبشي – محافظة تعز (حوالي 256 كم، جنوب العاصمة صنعاء)، هي من حركت دوافعها لخوض غمار التجربة المحفوفة بالعناء والمخاطر كونها غير مألوفة على النساء في اليمن.

رغبتها في إصلاح الطرق الوعرة كان الدافع وراء اقتحامها العمل في المقاولات.

 

الفكرة

تقول اللحجي، لـ”اليمني الأميركي”: «دخولي العمل في مجال المقاولات، جاء بعد مبادرة شخصية كنت قد أطلقتها أواخر عام 2018، للعمل في تعبيد جزء بسيط من إحدى الطرق الوعرة في منطقتي، وهي نقيل (ذي الليمة)، على أمل أن تحظى تلك المبادرة بمساندة ودعم من قِبل التجار والجهات المعنية لإنجاز تلك الخطوة، لكن ذلك لم يتم، مما اضطرني حينها إلى التوقف عن العمل وتجاهل الفكرة، حتى تبنّى الصندوق الاجتماعي للتنمية رص تلك الطريق كاملة، واختارني بعد منافسة عادلة، كمقاوِلة في هذا المشروع».

تخوض المقاوِلة اللحجي غمار التجربة مستندة إلى رصيد من الكفاح والتحدي والإصرار، محققة حضورًا في مجال كان حكرًا على الرجال في اليمن.

الخبرة

بالرغم من كون المقاولة اللحجي لا تحمل شهادات أو خبرة سابقة في هذا المجال، فقد واجهت تحديات خوض غمار المغامرة، وتمكنت من تجاوزها، مستعينة بأسرتها وجميع من يمكن لهم مساندتها من ذوي الخبرة والاختصاص، الذين وظفتهم في العمل بالشكل المطلوب، وهي عوامل ساعدت في الفوز بمناقصة المشروع من بين قائمة طويلة من المنافسين.

تقول المقاولة اللحجي: «تلافيتُ القصور والمبالغات المالية التي وقع فيها غيري بتقديم المناقصات، وقدّمت عرضًا يبيّن مدى رغبتي وقدرتي كامرأة على إدارة المشروع بكفاءة مثلي مثل غيري من المقاولين الرجال».

وعن استلامها المشروع وظروف وسير العمل فيه، توضح المقاولة اللحجي: «بدأتُ تنفيذ العمل بمشروع رص الطريق (750 مترًا مربعًا) حسب المخطَّط المعد من المهندسين، وكانت المشكلة الأبرز التي واجهتني في البداية هي غياب التعزيز المالي، وهذه سياسة متبعة، وخاصة في الصندوق الذي يسلمك تكاليف المشروع عقب الانتهاء منه، لذا قمت بالاستدانة من بعض التجار والأقرباء لأتمكن من الشروع في العمل لتسليمه في الوقت المحدد».

وتضيف: «حاليًّا العمل يمر كما هو معدٌّ له، العاملون في المشروع يعملون بكل تفانٍ، وأسابيع قليلة وسنكون قد انتهينا من إنجازه وتسليمه للجنة المختصة»، مشيرة إلى كونها تعتزم مواصلة العمل في مجال المقاولات خلال الفترة القادمة.

وتلفت اللحجي إلى أن أسرتها كانت الداعم الأبرز لها في خوض غمار التجربة، «أولادي شاركوني الحماس وشجعوني على المغامرة.. ابني المغترب ساهم ماليًّا لضمان الشروع في العمل، والآخر يعمل معي يوميًّا، وتشجيعهم أعطاني دعمًا معنويًّا قويًّا».

نجل السيدة اللحجي لـ”اليمني الأميركي”: عملت والدتي في أكثر من مهنة لتوفر لنا أساسيات الحياة.

 

التحدي

خاضت السيدة اللحجي هذه المغامرة، مستندة إلى رصيد من الكفاح والخبرة في العمل، باعتبارها ظلت لسنوات طويلة هي المعيل الأساسي لأسرتها، شأنها شأن الكثير من النساء اليمنيات في الريف اللاتي يسطرن ملاحم الكفاح في مواجهة تحديات الحياة الصعبة في ظل انعدام الخدمات وتصاعُد حالتيّ الفقر والبطالة في البلد.

يقول توهيب، نجل السيدة اللحجي، في حديث لـ”اليمني الأميركي”: «منذ نعومة أظفاري كانت والدتي تعمل متنقلة من مهنة إلى أخرى، لتوفر لنا أساسيات الحياة، وحرصتْ على تعليمنا حتى أكملنا دراستنا الجامعية أنا وشقيقي، حيث جسدت معنا مثالًا للمرأة اليمنية المثابرة والملهمة».

نموذج المقاوِلة زُبيدة كان محفزًا لظهور تجارب مماثلة في مجال المقاولات في ذات المديرية كالسيدة اعتماد عبدالقادر وغيرها، وذلك مؤشر على إمكانية تعميم التجربة وتشجيع المرأة اليمنية على اقتحام المهن التي ما زالت حكرًا على الرجال، إذا ما توفرت الظروف الاجتماعية والاقتصادية المناسبة، بحسب ضابط مشاريع التدريب في الصندوق الاجتماعي للتنمية، نجلاء دماج، في حديثها لـ”اليمني الأميركي”.

وتشدد دماج على أهمية أن تتبنى جهات العمل استراتيجيات شاملة ومدروسة لإشراك المرأة في مختلف مجالات العمل، عبر تطبيق سياسات تضمن تكافؤ الفرص وإيجاد بيئة ومناخ مناسبين للمرأة اليمنية، يمكّناها من تجاوز المعوقات التي ما زالت تواجهها في سوق العمل، سواء تلك المتمثلة بندرة الفرص، أو المعوقات الاجتماعية التي لا تتقبل حضور المرأة في ميادين التعليم والعمل.

تثبت المقاولة زُبيدة اللحجي، ومن قبْلها الكثير من النساء اليمنيات اللاتي اقتحمن مجالات عمل في مهن جديدة وغير مألوفة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها الحرب المتواصلة في البلد منذ تسعة أعوام، أن المرأة اليمنية جديرة بمنحها الثقة لإشراكها في مختلف مجالات العمل بما يعزز من مشاركتها الفاعلة في التنمية والازدهار ومحاربة الفقر والبطالة.

مما سبق نخلص إلى أن المرأة اليمنية قادرة على شق طريقها وإثبات وجودها مهنيًّا في أيّ مجال متى ما أتيحت لها الفرصة، وتعززت الثقة بإمكاناتها وقدراتها، لا سيما وأن هذه التجربة تقدم مثالاً حيًّا في مجال ليس سهلاً، لكن المرأة أثبتت فيه قدرتها على التحدي والإنجاز.

   
 
إعلان

تعليقات