من هم السجناء الأميركيون الذين أطلقتهم إيران من سجونها مقابل صفقة قيمتها 6 مليارات دولار؟
“اليمني الأميركي” – متابعات:
نجحت وساطة قطرية في إطلاق سراح خمسة أميركيين مسجونين منذ سنوات في إيران ويحسبون في عداد الرهائن.
تم ذلك ضمن صفقة مبادلة مثيرة للجدل توسطت فيها الدوحة، وصلت بموجبها 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحتفظ بها في كوريا الجنوبية إلى البنوك في الدوحة.
وفي المقابل أدى ذلك إلى مغادرة الرجال الأربعة وامرأة واحدة في طهران، وهم مواطنون إيرانيون أيضًا، على متن طائرة إلى العاصمة القطرية.
وكان في استقبالهم مسؤولون أميركيون بارزون، ومن بين الأميركيين رجل الأعمال سياماك نمازي البالغ من العمر 51 عامًا، والذي أمضى ما يقرب من ثماني سنوات في سجن إيفين سيئ السمعة بطهران، ومن بينهم أيضًا رجل الأعمال عماد شرقي، 59 عامًا، والمدافع عن البيئة، ومراد طهباز، 67 عامًا، والذي يحمل أيضًا الجنسية البريطانية.
وقالت الولايات المتحدة إن مواطنيها سُجنوا بتهم لا أساس لها من أجل النفوذ السياسي.
وفي أول إشارة إلى التوصل إلى اتفاق، تم نقل السجناء في منتصف أغسطس/ آب من سجن إيفين إلى منزل آمن في طهران، حسب تقرير لموقع (بي بي سي عربي).
كما تم الإفراج عن خمسة إيرانيين مسجونين في السجون الأميركية، بتهمة انتهاك العقوبات الأميركية، كجزء من هذه المبادلة، ومن غير المتوقع أن يعودوا جميعًا إلى إيران.
وقد ذكرت إيران أسماءهم، وهم: رضا سارهنكبور، وكامبيز عطار كاشاني، وكافيه لطف الله أفراسيابى، ومهرداد معين أنصاري، وأمين حسن زاده.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، بعد هبوط طائرتهم في الدوحة: “اليوم، يعود خمسة أميركيين أبرياء كانوا مسجونين في إيران إلى وطنهم”.
وقال إن الخمسة عانوا “سنوات من العذاب وعدم اليقين والمعاناة”.
كما أعلن بايدن عن عقوبات أميركية جديدة تستهدف الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ووزارة المخابرات الإيرانية بسبب ما قال تورطهم في اعتقالات غير مشروعة.
وقال سياماك نامازي في بيان: “لم أكن لأكون حرًّا اليوم، لولا أنكم جميعًا لم تسمحوا للعالم بأن ينساني”.
وقال: “أشكركم من أعماق قلبي.. أشكركم لأنكم كنتم صوتي عندما لم أتمكن من التحدث عن نفسي، والتأكد من سماعي عندما استجمعت القوة للصراخ من خلف جدران سجن إيفين المنيعة”.
كما أشاد ببايدن لاتخاذه “بعض القرارات الصعبة للغاية لإنقاذنا”، و”وضع حياة المواطنين الأميركيين في نهاية المطاف فوق السياسة”.
ويأتي الاتفاق بعد أشهر من المحادثات غير المباشرة التي توسطت فيها قطر، والتي بدأت في فبراير/ شباط من العام الماضي.
وقال مصدر إن تسع جولات على الأقل من المحادثات دارت في الدوحة، كما قام مسؤولون قطريون كبار برحلات مكوكية بين طهران وواشنطن.
وقال البروفيسور مهران كامرافا، الإيراني المولد، والذي يدرس الآن في جامعة جورج تاون في قطر، لـ”بي بي سي”: “أعتقد أن الجانبين أحرزا قدرًا من الكسب”.
وقال: “بالنسبة لبايدن، مع اقتراب الانتخابات، فهو يعيد الأميركيين إلى الوطن، وبالنسبة لإيران هناك إطلاق سراح الإيرانيين المسجونين في الولايات المتحدة، لكن هذه الستة مليارات [الدولار] تعتبر فوزًا كبيرًا”.
