Accessibility links

أزمة وقود خانقة تُهدِّدُ بكارثة إنسانية وشيكة في اليمن 


إعلان

صنعاء: دخَلنا في الساعات الأولى من انهيار القدرات التشغيلية للخدمات

صنعاء – “اليمني الأميركي”

نحو ثلاثة دولارات هو مجموع ما يجنيه (علي) خلال اليوم في أحسن الأحوال من العمل على سيارة الأجرة في شوارع صنعاء، مع ارتفاع أسعار البنزين إلى أكثر من الضِّعف جراء أزمة خانقة تقتربُ من الشهر الخامس، وباتت تُهدِّدُ بكارثة إنسانية وشيكة مع إصرار التحالف على منْع سُفن النفط من الوصول إلى ميناء الحديدة، منذ يونيو (حزيران) الماضي.

وأعلنت السلطات في صنعاء، اليوم (الاثنين)، الموافق 12 تشرين الأول (أكتوبر)، بدء الدخول في الساعات الأولى من انهيار القدرات التشغيلية للخدمات… في مؤشر خطير يُنذِرُ بكارثة إنسانية تُضاعِفُ من معاناة الناس هناك. 

يكافح اليمنيون من أجل بقائهم فقط، فالوضع الصحي والغذائي في بلادهم بات على وشك الانهيار، حيث يعاني ما يقرُب من 2.2 مليون طفل يمني من سوء التغذية الحاد بسبب نقص الغذاء وممارسات التغذية المنزلية الخاطئة في ظل تدهور الأوضاع المعيشية لليمنيين، التي أصحبت صعبة للغاية مع الحرب التي صارت في عامها السادس.

تفرضُ تلك الحرب ضغوطًا جديدة كلّ يوم على حياة الناس، متسببةً بارتفاع مؤشرات الفقر لمستويات مُخيفة، وتدهور معدلات الأمن الغذائي، ووصول قراءات الوضْع الصحي لمؤشرات مثيرة للقلق.

آخر الأزمات التي تفرضها الحرب على اليمنيين اليوم تتمثلُ بأزمة المشتقات النفطية التي تعاني منها المناطق الخاضعة لسلطة صنعاء بدرجة كبيرة؛ جراء منع التحالف المسانِد للحكومة (المعترَف بها دوليًّا) وصول سفن النفط إلى ميناء الحديدة بدعوى إجبارها على دفع الضرائب للحكومة الشرعية المقِيمة في الرياض، وهو ما ترفضه سلطة صنعاء؛ الأمر الذي فاقم من معاناة الناس هناك، ويُهدِّد بعد أربعة أشهر من هذه الأزمة بانهيار ما تبقى من قِطاع الخدمات في تلك المناطق؛ وعندها ستقعُ كارثة إنسانية.  

تفاقمت أزمة المشتقات النفطية المتصاعدة منذ حزيران (يونيو) إلى حدٍّ وصل معه سعر صفيحة 20 لتر بنزين إلى 16 ألف ريال (25 $ تقريبًا) في ظل محدودية توفره؛ الأمر الذي ضاعف من معاناة الناس من خلال تراجُع كثير من الخدمات؛ وهو ما سيضاعف من المعاناة الإنسانية في حال استمرت الأزمة في هذا التفاقم. 

وأُعلِن اليوم في صنعاء أنّ منْع التحالف، المُسانِد للحكومة (المعترَف بها دوليًّا)، وصول قاطرات النفط التي كانت تصلُ بَرًّا إلى مناطق سلطة صنعاء، والتي كانت تُغطّي ما نستبه 10 بالمئة من احتياج السوق… سيُضاعِف من معاناة الناس في ظل استمرار التحالف منْع وصول سفن النفط إلى ميناء الحديدة… مما يعني تهديد ما تبقّى من قطاعات الخدمات بالتوقف، لا سيما وأنّ آخر سفينة سمح لها التحالف بالوصول إلى ميناء الحديدة كان قبل سبعين يومًا، وفق سلطة صنعاء (اليوم الاثنين – 12 تشرين الأول (أكتوبر).

