Accessibility links

الدراجات النارية في اليمن: حياةٌ على حافة الموت


إعلان

صنعاء ـ “اليمني الأميركي” ـ محمد العلفي:
لم يتمكن الشاب اليمني محمد الضبيبي من قيادة دراجته النارية عقب مشاهدته حادث اصطدام سيارة بدراجة نارية في أحد تقاطعات الشوارع الداخلية بمدينة صنعاء.

صُعِق محمد من هول ما رأى، ولم يشعر بنفسه إلا وهو يُساعد في حمل سائق الدراجة النارية إلى متن السيارة لإسعافه.
لم يعد محمد للعمل على دراجته إلا عندما دفعته ظروف عائلته لتوفير احتياجات الحياة الضرورية.

 

بلغت حوادث الدراجات النارية خلال الفترة يناير/ كانون الثاني ـ أغسطس/ آب من 2021م، نحو 565 حادثًا، أي ما يقارب 24% من إجمالي الحوادث المرورية بأمانة العاصمة صنعاء، والبالغة 2367 حادثًا.

 

حوادث وإحصائيات

مع أن الدراجات النارية باتت تُمثل الملاذ الأخير لعشرات الآلاف من اليمنيين العاطلين عن العمل، الذين تقطعت بهم السُّبل جراء الحرب المستعرة هناك منذ مارس/ آذار 2015، خاصة مع انقطاع مرتبات غالبية الموظفين الحكوميين منذ سبتمبر/ أيلول 2016، إلا أن ذلك لا يُلغي كونها من أخطر وسائل النقل وأكثرها تعرضًا للحوادث المرورية.
ويعزو البعض خطورتها لكونها مكشوفة في ظل عدم الالتزام بوسائل الأمان كارتداء خوذة الرأس، وهو ما يجعل مَن يستقلها أكثر عرضة للخطر فور وقوع أيّ حادث اصطدام، وبالتالي فإن معظم حوادثها تُسفر إما عن الموت أو الإعاقة.

يروي الشاب حُميد القهالي (18 عامًا) لـ “اليمني الأميركي” تفاصيل الحادث الذي تعرض له، وهو يقود دراجته النارية، وعلى متنها راكبَين، وأدى الحادث إلى تقطّع أعصاب وشرايين قدمه اليسرى.

«بينما أقود المُتر (الدراجة النارية) ومعي راكبَين، فوجئتُ بسيارة تخرج أمامي من أحد الشوارع الفرعية، فحاولت تحاشيها ولم أستطع، فاصطدمت بها، وتم إسعافي إلى المستشفى، وخضعت لعملية لإعادة ترميم الأعصاب والشرايين التي تقطعت في قدمي».

 

حميد القهالي

 

حُميد، الذي يخضع للعلاج منذ ما يقارب 20 يومًا، لا يعلم ما مصير قدمه، وهل ستعود كما كانت قبيل الحادث، لا سيما وهو يعتمد على هذا العمل في إعالة أسرته ووالده الذي عاد من اغترابه في السعودية بخفّي حُنين، منذ أكثر من عام جراء ما وصفه بالتعسفات والمبالغ التي كان يدفعها هناك لِما أسماه بـ “الكفيل”.

وتشير الإحصائيات الرسمية لإدارة مرور أمانة العاصمة صنعاء، حصلت صحيفة “اليمني الاميركي” على نسخة منها، إلى أن حوادث الدراجات النارية بلغت خلال الفترة يناير/ كانون الثاني ـ أغسطس/ آب من العام الجاري 2021م نحو 565 حادثًا، أي ما يقارب 24% من إجمالي الحوادث المرورية بأمانة العاصمة، البالغة 2367 حادثًا.
وسجلت إحصائية الحوادث المرورية، حسب الكتاب السنوي لشرطة مرور أمانة العاصمة صنعاء للعام الماضي 2020م، نحو 879 حادث اصطدام للدراجات النارية من إجمالي الحوادث المرورية التي بلغت 3439 حادثًا، وبلغت وفياتها 287 حالة وفاة.

وأكد مصدر في إدارة المرور لـ”اليمني الأميركي” أن60 % من هذه الوفيات هي نتيجة لحوادث الدراجات النارية.

