Accessibility links

إعلان
إعلان

جيمس  زغبي
رئيس المعهد الأميركي العربي- واشنطن

في الشهر ذاته الذي قرأت فيه مقالات تدين ثقافة الإلغاء وتتحدث بالذات عن «مساعي اليسار لإسكات أو الاستخفاف بالآراء التي لا يوافق عليها»، لفتت انتباهي عدة حوادث مزعجة، منها على سبيل المثال انتقاد تعيين امرأة أميركية عربية من أصل فلسطيني في فريق الرئيس المنتخب بايدن، لأنه نُقل عنها حين كانت طالبة، قبل عقدين، أنها قالت بأن اليأس ربما يكون دفع فلسطينيين شباباً إلى تنفيذ تفجيرات انتحارية!
وأزالت هيئة التعليم في كاليفورنيا الدراسات العربية الأميركية من مقررات الدراسات العرقية وأزالت أي ذكر لفلسطين. وأعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أن وزارة الخارجية ستتبنى تعريفاً لمعاداة السامية يخلط توجيه النقد لبعض السياسات الإسرائيلية بمعاداة السامية. وهذه الوقائع مختلفة لكنها تقدم أمثلة على شيوع «ثقافة الإلغاء» لمنع أصوات تدعم الحقوق الفلسطينية، مما ثير طائفة من المخاوف.
إسكات صوت الفلسطينيين وأنصارهم وليد التعصب. وإنكار حق الفلسطينيين الأساسي في التعبير والاحتجاج عما يعانونه من ألم هو إنكار لإنسانيتهم ذاتها. وهذا انتهاك لحقوق الإنسان الفلسطيني في التعبير بحرية عن مواقفهم.
واليوم تُدان أميركية فلسطينية لأنها حين كانت تبلغ من العمر 20 عاماً حاولت فهم السبب الذي يجعل شاباً فلسطينيا يصل إلى درجة من اليأس. لقد أصبح الحديث عن الفلسطيني باعتباره إنساناً، وإن يكن مضطرباً للغاية، أمراً لا يُغتفر. كما أن التيارات الأميركية التي تسارع إلى وصف عرب بأنهم مناهضون للسامية هي التيارات ذاتها التي تقبل وجهة النظر التي مفادها أن الفلسطينيين والعرب يرتكبون العنف بسبب ثقافة المنطقة.
من المؤكد أن هناك انتقادات قد تدخل في نطاق معاداة السامية حين يتم الربط بين السلوك الإسرائيلي والصور النمطية عن اليهود ككل. لكن النظر إلى كل انتقاد لإسرائيل باعتباره معاداة للسامية يفسد معنى الكلمة. إنها محاولة تفتقر للحنكة وتمنع الأميركيين من معارضة الممارسات المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. والتعريف الموسع للمعادين للسامية يتضمن الذين يدينون الظلم ضد الفلسطينيين الناتج عن تلك الممارسات ذاتها. لكن إذا كنا نرحب عن حق بمناقشة الظلم الذي وقع على الهنود الحمر في أميركا أو جرائم العبودية، فكيف يمكننا إنكار حق الفلسطينيين في التعبير عن معاناتهم؟
لا جديد في «ثقافة الإلغاء»، إنها شائعة منذ عقود، والأميركيون العرب وداعمو حقوق الإنسان للفلسطينيين هم الضحايا الأساسيون. والآن مع إقرار أكثر من 30 ولاية تشريعاً يجرم الدعم لحركة «مقاطعة ومعاقبة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها»، تتبنى وزارتا الخارجية والتعليم الخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية كمسعى لمنع الأصوات الداعمة للفلسطينيين. والعقلاء المؤيدون للمنطق السليم، خاصة وسط التقدميين من الأميركيين العرب واليهود، يتعين عليهم اتباع مسعى حازم لإجراء حوار محترم لوقف هذا الانزلاق الخطير باتجاه أي رغبة في التباين والاختلاف.
   
 
إعلان

تعليقات