Accessibility links

إعلان

فكري قاسم* 

دخلت بكل جوارحي إلى اليمن الحبيبة مجددًا يوم أمس من ثقب وسيع نظير وارف الظلال في قلب وعقل زميلي وصديقي الكاتب البديع “أحمد الأغبري”. 

طفتها بعينيّ الشغوفتين شرقًا وغربًا، شمالاً وجنوبًا من خمس جهات في كتابه الثمين “اليمن من الداخل”، وكانت الرحلة ممتعة، ووجدت بلادي بين الكلام في أبهى وأجمل صور لها، ابتداء من أول موضوع إلى آخر موضوع حط فيه رحاله الأنيق. 

شفت صنعاء وسوق الملح والطيرمانة من ثقب في باب اليمن، وشفت عدن وشبام حضرموت من ثقوب تاريخية شيقة، وتسلقت معه إلى جبل ثلا في محافظة عمران، وشفت قرية الهجرين كما لم أشاهدها من قبل، وتحممت في مياه حرضة “دمت” الساخنة عن بُعد، ولمست براعة أبناء مدينة تريم في فن المعمار وفي المزاوجة الحميدة بين الفن والدين. 

وشعرت بالحزن المرير على حصون مدينة “الطويلة” المهدمة، ووقفت بكل فخر فوق صخرة حيد الجزيل في وادي دوعن، واستزدت من “المدرسة العامرية” في رداع، فصلاً آخر من فنون المعمار اليمني.

وشممت رائحة الطين الذي بني منه قصر سيئون، ولمست  روح القصيدة في بناء “دار الحجر”، واستعدت شريطًا من الذكريات الحميمة في فوضى وزحام شارع المطاعم في العاصمة صنعاء.

وكان لسقطرى الجزيرة الفاتنة، ولإنسانها المثابر، شجون واضحة من أول نظرة إليها من نافذة الطائرة في الجو وحتى  لحظة الإقلاع والمغادرة منها.

وعلى الرغم من أن فضول الصحفي الباحث عن المعلومة لإنتاج المواد المنشورة في هذا الكتاب الغزير واضح في كل التفاصيل، إلا أن روح الفنان والأديب حاضرة بقوة في سياق كل مادة على حدة.

وتجد أن لكل موضوع بداية وصفية مكتوبة بلغة شاعرية تخطفك من أول سطر لتغوص معها على طول في أعماق فصول هذا الكتاب الذي أنجزه بكل حب وتفانٍ، صحفي وأديب من طينة هذه الأرض الطيبة، وجد في “اليمن من الداخل” ما لا يعرفه كثير من الناس عن اليمن الجميل، والمشوه أساسًا في صورته الخارجية المليئة بالمحبطات.

* كاتب يمني

   
 
إعلان

تعليقات