وأعلن المسؤولون الإيرانيون مرارًا وتكرارًا أنهم سينفقون أموالهم كما يحلو لهم، لكن المصادر المشاركة في هذه العملية تصر على أن هذه الأموال ستخضع لرقابة صارمة.
من هم السجناء الأميركيون؟
مراد طهباز: اعتقل عام 2018 مع ثمانية إيرانيين آخرين من دعاة الحفاظ على البيئة، وكانوا يستخدمون الكاميرات لتعقب الفهود الآسيوية البرية المهددة بالانقراض، لكنهم اتُهموا بالتجسس، ونفى التهمة لكن حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.
سياماك نمازي: مسؤول نفطي مقيم في دبي، اعتقل عام 2015، واعتقل والده المسن، باقر، في العام التالي، بعد أن سمح له المسؤولون الإيرانيون بزيارة ابنه، وحكم عليهما بالسجن 10 سنوات بتهمة “التعاون مع عدو أجنبي”، وهو ما نفاه كل منهما، وسمحت إيران لباقر بالمغادرة لتلقي العلاج الطبي في عام 2022.
عماد شرقي: اعتقل عام 2018 أثناء عمله في صندوق رأس المال الاستثماري الإيراني. أُطلق سراحه بكفالة، وأُبلغ فيما بعد أنه تمت تبرئته من تهم التجسس، وأبلغته المحكمة في عام 2020 بأنه أُدين غيابيًّا وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، وأُطلق سراحه قبل الاستئناف، ويُقال إنه احتُجز في عام 2021 أثناء محاولته عبور الحدود الغربية لإيران بشكل غير قانوني.
ولا يرغب اثنان آخران الكشف عن هويتهما.
هذا وشددت الإدارة الأميركية على أنه “لن تذهب أي أموال إلى إيران”، “فقط المعاملات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء والزراعة، وسيتم دفعها معاملة تلو أخرى”.
وقالت مصادر لـ”بي بي سي” إن هذه الأموال ليست ضمن الأصول الإيرانية المجمدة بموجب العقوبات. وكانت الأموال الموجودة في كوريا الجنوبية، وهي عائدات مبيعات النفط الإيراني، متاحة لطهران لتقديم مساعدات ثنائية وغير خاضعة للعقوبات، ولكن لم يتم إنفاقها لأسباب مختلفة بما في ذلك صعوبات تحويل العملة.
وندد جمهوريون أميركيون بالصفقة، ووصفوها بأنها دفع فدية وتخفيف للعقوبات، وانتقد الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، مايكل ماكول، الحكومة الأميركية لتحويلها الأموال إلى “أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم”.
ويحد من الارتياح الكبير لعودة السجناء إلى ديارهم معرفة أنه قد يتم احتجاز آخرين في المستقبل، وما يزال مواطنون مزدوجو الجنسية خلف القضبان في طهران.
وقالت سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن: “أصبحت الحكومة الإيرانية حكومة احتجاز الرهائن”.
وأضافت: “يستخدمون الناس كوسيلة للضغط، وهذا جزء من نفوذهم ضد الغرب”.
وتأمل قطر أن يساعد هذا التعاون النادر في تحفيز التقدم في نزاعات أخرى طويلة الأمد، ويشمل ذلك الاتفاق النووي لعام 2015، الذي يعتبره كثيرون ميتًا بسبب القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، بالانسحاب منه قبل خمس سنوات.
وقال إن إيران ستواصل الحفاظ على العِداء الاستراتيجي مع الولايات المتحدة طالما بقي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في السلطة.
ولطالما تم حث الرئيس بايدن على إعادة الأميركيين إلى الوطن.
وفي وقت سابق من هذا العام، كتب له سياماك نمازي من أحد السجون الإيرانية، ووصف نمازي، الذي قالت الولايات المتحدة إنه اعتقل ظلمًا، نفسه بأنه يحمل “اللقب الذي لا يحسد عليه كأطول رهينة إيرانية -أميركية محتجزة في التاريخ”.
كما شعر مراد طاهباز وعائلته بالغضب والتخلي عنهم بعد تلقي تأكيدات من الحكومة البريطانية بأنه سيعود إلى بريطانيا العام الماضي مع اثنين آخرين من البريطانيين الإيرانيين الذين تم اعتقالهم تعسفيًّا، وهما نازانين زغاري راتكليف وأنوشه عاشوري.
تعليقات