Accessibility links

“الكراهية المنظمة” في أميركا.. من التعصب إلى العنف


إعلان

التطرف بوجهٍ آخر مُخيف.. يستهدفُ المجتمع والدولة

ميشيغان – “اليمني الأميركي” – سيمون ألبا

ما زالت مؤسسات أمن أميركية تُحذر من الخطر المتمثل في جماعات اليمين المتطرف، أو ما تُعرف بمجموعات الكراهية المنظَّمة، وما تمثله من تهديد مُلِحٍّ على المجتمع والحكومة في الولايات المتحدة الأميركية.

وهو ما تؤكده تقارير متعلقة بواقع هذه المجموعات التي تتسع، ويزدادُ خطرها، وترتفعُ مؤشرات تهديداتها… ولن تكون المظاهرات المناصرة للرئيس السابق دونالد ترامب في كانون الأول (يناير) واقتحامها لمبنى الكابيتول إلا أنموذجًا لِما صارت تُمثله هذه المجموعات والميليشيات من تهديد وخطر أميركي.

ورصدَ التقرير السنوي حول جماعات الكراهية المنظمة في أميركا خلال العام الماضي لمؤسسة «ساثرن بوفرتى لو سنتر» (SPLC) المعنية بمكافحة التطرف، 838 جماعة كراهية تعملُ في جميع أنحاء الولايات المتحدة، منها 25 مجموعة كراهية منظمة في ولاية ميشيغان.

ومن بين هذه المجموعات عصابات النازيين الجدد وحليقي الرؤوس التي تعمل أهدافها على العنف والهجمات ذات الدوافع العنصرية.

وسبق وحذرت مؤسسات أمن أميركية وأخرى معنية بمكافحة التطرف من خطورة جماعات اليمين المتطرف التي ما زالت تُمثّل تهديدًا للولايات المتحدة الأميركية.

وحسب التقرير السنوي لمؤسسة «ساثرن بوفرتى لو سنتر» الصادر في الأول من شباط (فبراير)، فإنّ واقع أرقامه يُمثل انخفاضًا عن 940 جماعة تم توثيقها في عام 2019، وعن رقم قياسي بلغ 1020 في عام 2018، ورغم أنَّ جماعات تفوق العرق الأبيض، وهى فرع من جماعات الكراهية المدرجة في التقرير، انخفضت العام الماضي من 155 إلى 128، إلا أنّ التقرير أكد أنه «لا ينبغي تفسير هذا الانخفاض على أنه انخفاض في المعتقدات المتعصبة والأفعال التي تحركها الكراهية»، بحسب وكالة أسوشيتيد برس.

وأوضح التقرير أنّ الكثير من جماعات الكراهية انتقلتْ إلى منصات التواصل الاجتماعي واستخدام التطبيقات المشفرة، بينما تم حظر جماعات أخرى تمامًا من شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسية.

وتقول رئيسة مؤسسة «إس بى إل سى» مارجريت هوانج: «خلاصة القول إنّ مستويات الكراهية والتعصب في أميركا لم تتضاءل».

ميليشيات

ثمة عشرات الميليشيات في عموم الولايات المتحدة التي تحملُ توجهات أيديولوجية مختلفة، ولكنها على العموم ضد الحكومة، وعلى الرغم من أنها قد لا تدافع بالضرورة عن العنف، إلا أنها مسلحة، وقد انخرط بعضها في مظاهرات عنيفة.

ويقول العديد من هذه الجماعات إنهم يعملون بدافع الدفاع عن النفس بوجه مخاوف ما يعتقدون أنه تدخل متزايد من الحكومة الفيدرالية، مع تركيز خاص على موضوع تنظيم حيازة الأسلحة.

على الرغم من أنّ «ساثرن بوفرتى لو سنتر» (SPLC) لا يخلو من الانتقادات – حيث يقول العديد من الشخصيات اليمينية إنّ المنظمة تستهدف بشكل غير عادل الجماعات ووجهات النظر المحافظة – فإنّ الباحثين في SPLC الذين يتتبعون حركات الكراهية في أميركا يُعدون عمومًا الأفضل.

في التقرير السنوي لـ SPLC، عادة ما يتم التنبؤ بالارتفاع التدريجي في مجموعات الكراهية المنظمة من خلال تهديد متصور لتفوق البِيض، أو “هيمنة البيض”.

