Accessibility links

أمراض القلب بين الرياضيين: أسئلة على طاولة طبيب


إعلان
إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – محمد الأموي:

تزايدت، في الفترة الأخيرة، إصابات الرياضيين، وتحديدًا لاعبي كرة القدم، بمشاكل صحية في القلب؛ لذلك نجد الجميع (جماهير ومهتمين بالشأن الرياضي) يتوقعون في أيّ لحظة، وفي أيّ مباراة أو بطولة خبرًا عن إصابة لاعب في القلب، أو رياضي فقد حياته بسبب متاعب في قلبه، وآخر يعتزل بسبب مشاكل صحية بالقلب، لتبقى الأسئلة مطروحة حول هذه الحالات التي انتشرت في السنوات الأخيرة.

محمد بلفاس لاعب منتخب الجالية اليمنية- البحرين

 

الرياضيون وأمراض القلب

إن تعرّض الرياضيين لمتاعب صحية في القلب ليست جديدة، بل سبق، وعلى مدى سنوات متباعدة، أنْ توفّي عديد من اللاعبين بسبب التوقف المفاجئ للقلب في أثناء المباريات، ومن أبرزهم نجم الكرة التونسية ونادي الترجي، الهادي بن رخيصة، واللاعب الكاميروني، مارك فيفان فوي، والمدافع السابق لمنتخب إنجلترا، إييو غو.

وأحدثُ ضحايا هذه الإصابات هو لاعب منتخب الجالية اليمنية في مملكة البحرين، اللاعب محمد بلفاس، الذي توفي بسبب توقف قلبه أثناء أحد التمارين.. وهناك – أيضًا – اللاعب الجزائري، سفيان لوكار، الذي فارق الحياة بعد سقوطه على أرض الملعب، خلال لقاء جمع فريقه (مولدية سعيدة) مع فريق (جمعية وهران) في دوري الدرجة الثانية الجزائري.

وفي سلطنه عُمان توفّي مدافع نادي مسقط، مخلد الرقادي، خلال عملية الإحماء قبل مباراة فريقه ضد فريق السويق، ضمن الجولة السادسة للدوري العُماني بسبب نوبة قلبية حادة.

واللافت أن حوادث سقوط الرياضيين الشباب تتعلق كلها بمشاكل في القلب، وباتت أمرًا يثير الاستغراب.. ففي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وخلال مباراة فريقي برشلونة وألافيس في الدوري الإسباني، سقط المهاجم الأرجنتيني، سيرجيو أغويرو (32 عامًا)، على الأرض ممسكًا صدره، وهو يشكو من آلام متواصلة، ليتبيّن خلال الفحوصات الطبية أنه يعاني من اضطرابات في ضربات القلب، ويعلن بعدها اعتزاله اللعبة.

وسبق لوكار وأغويرو وفاة أدهم السلحدار، نجم فريق الإسماعيلي المصري السابق، والمدير الفني لفريق المجد السكندري، إثر تعرضه لأزمة قلبية، عقب تسجيل فريقه هدف الفوز في الثواني الأخيرة، بمرمى فريق الزرقا، بدوري الدرجة الثانية المصري.

وفي 21 من الشهر الحالي، أعلن نادي (تورنادو) المشارك في دوري الدرجة الثالثة الإندونيسي لكرة القدم، وفاة الحارس توفيق رمزي، بعد اصطدامه بأحد لاعبي الخصم خلال إحدى المباريات.

وربما سجلت هذه الحوادث ظهورًا مؤلمًا في العام 2020م من خلال اللاعب الدانماركي، كريستيان إريكسن، الذي سقط مغشيًّا عليه في بطولة كأس الأمم الأوروبية 2020 في يونيو/ حزيران، عندما تعرض لأزمة قلبية خلال الشوط الأول من مباراة الدانمارك ضد فنلندا في كوبنهاجن.