 

تَفرِضُ الحرب المستمرة في اليمن ضغوطًا جديدة كلّ يوم على حياة الناس متسببةً بارتفاع مؤشرات الفقر لمستويات مُخيفة وتدهور معدلات الأمن الغذائي ووصول قراءات الوضع الصحي لِمؤشرات مُثيرة للقلق

 

                                       بدء الانهيار

وحسب سلطة صنعاء فإنّ تلك المناطق قد دخلت بدءًا من اليوم في الساعات الأولى من انهيار القدرات التشغيلية للخدمات؛ نتيجة استمرار احتجاز سفن الوقود… وهو ما أعلنت شركة النفط بصنعاء اليوم في صفحتها على موقع “فيسبوك”.

وأوضحت الشركة أنّ ما تم الإفراج عنه خلال أربعة أشهر ونصف هو خمس سفن وقود لا تغطي أكثر من 12 بالمئة من الاحتياجات الضرورية.

وقالت الشركة: إذا لم تقُم الأمم المتحدة بواجبها إزاء احتجاز السفن قُبالة جيزان فسنواجه كارثة لها تداعيات خطيرة. 

وقد وجّه مجلس النواب – صنعاء رسائل إلى أمين عام الأمم المتحدة وعدد من رؤساء الاتحادات البرلمانية بشأن احتجاز سفن المشتقات النفطية والدوائية والغذائية، واستمرار ما أسماه “العدوان والحصار على الشعب اليمني”.

وتستمر أزمة الوقود، في الحدّ من توافر البنزين والديزل في الأسواق الرسمية بمناطق سلطة صنعاء مع ارتفاع أسعار البنزين والديزل بنسبة تزيد عن 100 في المئة بالسوق السوداء، وهو ما انعكس سلبًا على أجور نقل السلع الأساسية، بما في ذلك الغذاء والماء.

                                    بدائل

 جراء تفاقُم الأزمة بدأ العاملون في الخدمات الضرورية البحث عن بدائل للاستمرار في العمل وتوفير ما يحتاجه الناس. 

عبدالحفيظ يُديرُ مخْبزًا للرغيف في شارع القاهرة – شمال صنعاء، اضطرّته أزمة المشتقات النفطية الأخيرة للبحث عن بدائل لتفادي احتمالات إغلاق المخبز، وذلك من خلال الاعتماد، بدرجة كبيرة، على الحطب في إيقاد فرن المخبز للتقليل من استهلاك مادة الديزل. 

فيما يستعين (علي) لإعالة أسرته بسيارة أجرة (تاكسي) يعمل فيها منذ بدء الحرب كوسيلة لمواجهة ظروف انقطاع صرف الراتب الحكومي… وعند عدم توفر البنزين في الأسواق يضطرّ لشراء البنزين من السوق السوداء بأكثر من ضعف مبلغ الشراء من المحطات، إلا أنه يشكو من عائد زهيد في ظل ارتفاع كلفة البنزين، وقال: «ما أحصلُ عليه يوميًّا بالكاد يُغطي نفقات السيارة ويوفر لأسرتي الاحتياجات الضرورية»، «وفي حال انقطع البنزين تمامًا فلا أعرف كيف سنعيش؟!»

«أخرج يوميًّا من الساعة السادسة صباحًا، وأحرص على المرور في الشوارع التي من المؤكد توفر ركّابًا؛ لِأنّ سعر البنزين المرتفع لا يحتملُ المخاطرة بقيادة السيارة لمسافات طويلة بحثًا عن رُكّاب»، «بالكاد يتوفر لديّ يوميًّا بعد خصم قيمة البنزين 1000 ريال (أقلّ من دولارين) عن عملي طوال اليوم، وأحيانًا 1500 ريال (أقلّ من ثلاثة دولارات)»، يقول علي.

وتُحذِّر السلطات في صنعاء من قُرب انهيار الخدمات في المستشفيات وقطاع الاتصالات وغيرها من القطاعات الحيوية في حال استمر التحالف في منْع وصول السفن المحملة بالوقود إلى ميناء الحديدة.  

وبناءً على ذلك ارتفعت أسعار الخضروات إلى أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة؛ فسعر الكيلو الطماطم وصل في صنعاء إلى 1800 ريال (ثلاثة دولارات أميركي)؛ وهو ما فاقم من معاناة الناس وتراجعت معه مؤشرات الأمن الغذائي للمجتمع؛ وهو ما سبق وحذّرتْ منه منظمات الإغاثة الدولية.

   
 
إعلان

تعليقات