كتبت راشيل جانيك وكيجان هانكس في تقرير SPLC: «عادةً، يتم تشكيل مجموعات كراهية جديدة، وتنمو العضوية كردّ فعل على التغييرات في المجتمع، وخاصة التغييرات التي تتحدى هيمنة البيض»، «… في العصر الحديث قمنا بتتبع الصعود التدريجي لجماعات الكراهية خلال إدارة جورج دبليو بوش، عندما بلغت الأعداد ذروتها في الثمانينيات.. بعد أنْ أصبح باراك أوباما أول رئيس أسود للأمة، قفزت الأرقام إلى أكثر من 1000».

 

«التطرف اليميني البديل هو استعمار بطيء للذات، تسلل ثابت للقلب والعقل» كتب لوك مان.

 

قد يفسّر هذا سبب تقلص عدد مجموعات الكراهية ببطء منذ نهاية إدارة أوباما، ومع ذلك فإنّ غالبية جرائم الكراهية أو الجرائم ذات الدوافع العنصرية لم تعد مخططة بعناية من قِبل مجموعة بعد الآن.

تُمثل “حراس القسم” و “ثلاثة في المئة” أبرز اثنتين من جماعات الميليشيات في الولايات المتحدة، وقد أُسست الجماعتان بعد انتخاب باراك أوباما رئيسًا للولايات المتحدة، مستندتين إلى اعتقاد بأنّ الحكومة الفيدرالية كانت “تعملُ على تدمير حريات الأميركيين”، بحسب المؤسسة المعنية بمكافحة التطرف “ساوثرن بوفرتي لو سينتر” (أس بي أل سي).

إنّ أبشع الأعمال، مثل إطلاق النار على المصلين السود العزّل في كنيسة على يد ديلان روف، هي أعمال تُعرف بالإرهاب العشوائي أو الإرهاب المنفرد، ويقول الباحثون إنّ هذا النوع من العنف آخذ في الازدياد.

في أصل هذا ما يسميه أحد الباحثين “خط أنابيب بديل اليمين”، حيث يعرض الأفراد أنفسهم بشكلٍ متزايد لمزيد من المحتوى المتعصب، حتى يتأقلموا مع طبيعة المحتوى. نظرًا لأنّ مشاهدي هذا المحتوى أصبحوا أكثر تأقلمًا مع المحتوى غير الإنساني، فإنهم في نفس الوقت يعرضون أنفسهم لنفس الدعاية المستخدمة في تنظيم مجموعات التفوق الأبيض.

كيف يعمل خط الأنابيب Alt-Right؟

لوك مون باحث في سيدني، أستراليا، يدرس الطرق التي تُشكل بها الثقافات الرقمية والبيئات التقنية القدرات السياسية والاجتماعية في الحياة اليومية.. في مقالته، حيث قام بتفكيك خط أنابيب اليمين المتطرف، حدَّد العملية البطيئة التي يمكن للفرد أنْ يعرضها عن غير قصد لدعاية اليمين المتطرف.

يمكن أنْ يبدأ باقتراحٍ بسيط في خوارزمية موقع YouTube، يمكن لشخص واحد، يبحث عن نصائح المساعدة الذاتية، أنْ يجد عن غير قصد مُنشئ محتوى سيرسله إلى منشئي محتوى أكثر تطرفًا من خلال ميزة التوصيات في YouTube.

يبدأ هذا في عملية تعريض المشاهد ببطء لمزيد من المحتوى الراديكالي حتى لا يصبح العامل الأصلي الذي جلب المشاهد إلى هذا النوع من المحتوى هو العامل المحفز للبحث عن وجهات النظر، هذا هو التحول من المرحلة الأولى للتطرف: التطبيع – إلى الثانية: التأقلم.

 

حقيقةً إنّ التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية قد شجعت الدعاية لليمين المتطرف والبِيض، وهذه لم تعد حقيقة يمكن تجاهلها.

 

في المرحلة الثانية يتأقلم المشاهد مع شبكة أوسع من وجهات النظر المتعصبة التي تصبح بعد ذلك طبيعية، هذا التأقلم مع سلسلة واسعة من وجهات النظر المتعصبة حول عدد من القضايا يُشكل بعد ذلك أيديولوجية – أو رؤية عالمية متماسكة – تنتهي بنزع الصفة الإنسانية عن الأفراد الذين تعتبرهم أيديولوجية اليمين المتطرف تهديدًا.