وأنقذت حياة إريكسن، (الذي فسخ فريقه (إنتر) عقده بسبب عدم قدرته على اللعب مجددًا في الدوري الإيطالي؛ لأن نظام الدوري الإيطالي لكرة القدم (كالتشيو) يمنع أي لاعب لديه مشاكل في القلب من اللعب، وبالتالي انتقل مؤخرًا لفريق برينتفورد الإنكليزي)، بعد إجراء عملية إنعاش قلبي رئوي له في الملعب، واستخدام جهاز مزيل الرجفان لإعادة قلبه للعمل، قبل نقله إلى المستشفى، حيث تعافى بعد خضوعه لعملية جراحية في القلب.

أخصائي أمراض القلب رشيد العواضي: أسباب مختلفة تؤدي لتوقف قلب اللاعب بشكل مفاجئ خلال المباريات.

 

أسئلة تبحث عن إجابة

هذه المشاكل القلبية التي تصيب الرياضيين جعلت الشارع الرياضي يتساءل: كيف يُصاب الرياضيون بأمراض تتعلق بالقلب وهم يتمتعون بصحة جيدة كما يفترض، وما نوعية المشاكل الصحية التي قد يتعرض لها قلب اللاعب، وما الذي يجب التزامه لحماية اللاعبين، وما الألعاب الرياضية التي من المرجح أن يُصاب لاعبوها بمتاعب في القلب؟

د.رشيد العواضي

 

كل ذلك وأكثر طرحته صحيفة (اليمني الأميركي) على طاولة الدكتور رشيد العواضي، أخصائي أمراض القلب في صنعاء، وصديق الرياضيين في اليمن، والذي أجاب قائلاً: «لعل أبرز أسباب الإصابات هي إسراف بعض اللاعبين في استخدام وتناول المواد المنبهة… والتي تتسبب في تسارع شديد واضطرابات لنظم القلب؛ مما قد يؤدي للتوقف المفاجئ للقلب.

وأكد الدكتور رشيد العواضي: أهمية وجود سجل طبي للاعب؛ وذلك من أجل معرفة الحالة الصحية له مسبقًا، «إذ يجب معرفة حالته الصحية، وخاصة حالة قلبه قبل خوضه التمارين والمباريات، ومنعه من اللعب إذا كان لديه مشاكل في القلب؛ حفاظًا على حياته».

وتابع: «لذلك يجب أن يمتلك كلّ رياضي سجلًّا طبيًّا متكاملًا، وأن يخضع قلب الرياضي للفحص الطبي الروتيني الشامل، وبشكل دوري».

– ما الذي يجب عمله لتفادي إصابة اللاعبين بمشاكل في القلب؟

من أجل أن يتجنب الرياضيون تعرضهم لمشاكل صحية في القلب يوصي الدكتور رشيد باتباع التالي:

«أولاً: الابتعاد عن المواد المنبهة والمنشطة ومشروبات الطاقة والغازية والكحوليات ليتجنبوا تسارع نبضات القلب وخلل نظم القلب.

– ثانيًا: أن يكون للرياضي تاريخ أُسري جيد (عدم تعرّض أحد أفراد أسرته لأيّ من المشاكل الصحية للقلب، أو وفاة أحدهم بشكل مفاجئ أثناء الحركة أو النشاط أو مزاولة الرياضة)، وهذا يوضح لنا وجود أو عدم وجود أحد أنواع أمراض القلب في أحد أفراد أسرة الرياضي، وإذا وجدت إصابة أحد أفراد أسرته بمرض في القلب، فيجب أن يتوقف الرياضي عن بذل أيّ مجهود يعرّض حياته للخطر.

– ثالثًا: ضرورة حصول كل رياضي على سجل طبي متكامل، وذلك من خلال إجراء الفحوصات الطبية المتكاملة، وتحديدًا للقلب، وبشكل دوري ودقيق، وليس تخطيطًا عاديًّا، بل يجب عمل تخطيط عالي الدقة، وبالموجات فوق الصوتية، والتخطيط بالجهد، وتخطيط كهربائية القلب، وذلك بحسب رأي الطبيب المختص… بالإضافة إلى معرفة نسبة الدهون وغيرها من فحوصات القلب الأخرى».

