رستم عبدالله
أندفع كالمجنون مغادرًا المنزل بعد أن تناول فطوره على عجل، وارتدى ملابسه دون اكتراث.. لقد كان على موعد مهم مع صديقه الحميم.. إنه صديق العمر وصديق السمر ومجالس الأنس.. وصل إلى السوق باكرًا، لم تكن الزحمة قد بدأت، كان هناك القليل من المتبضعين في السوق وعدد لا بأس به من الباعة المتجولين، والمحلات التجارية والمطاعم التي تفوح منها رائحة الطعام الشهي. لقد أخطاء التوقيت، فالوقت ما يزال باكرًا وميعاده مع صديقه لم يحن بعد، ولكنه آثر أن يكون أول من يحضر وينتظر، مخافة أن يقدم صديقه وينصرف، لا سيما وصديقه لا يلتزم بموعد محدد، فقد يتقدم أو يتأخر، بل يبيت في أحيان كثيرة في السوق. بدأت الزحمة تزداد رويدًا رويدًا، وحركة السوق تنشط، والصخب يعلو، وأعداد كبيرة من السيارات والموتوسيكلات تقبل على السوق، وأحس بداخله يضطرم وقلبه يخفق وتوتره يزداد حدة، ووسط كل هذه الزحمة والضجيج وبجسم مضطرم وعينين متلهفتين، رأى صديقه محمولاً على الأكف بلطف وحفاوة وهو مرتدٍ حلة خضراء زاهية وقشيبة، والناس تفسح له الطريق بإجلال وتهيب، حتى دلف أحد المحلات والناس ملتفين حوله ينفحونه الأموال بسخاء راح يعبث في جيبه هو الآخر ويخرج كل ما بحوزته من نقود، وعن رضا نفس وطيب خاطر، دفعها لصاحب المحل وأخذ منه ربطة القات، الآن فقط خف توتره وسكنت أعماقه، وعاد أدراجه إلى المنزل.. والابتسامة تعلو شفتيه.
* قاص وروائي يمني.
تعليقات