عبدالله الصعفاني*
هل هناك أكبر دليل على الدعم النفسي للمواهب من هجرة مؤقته للأب مع ولديه من صنعاء إلى وسط الوسطى ليرسي لهما دعائم النجومية الرياضية رغم ما في ذلك من تكاليف لا يبذلها إلا عاشق، يمتلك الفكرة والموضوع الرياضي؟.
* أتحدث هنا عن ابن يريم الكابتن زيد القاسمي الذي التقيته في طاجيكستان، فوجدتني أمام يمني يمتلك الموضوع والفكرة الرياضية، ومستعد لبذل الغالي والنفيس من أجل تنفيذها.
* إنها حكاية رياضية ملهمة لا بد من التذكير فيها بأن القاسمي زيد ينتمي لأسرة رياضية يمتد شغفها الرياضي من ملعب صغير بحجم طاولة وبساط إلى خوض رحلات قطعت مسافات القارات على ظهر جمل.
و”إذن” فالحديث عن زيد القاسمي مؤسس اتحاد البلياردو والسنوكر ورئيس سابق لاتحاد كمال الأجسام سيذكرك بأخيه الرحالة أحمد القاسمي وتجليات سمير أحمد القاسمي لنكون أمام عائلة رياضية جمعت بين النبش في عالم يمتد من مضارب الألعاب البسيطة وكمال الأجسام إلى رحلات طويلة على الجِمال والأقدام والأقلام..!
* قلت للأب زيد القاسمي: ماذا تصنع يا زيد في طاجيكستان، فقال بأنه في مهمة البحث عن مناخ رياضي صحي لولديه أنس وإسماعيل اللذين يمارسان رياضة الملاكمة، ويتطلعان للوصول إلى دنيا الاحتراف والنجومية بعد أنْ لاحظ عليهما القوة الدافعة الخاصة بالموهبة والبطل، لأنه ليس أفضل من زرع فكرة البطولة والنجومية من الصغر، والإجابة على سؤال ماذا أريد من الرياضة..؟
ممارسة هواية، أم منافسة واحتراف، بل واستثمار على المدى المنظور والطويل.
* هناك في دوشنبي تذكرت بطل الملاكمة نسيم حميد، وكيف سار في الإبهار على خطى محمد علي كلاي في موضوع الطيران كالفراشة واللدغ كالنحلة لأقول للنجمين الصغيرين ناصحًا:
الكثيرون يمارسون الرياضية، والنادرون فقط هم من يتصدرون العروش، ولذلك اطرقوا باب التميز.. تفوقوا على أنفسكم لتتفوقوا على منافسيكم.
الملاكمة شجاعة.. ثقة بالنفس.. انضباط وتركيز عاليين، وطبعًا القدرة على تحمل الضغط داخل وخارج الحلبة.
* في دوشنبي اشتكى القاسمي الأب من أن فرص التمارين والمشاركات هناك لا تلبي طموحات ولديه، وهو ما دفع الأخ محمد الأهجري لمخاطبة نظيره أمين عام الأولمبية الطاجاكي بمذكرة رسمية ليتسنى للملاكمين الشابين المشاركة في تدريبات ومواجهات تساعد مدربهما الطاجيكستاني على اكتشاف كل قصور وتصويبه، لأن في الملاكمة الكثير من التحديات البدنية والنفسية، وعلى اللاعب الناشئ تجاوز تحدي التنسيق بين جسده ويديه، وحركته وعينيه أثناء العراك داخل الحلبة.
* البناء الصحيح مناخ صحيح.. هذا ما فكر به زيد القاسمي قبل أن يربط وولديه أحزمة السفر باتجاه آسيا الوسطى حيث يوجد في العاصمة الطاجيكية مجمع للفنون القتالية، واهتمام يؤكده استضافة طاجيكستان لِما يسمى بطولات سلسلة حزام الذهب.
* أما صوابية الرحيل إلى دوشنبي فتظهر في كون الملاكمين الصغيرين أنس وسهيل لن يُحققا التطور في اليمن لعدم توفر مدربين مؤهلين بحجم الطموح وغياب البرامج التدريبية أو النشاط حقيقي، وهو ما يعيق طموحات تطور أي لاعب؛ لأن ما هو جيد ينتهي إلى نهاية جيدة والعكس صحيح..!
* من هذا الفهم حمل زيد القاسمي عصا الرحيل مع ولديه، بحثًا عن بيئة رياضية محفزة، وتحقيق مستوى تدريبي عالي الجودة ومنتظم، وهو ما لاحظته شخصيًا في دوشنبي التي تتميز بوجود بنية تحتية من الصالات والكوادر الفنية كأولوية حكومية هناك رغم أن أحد الزعامات الدينية في طاجيكستان كان أعلن أن الملاكمة وبعض الألعاب حرام لِما فيها من عنف وخطر.. وكان أن رد عليه الرياضيون بأن الملاكمة هي رياضة الفن النبيل لأنها تعلّم الثقة بالنفس والتعامل مع الآخرين بالكثير من النبل.
* وفي ضوء هذه الحكاية الرياضية الملهمة لا بد أن أغلق باستفهاميات إلى أيّ حد تؤثر العوامل الوراثية في نقل الشغف الرياضي من الآباء إلى الأولاد..؟ وما هذا الجمال الرياضي الذي يدفع أب لاتخاذ مثل هذا القرار الذي يدفع فيه والد أبناؤه للتفوق في عالم صارت فيه النجومية الاحترافية شكلًا من أشكال الاستثمار بالمهارات الرياضية التي تفتح نوافذ تحترم النجومية فيجني البطل ثمرة نجوميته في عوالم تفتح أذرعتها للمتفوقين وللأبطال.
* التمنيات لنجمي الملاكمة أنس وسهيل بنجاحات تصنع الابتسامة عن قريب.
* كاتب رياضي.
تعليقات