عبدالله الصعفاني*
ما أكتبه هنا ليس مرثية، ولا كلمات يُقصد منها تجديد ذرف الدموع، وإحياء الأحزان لبطل هذا المقال ومحبيه الكثر.. لكنه تذكير للجيل الرياضي اليمني الجديد برجل أسس للرياضة اليمنية وأحبَّها حتى الموت.
* أتحدث هنا عن رجل كان في الرياضة اليمنية أنموذجًا، وعنوانًا جميلاً، نفتقده أكثر كلَّما تأملنا في مشهدنا الرياضي الضاحك على الذقون بتفاصيل وعناوين وشعارات خائبة فاسدة.
إنه فقيد الرياضة اليمنية علي عبد الكريم الصباحي الذي أحيا نادي وحدة صنعاء ذكرى مرور سنة على امتطائه حصان المغادرة المؤسفة.. الرجل الغائب الحاضر في المدى، الباحث عن الراحة من رحلة الحب والألم.
* المباراة التي جمعت نجوم أندية العاصمة صنعاء بنجوم نادي الوحدة كانت تظاهرة في حب الراحل علي الصباحي، مسبوقة بدعاء اللاعبين والجمهور وقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة.
* وكما كان الصباحي أحد أبرز مؤسسي الرياضة اليمنية، فإنه اليوم الكاشف حقيقة أننا لم نرتقِ إلى مستوى ما كان يتطلع إليه وهو يقود الكرة اليمنية للحصول على اعتراف الاتحاد الدولي بحق اليمن بالمشاركة في البطولات العربية والقارية والدولية.
* في كل محطة من حياة الصباحي عبد الكريم، كان مثلاً محترمًا، مجسِّدًا في علاقته بصديقه الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي حقيقة قول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: “الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف”.
* وتعالوا نتعرف على عناوين محطات الصباحي المتميزة، التي كان فيها المؤسس بفكر رياضي متوقد ودماغ مفتوح على الشمس والهواء، مستشعرًا أهمية الأمل في محاكاة ما يعتمل في العالم من الحراك.. وليت من رافقوه أو جاءوا بعده تمتعوا باليسير من روح وعقل رياضي أسس نادي الفتوة في مدينة إب، وكان أول رئيس يمني لاتحاد كرة القدم، وساهم في تشكيل أول لجنة رياضية بأسس نظامية قانونية، وما سبق ولحق ذلك من تنظيم أول دوري تصنيفي شامل لكرة القدم والذي فاز به نادي الجيل في العام 1978.
* وبالنسبة لي.. كلما ورد اسم علي الصباحي، تذكرتُ جمال وخصوصية إدارته للرياضة، سواء في الداخل اليمني أو أثناء قيادته للبعثات الرياضية، ومنها بعثة اليمن التي شاركت في أولمبياد لوس أنجلوس، العام 1984.
* لقد استحق الفقيد كل تكريم، وفي مقدمة ذلك حصوله على جائزة اللجنة الاولمبية الدولية عام 2009 “الرياضة ومكافحة المنشطات” وهي جائزة تذكّرنا بأن الجوائز هي اعتراف بالمؤثرين، وتقدير الجهد المميز، والتشجيع على الابتكار والإبداع، حيث للجوائز شروط وقواعد عادلة وصارمة.
* ولو كان لي من ذكريات مع الأستاذ علي الصباحي، فسيتصدرها الاعتراف بأن من يرافقه في المهمات الرسمية لا بد أن يتعلم منه الكثير.
* مع هذا الرجل، ستعرف كيف أصبحت الوفود الرياضية اليوم عشوائية وغير منظمة.. وكيف أن جهلة الحركة الرياضية لم يتعلموا منه شيئًا، واكتفوا بتصدُّر المشهد لغرض التكسب والمظاهر المزيَّفة، والعيش على هامش الحياة الرياضية في المنطقة والعالم.
* قاد الصباحي أول اتحاد كرة قدم فكان النموذج.. ونفس النموذجية حققها في ناديه المفضل (وحدة صنعاء)، إدارة وتخطيطًا وأخذًا بأسباب النجاح.
* إذا رافقت الصباحي في إحدى دورات عربية وقارية وعالمية، ستجده القيادي المميز المتحضر.. يتابع الألعاب بشغف لا يصدُر إلا من متذوق ومتشبع بجماليات كل الألعاب الجماعية والفردية: كرة قدم، جمباز، سباحة، ألعاب قوى، ودفاع عن النفس، وغيرها.. إنه العشق الأصيل للرياضة مع مرتبة الشرف.
شكرًا لنادي وحدة صنعاء ورئيسه أمين جمعان على إحياء ذكرى الفقيد الرياضي الأصيل.. ورحمة الله تغشى فقيد الرياضة الكبير علي عبد الكريم الصباحي.
* كاتب يمني
تعليقات