Accessibility links

إعلان

وجدي الأهدل*

في البداية يمتلك الإنسان حلمًا وبعد ذلك يسعى إلى تحقيقه على أرض الواقع، والأمر ذاته ينطبق على الأمة، إذ يحتاج الملايين من البشر الذين تجمعهم هوية واحدة إلى حلم مشترك، يسخرون له جهودهم الجماعية ليتحول من خيال مجرد إلى واقع محسوس.

لقد لاحظتُ أن اليمنيين ينقصهم (حلم مشترك) يتفق الجميع على الإيمان به، ومن ثم توحيد كل الجهود للمضي خطوة تلو الأخرى في سبيل جعله واقعًا.

من هنا انبثقت فكرة مشروع كتاب “كبسولة زمنية، رؤية شباب اليمن لعام 2050″، الذي سيصدر قريبًا، بهدف خلق حلم – هدف يسعى إليه كل يمني محب لبلده.

وكانت الفكرة استكتاب نخبة من الكاتبات والكتاب اليمنيين الشباب، لكتابة مقالات تتحدث عن كيف ستكون اليمن في عام 2050؟ أيّ بعد حوالي 27 عامًا من تاريخ استكتابهم.

انطلقنا بنشر إعلان عن الكتاب وفكرته وأهدافه، وتقدم الشباب من جميع أنحاء اليمن للمشروع، وتم انتقاء عشرة منهم ليساهموا في كتابة المقالات، وهم: أرياف التميمي، شيماء القرشي، فاتن عبد اللطيف، عبده تاج، هاجر سامعي، ميسون الإرياني، علاء الدين الشلالي، إيناس العباسي، دعاء سعيد، صلاح الواسعي. 

الاشتراط الوحيد الذي طلبناه من الكاتبات والكُتاب هو (التفاؤل)، والإيمان أن اليمن ستكون أفضل وأجمل وأعظم في عام 2050.

لأن الهدف من هذا الكتاب هو خلق (الأمل) في نفوس الشباب ببناء وطن مزدهر يتمتع بالاستقرار والرفاهية، وأن لا شيء مستحيل إذا امتلكوا الإرادة الصادقة.

الموضوعات التي اقترحناها على الشباب ليلتفوا إليها في مقالاتهم هي:

الديمقراطية، الحريات الفردية، الوضع المعيشي، التعليم، الصحة، الثقافة، الفنون، الإعلام، السياحة، النشاط العلمي، التطور العمراني والمدني، الصناعة، الزراعة، وأية موضوعات أخرى قد تخطر ببالهم وتخدم الفكرة العامة للكتاب.

تم إعطاء الكاتبات والكتّاب المشاركين في الكتاب مهلة شهر واحد لإنجاز مقالاتهم، ولتعذر الاجتماع بهم نظرًا لتباعد المسافات، والقيود المفروضة على العمل الجماعي، تم عمل مجموعة في الفيسبوك، باسم “كبسولة زمنية”، وفيها كنا نلتقي افتراضيًّا بصورة شبه يومية، وينشر الشباب مسودات مقالاتهم، ويتلقون من زملائهم الملاحظات، ويتبادلون الآراء فيما بينهم، ومن ثم عمل التعديلات والتصويبات.

وفي الموعد المحدد سلّم الشباب العشرة مقالاتهم، وتم إرسالها للنشر إلى دار عناوين بوكس – القاهرة، وفيها تُطالع الحماس الذي يتأجج في صدور شبابنا ليمن قوي عملاق، وتوْقهم السرّي الذي دفعناهم للبوح به لأن تكون بلادهم موئلًا للعز والمجد والفخار.

هذه المقالات الرائعة لشبابنا هي الخطوة الأولى باتجاه امتلاك (حلم) عظيم، والخطوة التالية هي أن نُقاتل بكل قوانا لنجعل الحلم حقيقة.

هلّت بشائر السلام، وعاد الأسرى إلى بيوتهم وأسرهم، وعمّت الفرحة اليمن كلها، فما من بيت في اليمن إلا واكتوى بنار الحرب وعانى من تداعياتها.

ويبدو أن السلام الشامل آتٍ لا محالة، ولعل اليمنيين قد فهموا الدرس، وأدركوا أن الحروب لا تنفع، وأن الذي ينفع هو (التغيير الثقافي).

ينبغي تغيير ثقافة الشعب اليمني إذا أردنا قطع دابر الفتنة إلى الأبد.. الغبي فقط هو الذي يعتقد أن بإمكانه أن يفرض على اليمنيين رأيه بقوة السلاح! لكن يمكن أن يتغير اليمني بقوة السلام! أيّ إذا اقتنع من تلقاء نفسه.

لقد بادر الشباب الذين ذكرناهم آنفا بقول هذه الحقيقة البسيطة في مقالاتهم، وأن التغيير سيتم عبر صناديق الاقتراع، والعمل الجاد، والتنمية الاقتصادية، وتحسين حياة المواطنين في مختلف مجالات الحياة.

البنادق لديها خارطة طريق تقود إلى القبور لا غير، وأما الثقافة فلديها خارطة طريق تقود إلى العدالة والمساواة والازدهار والاستقرار، وتمتع المواطن بمستوى عيشٍ كريم.

ها هي الكلمة الأولى قد جاءت من طرف الشباب، وينبغي أن يهب مثقفو اليمن هبة رجل واحد لطرح مشروع تنويري شامل، يكون بمثابة دليل عمل للسياسيين اليمنيين، ورؤية ثقافية يسترشد بها الشعب اليمني في قادم الأيام.

* روائي يمني.

   
 
إعلان

تعليقات