Accessibility links

إعلان

فكري قاسم*

استمعتُ بالمصادفة إلى برنامجٍ وعظي يُبث من إحدى الإذاعات المحلية بعد صلاة الجمعة.. كان “الفقيه”، مقدم البرنامج، يرد على أسئلة المتصلين، واتصلت شابة تسأله:

– ما حكم البنت التي تظهر على أخيها وهي لابسة بنطلون جينز؟

وما كان من فضيلة العلامة لحظتها إلا أن صرخ: 

– حراااااام، لأن فيه فتنة، والفتنة تثير شهوة الرجل أيًّا كان!

الأمر ذاته تكرر في برنامج دعوي آخر عبر التلفزيون في إحدى القنوات الدينية العربية، كان فضيلة العلامة مقدم البرنامج يقود هجومًا وعظيًّا شرسًا على البنطال الجينز حين ترتديه الفتاة، واصفًا “الجينز” بأنه أم الرذائل لِما فيه من فتنة، حد قوله. 

ولكي يثبت نظرية التحريم تلك كان يصرخ في المشاهدين ببكاء، لكأنها القيامة، ويردد: 

– والله إن البنطلونات الجينز لفتنة.. ولتتأكد من هذا أخي المشاهد المسلم دع ابنتك تلبس بنطلون جينز، وتأمل بنفسك إلى مفاتن هذا البنطال الضاغط على جسدها، وانظر ما الذي سيتحرك فيك من الرغبات والشهوات، والعياذ بالله!

لا إله إلا الله.. كيف يمكن إقناع هؤلاء المرضى الذين يعيشون خصومة دائمة مع الجمال ومع الجسد أن الناس ليسوا حيوانات، ولا هم مجرد شهوات منفلتة حتى يفكر أحدهم بهذا المنطق البليد والسخيف!

ثم من هو هذا الذي يمكن لغريزته الجنسية أن تتحرك حيال ابنته أو أخته؟ إلا إنْ كان حيوانًا، أو مريضًا، أو بلا عقل من أصله. 

فالمريض لا بد أن يخضع للعلاج ليتشافى، والحيوان يمكن بكل بساطة أن يؤخذ إلى حديقة حيوانات ليتسلى مع بقية الحيوانات، دون الحاجة إلى هذا الصراخ الذي يثير التقـزز، ويسيء لأخلاق الناس قبل كل شيء.

والأسوأ من ذلك كله: كيف يُسمح لمثل هؤلاء المكبوتين “الفرغ” أن يصيروا دعاة، ويدخلوا بأفكارهم الوضيعة هذه إلى البيوت باسم الله؟!

حتى وإن كانت أي امرأة أخرى ترتدي بنطال جينز مثلاً، أو بلا ملابس من أصله.. الأصل في أخلاقيات الإسلام أن يغض المرء  بصره، وهذي هي قمة الأخلاق.

وفي كل الأحوال أقول إن الله سبحانه في القلب، وليس في حزام البنطال حتى يخلعه المؤمن عند أيّ إغراء.

* كاتب يمني ساخر.

   
 
إعلان

تعليقات