وأشار د. رشيد إلى الألعاب الرياضية التي من المحتمل أن يتعرض لاعبوها لمشاكل صحية في القلب، موضحًا أن «لعبة كرة القدم (الفوتبول) وكرة القدم الأميركية وكرة السلة ولعبة الهوكي تُعدّ من أكثر الألعاب التي قد يتعرض مزاولها لمشاكل صحية في القلب بسبب الجهد الكبير الذي يبذله مَن يمارسها، وأيضًا بسبب قوة وكثرة الالتحامات والصراعات الجسدية بين اللاعبين، وخاصة إذا تعرض اللاعب لاصطدام جسدي قوي في صدره حيث القلب، أو تعرض لكرة قوية (الكرة المستخدمة في كرة القدم الأميركية، كرة حديدية) فذلك قد يتسبب في توقّف مفاجئ للقلب».

هل قلب الرياضي يتعرض لمشاكل صحية محددة؟

بمعنى آخر.. ما المشاكل الصحية التي قد يتعرض لها قلب الرياضي؟

هنا يجيب الدكتور رشيد العواضي: «إن أكثر المشاكل الصحية التي قد يُصاب بها قلب الرياضي هي: تصمُّغ جدار البطين الأيسر (دون اعتلال العضلة)، والذي قد يؤدي أثناء المجهود والنشاط إلى سدّ مخرج الدم من البطين الأيسر إلى الأورطي، وبالتالي يحدث اختلال في نظم القلب، ويحدث هبوط مفاجئ للدورة الدموية، ويموت المريض أثناء الجهد (اللعب أو التمرين).

وتابع: «ثاني المشاكل التي قد تُصيب قلب الرياضي هي عدم انتظام ضربات القلب واختلال نظمه (قد يحدث بسبب بعض الأدوية المنشطة المسموح بها، والتي تستخدم أثناء التدريبات والمباريات، وأيضًا قد تحدث بسبب المواد المنبهة القوية).

واستطرد: «ثالث المشاكل وجود عيب خلقي في الشرايين التاجية، إما من مخرجها، أو أنها تمر في مكان على عضلات القلب (عند حدوث جهد كبير ينقبض القلب ويضغط على الشريان (هذا أثناء انضباط القلب)، وفي المجهود يحصل خلل في القلب ونظمه مما قد يؤدي لوفاة المريض (اللاعب)… وهناك عيوب خلقية كثيرة في الصمامات وفي مخارج الشرايين والأوعية الدموية، وكل تلك العيوب وغيرها قد تكون موجودة لدى بعض الرياضيين، وتلعب دورًا في تعرضه لإحدى مشاكل القلب الصحية».

 

أحدث الضحايا هو لاعب منتخب الجالية اليمنية في مملكة البحرين، محمد بلفاس، الذي توفّي بسبب توقُّف قلبه أثناء أحد التمارين.

«كرة القدم (فوتبول) وكرة القدم الأميركية وكرة السلة ولعبة الهوكي من أكثر الألعاب التي قد يتعرض مزاولها لمشاكل صحية في القلب».

 

في الأخير..

الجدير بالإشارة أن السلطات الرياضية لمختلف الهيئات والاتحادات الرياضية محليًّا وقاريًّا ودوليًّا عملت على اتخاذ الإجراءات الممكنة حتى الآن بما يضمن حماية الرياضيين من الإصابة بمشاكل في القلب… وفي هذا السياق توسعت الدراسات والبحوث المختلفة بما يضمن حماية الرياضيين في مختلف الألعاب الرياضية من الإصابة بمشاكل صحية، وبخاصة المفاجئة منها.

   
 
إعلان

تعليقات