«إنّ اليمين البديل ليس فقط مجموعة من المناورات الميتابوليسياسية، ولكنه يحدث على المستوى الجزئي للفرد. التطرف اليميني البديل هو استعمار بطيء للذات، تسلل ثابت للقلب والعقل» كتب لوك مان.

التأثير الواقعي لخط أنابيب Alt-Right

في 6 كانون الثاني (يناير) 2021، شاهدتْ أميركا حشدًا من المتظاهرين، شجعتهم رواية كاذبة عن انتخابات غير آمنة، اقتحموا مبنى الكابيتول في محاولة لوقف التداول السلمي للسلطة.

هؤلاء الأشخاص، الذين شجعتهم شبكة واسعة من نظريات المؤامرة و”الحقائق البديلة”، دخلوا إلى المجالس التشريعية بأصفاد مربوطة ومسدسات، وما يسميه البعض نوايا لأخذ سجناء.

ويقول خبراء إنّ جماعات اليمين المتطرف، مثل تلك التي شاركت في أحداث الشغب لاقتحام مبنى الكابيتول، باتت تمثّل خطرًا جديًّا ومتزايدًا في عموم الولايات المتحدة الأميركية.

 

«لقد أعيد تنشيط هذه الروايات والمعتقدات العنصرية بفضل واحدة من أكثر الموروثات ديمومة وخبثًا في حقبة ترامب» يقرأ تقرير SPLC.

 

ويقول مشروع “أيه سي أل إي دي”، الذي يعنى برصد وتحديد مواقع النزاعات المسلحة وتوثيق البيانات عن أحداثها: إن جماعات اليمين المتطرف ساهمت بشكل مطّرد ومتزايد في المظاهرات ضد نتائج الانتخابات.

هنا في ميشيغان تم تنظيم مجموعة صغيرة من الأشخاص حول قضايا عبر الانترنت، وشقوا طريقهم في النهاية بالقرب من القاعات التشريعية لمبنى الكابيتول الخاص بنا، التقيا وخططوا للقبض على حاكم ولاية بأكملها.

حقيقةً إن التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية قد شجعت الدعاية لليمين المتطرف والبِيض، وهذه لم تعد حقيقة يمكن تجاهلها، وفي السنوات القادمة سيظل هناك شعور بتأثيره في حياة الأشخاص المعرضين لخط الأنابيب البديل الأيمن.

«لقد أعيد تنشيط هذه الروايات والمعتقدات العنصرية بفضل واحدة من أكثر الموروثات ديمومة وخبثًا في حقبة ترامب: نجاح اليمين المتطرف في بناء واقع بديل خاطئ، مدعومًا بتيار لا ينتهي من نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة التي لا أساس لها» يقرأ تقرير SPLC.

«لقد أدى الصراع حول إطار الواقع إلى استقطاب المجتمع الأميركي بشكل أكبر، وأدى إلى تقويض الثقة في المؤسسات والمعلومات بشكل أساسي… وتشكلت غرف الصدى، وتضاءلت الثقة في مصداقية وسائل الإعلام ذات السمعة الطيبة بشكل كارثي، وتسارع استقطاب المجتمع الأميركي».

في هذا الصدد اتخذ عدد من البلدان إجراءات بحق بعض هذه الجماعات، ففي كندا صنفت السلطات حركة “براود بويز” اليمينية المتطرفة جماعة “إرهابية”.

وقال وزير السلامة العامة بيل بلير إنّ القرار تأثر بـ”الدور المحوري” للحركة في أعمال الشغب التي وقعت في 6 كانون الثاني (يناير) الماضي، في مقر الكونغرس بواشنطن العاصمة، ويسمح التصنيف بتجميد أصول “براود بويز”، ويمكن توجيه تُهم إلى أعضائها بارتكاب جرائم “إرهابية” إذا اشتركوا في أعمال عنف.

وتتشكل الجماعة من الرجال فقط، وهي مناهضة للمهاجرين، ولها تاريخ من المواجهات السياسية العنيفة.

وتروّج “براود بويز” لأفكار تبناها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي ذكر اسم الجماعة خلال المناظرة الرئاسية الأميركية الأولى في أكتوبر/ تشرين أول الماضي.

   
 
إعلان

تعليقات