 

60% من وفيات الحوادث المرورية بصنعاء، البالغة 3439 حادثًا العام الماضي، هي نتيجة لحوادث الدراجات النارية.


وجْه للحياة

على الرغم من خطورة استخدام الدراجات النارية كوسيلة لنقل الركاب في اليمن، إلا أنّ أعدادها في تزايد مستمر، نظرًا لتداعيات الحرب التي ألقت بظلالها على مختلف مناحي الحياة في هذا البلد، وبحسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فقد ارتفعت نسبة الفقر إلى75 % من السكان، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 60%، بحسب تقديرات البنك الدولي.

ضاقت الدنيا على (محمود)، الذي يعمل معلّمًا في إحدى المدارس الحكومية بصنعاء، بعد أشهر من انقطاع صرف راتبه، ونظرًا لعجزه عن تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرته، التي تضم زوجته وأولاده الثلاثة، فلم يكن أمامه سوى شراء دراجة نارية لسداد مديونيته، وتوفير احتياجات عائلته.

 «اشتريتُ دراجة نارية مُستخدمة بمبلغ 260 ألف ريال (الدولار يساوي 600 ريال يمني في صنعاء، وضعفها في عدن)، وبدأتُ العمل عليها إلى جانب عملي في المدرسة»، يضيف، «أعمل بمعدل خمس ساعات في اليوم على الدراجة النارية»، مؤكدًا مشقة هذا العمل؛ لا سيما وأن العائد منه غير مجزٍ مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وحرص الزبائن على بقاء نفس أسعار المشاوير، كما كانت قبل الحرب، حدّ تعبيره.. «لدرجة بالكاد أحصل يوميًّا على ما يغطّي الاحتياجات الضرورية لأسرتي».

 

عمار الحماطي

عمار الحماطي

 

فيما اعتبر عمار الحماطي دراجته النارية، فرصة العمل الوحيدة التي أُتيحت له بعد أن أسودّت الدنيا في عينيه، عقب تسريحه وبقية زملائه من عملهم في أحد المصانع بصنعاء نتيجة إغلاقه جراء تداعيات الحرب.. «توقف العمل في المصنع في العام 2016، ولم يكن لديّ أيّ مصدر دخل غير الراتب الذي كنت أتقاضاه، ولم أجد أمامي سوى شراء دراجة نارية والعمل عليها».

 خلال فترة المطالبة بحقوقه من المصنع، «استقر تفكيري على شراء دراجة نارية؛ لأني لم أجد أيّ عمل، فأخذت حقوقي المالية من المصنع، وهو مبلغ 192 ألف ريال، واشتريتُ دراجة نارية، وبدأتُ العمل عليها».


معالجات

مع تزايد حوادث الدراجات النارية خلال السنوات الأخيرة نتيجة تزايد أعدادها والسرعة الفائقة وعدم التزام السائقين بقوانين السير وإرشادات المرور، وفي ظل تدنّي ثقافة المجتمع المرورية وقصور القانون في التعامل معها؛ نظرًا لعدم اعتبارها آلية يسري عليها ما يسري على المركبات الآلية الأخرى.

في ظل تزايد أعدادها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وبالتالي تزايد حوادثها بدأت إدارة المرور – مؤخرًا – بتنفيذ عدد من العقوبات والإجراءات الرادعة، في سبيل ضبط السائقين المتهورين كتغريم مَن يرتكب مخالفة “عكس خط” مبلغ 15 ألف ريال، بالإضافة إلى توقيف الدراجة النارية لمدة 15 يومًا.

وتشير الإحصائيات إلى ترسيم 38724 دراجة نارية بأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء (إصدار لوحة معدنية لكل دراجة)، وذلك حتى مطلع العام الماضي، وبالتالي تسجيلها في النظام الإلكتروني وربطها بالمخالفات والبلاغات التي تتعلق بالدراجة ليسهل متابعتها، لا سيما في ظل تصاعد المخاوف الأمنية جراء استخدامها في الاغتيالات والسطو والسرقة وتوزيع المخدرات وغيرها.

   
 
إعلان

تعليقات