Accessibility links

الحرب ترفع نسبة الأمية في اليمن: أكاديميون يقرأون المشكلة 


إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – محمد العلفي
في الوقت الذي تحتفي فيه العديد من دول العالم باليوم العالمي لمحو الأمية (8 سبتمبر/ أيلول)، كما تحتفي الدول العربية باليوم العربي لمحو الأمية (8 يناير/ كانون الثاني).. تسببت الحرب المستعرة في اليمن منذ مارس/ آذار 2015 في ارتفاع نسبة الأمية لتتجاوز الـ 65% مقارنةً بـ 45% قبل اندلاعها، وفقًا لتصريحات حكومية بصنعاء.
فيما أكدت مصادر غير حكومية صعوبة الحصول على مؤشرات دقيقة للأمية في اليمن في ظل الحرب، لكنهم قالوا، أيضًا، إنّ واقع الأمية بعد سبع سنوات حرب ربما يتجاوز ما يتم الإعلان عنه.

وعزا أكاديميون يمنيون ارتفاع مؤشرات الأمية في بلادهم إلى حزمة من العوامل تقف خلفها الحرب، وأبرز تلك العوامل: زيادة التسرب من التعليم الذي ارتفعت مؤشراته جراء نزوح ملايين الأسر، وتدمير آلاف المدارس، فضلاً عن إفقار ملايين الأسر كنتيجة حتمية لتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية للبلاد في ظل انقطاع صرف مرتبات غالبية موظفي الدولة، والذي أسهم في رفع معدلات قصور التعليم النظامي عن استيعاب جميع الأطفال في سنّ المدرسة.


التسرب

 يقول أستاذ التعليم المستمر بجامعة إب، الدكتور عارف البخاري لـ”اليمني الأميركي”: إن «أبرز روافد الأمية، في ظل استمرار الحرب، تسرُّب الطلاب من المدارس، خاصة الأطفال في الصفوف الدراسية الأولى».

 

د. عارف البخاري: أبرز روافد الأمية في ظل استمرار الحرب تسرُّب الطلاب من المدارس.

 

ويشير تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، الصادر في يوليو/ تموز الماضي، بعنوان “تأثير النزاع على تعليم الأطفال في اليمن”، إلى وجود أكثر من مليوني طفل خارج المدارس مقارنة بـ 890 ألف طفل في العام 2015.

ويرى الدكتور البخاري أن «خروج آلاف المدارس عن الخدمة جراء قصفها، أو استخدامها كمأوى للنازحين، أو وقوعها في مناطق الصراع، بالإضافة إلى نزوح ملايين الأسر اليمنية، أدى إلى زيادة مؤشرات التسرب من التعليم».

وتفيد إحصائيات منظمة يونيسف بتضرر 2507 مدارس ما تسبب في خروج أكثر من 400 ألف طفل من المدارس، ونزوح أكثر من 4 ملايين شخص.


الفقر

ويؤكد أستاذ علم الاجتماع التربوي بقسم تعليم الكبار في جامعة إب، الدكتور عبدالسلام الفقيه، «العلاقة الطردية بين استمرار الحرب وارتفاع نسبة الأمية، التي مثلت العائق الأكبر أمام المجتمع اليمني قبل اندلاع الحرب».

 

د. عبدالسلام الفقيه: الحرب أفقرت ملايين الأسر اليمنية، ما دفع أبناءها للخروج إلى الشارع لتوفير لقمة العيش. 

 

وقال لـ “اليمني الأميركي” إن الحرب أفقرت ملايين الأسر اليمنية، نتيجةً لتردي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار جراء انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار (سعر الدولار يساوي 600 ريال في مناطق سلطة صنعاء،  1000 ريال في مناطق الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًّا)، في ظل انقطاع رواتب غالبية موظفي الدولة، «ما أجبر تلك الأسر على الدفع بأبنائها للخروج إلى الشارع بحثًا عن فرص عمل لمساعدتها في تحمل أعباء الحياة وتوفير لقمة العيش، فمع الجوع يصبح التعليم أمرًا ثانويًّا».

وتشير بيانات منظمة يونيسف، إلى أن نحو نصف سكان اليمن كانوا في العام 2014 يعيشون تحت خط الفقر، أما في الوقت الراهن فتشير التقديرات إلى «أن معدلات الفقر على الصعيد الوطني ارتفعت إلى حوالى 80%، ومن بين كل 10 أطفال يعيش أكثر من 8 أطفال لدى أسر ليس لديها دخل كافٍ لتلبية احتياجاتهم الأساسية».


قصور التعليم النظامي 

وترى الباحثة في جامعة عين شمس بالقاهرة، لنيل درجة الدكتوراه، رحمة محمد، أن «الأمية كظاهرة لم تحضَ باهتمام الحكومات اليمنية السابقة، كما هو حال التعليم النظامي، ما أدى إلى قصوره، وبالتالي تزايد نسبة الأمية، التي ارتفعت مؤشراتها بشكل كبير خلال سِني الحرب».

وتقول لـ “اليمني الأميركي”: «كنا نُعاني من قصور نظام التعليم في السابق، فكيف سيكون الحال في ظل انقطاع مرتبات المعلمين منذ العام 2016، وهو الأمر الذي سيدفعهم للبحث عن أعمال أخرى لتأمين لقمة العيش، وبالتالي توقفهم عن العمل في المدارس وخروج الطلاب المتبقين ليضافوا إلى قوائم الأمية».

 وحسب تقرير منظمة يونيسف، فإنّ «ما يزيد على 171600 معلم ومعلمة لم يتسلموا رواتبهم بشكل منتظم لمدة أربع سنوات، وبالتالي التوقف عن التدريس لإيجاد سبل أخرى لإعالة أسرهم، الأمر الذي يعرّض ما يقرب من 4 ملايين طفل إضافي لخطر فقدانهم فرص الحصول على التعليم».

وتشير الباحثة رحمة محمد إلى صعوبة الحصول على أرقام وإحصائيات دقيقة يتم من خلالها تحديد نسبة الأمية، لافتة إلى «تضارب تلك الأرقام من مصدر إلى آخر لكونها ارتجالية، ولا تعتمد على مسوح أو دراسات ميدانية».


محو الأمية

في ظل ارتفاع نسبة الأمية تشير آخر الإحصائيات لجهاز محو الأمية وتعليم الكبار في صنعاء، إلى أن إجمالي عدد الدارسين في فصول محو الأمية لمرحلتي الأساس والمتابعة بلغ 92482 دارسًا ودارسة، منهم 86497 دارسة يدرسون في 3533 فصلًا دراسيًّا في 1787 مركزًا لمحو الأمية، موزعة على 12 محافظة.


إحصائيات مسيّسة

ويفيد مستشار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (اليكسو) الدكتور يحيى الصايدي لـ “اليمني الأميركي” بعدم وجود إحصائيات عن الأمية في اليمن في ظل الأوضاع الراهنة، مشيرًا إلى «إشكالية ازدواج البيانات والإحصائيات بين صنعاء وعدن، إنْ وجدت».

 

مستشار منظمة (اليكسو) د.الصايدي: ستظل الأمية في تزايد متسارع في ظل ظروف الحرب وتعليم أساسي شبه مغلق.

 

واعتبر «أيّ معلومات أو بيانات من صنعاء أو عدن، أو حتى من الخارج غير سليمة ومسيسة، ولا يعتد بها»، مؤكدًا أن الأمية ستظل في تزايد مستمر حتى تصمت البندقية، حد تعبيره.

ويؤكد «تزايد نسبة الأمية المتسارع في ظل استمرار الحرب وتعليم أساسي شبه مغلق.. إذا كانت أعداد الأميين في ازدياد في فترة الاستقرار، فما بالك في مثل هذه الأوضاع».

مما سبق نؤكد أن العلاقة الطردية بين الأمية وإطالة أمد الحرب ستظل في تزايد مستمر، الأمر الذي سيفاقم من معاناة أطفال اليمن ويحرمهم من احتمالات عودتهم إلى مدارسهم، وهو ما ينذر بتزايد المعوقات أمام برامج التنمية مستقبلاً عقب توقف الحرب؛ لأن مؤشرات الأمية المرتفعة تُمثل معوقًا كبيرًا أمام أيّ برامج تنمية في أيّ بلد، علاوة على انعكاسات ذلك على مؤشرات البطالة والفقر والجريمة، وغيرها.

   
 
إعلان

تعليقات