عبدالله الصعفاني*
الحزب الديني الانتهازي يتحول إلى عبء على الدين وعلى قواعده.. وحتى على الداعية المستنير الذي ينتمي إليه، ويدفع ثمن انتمائه ولو بالبطاقة.. والأمثلة كثيرة على كارثة التدثر الحزبي بالدين، فيما لا شيء يتحقق من “اِفعل ماتقول.. وقل ماتفعل”.
والحزب المتماهي مع الفاسدين والوجاهات هو سحابة سوداء في أدمغة قواعده، يسيء إلى المنتمين إليه حتى لو كانوا بذرة لمشاريع محترمة ورجال دولة.
* الحزب الذي يركع كباره لأنظمة كان يراها رجعية ثم يلهث منظِّروه لترتيب وضع في إحدى عواصم الاستعمار بصورة مذلة لا يجد أتباعه له من منطق سوى الحسرة على ماضي طوابير الجمعية وكيلو الرز وقصعة الحليب.
* والحزب الذي يرى نفسه نصير مظاليم الدنيا ويظلم ذوي القربى من الأهل والعشيرة وشركاء الوطن يحتاج من يحول بينه وبين استمرار تحطيمه مدرة السلتة، لأن المثل اليمني يقول: “أهل البيت أحق باللبن وأحق بالزبادي..”.
* والحزب الذي يبالغ في نشيد بلاد العُرب أوطاني من الشام لبغداد يحتاج لأنْ يتمثل القدوة، فلا يكون قرويًا، ولا يمارس عادة التماهي مع من غلب مهما كان سيئًا، بحاجة لمن يدلق فوق رأسه تنكة ماء باردة من قاع ثلاجة حفظ الأسماك..!
* ولا يوازي سقوط الكيانات العتيقة والدكاكينية العالقة في تشعبات كيانات أخرى متطبعة مع كل ما هو بائس وفاسد ومضلل إلا إعلاميين وناشطين وأساتذة جامعات وخطباء أحزاب كان الناس يطاردون مقالاتهم وتسجيلاتهم الصوتية وخطبهم الأسبوعية والمسائية.. لكنهم تحولوا بين نكسة وضحاها إلى أصنام بؤس وانتهازية، ودفعوا الناس لتمزيق مقالات ومقابلات وخُطب قديمة زايدت بانتمائها للحق، وللضوء المنبعث في نهاية النفق.
* لقد كشفت الأيام انهم كانوا مجرد أدعياء فضيلة فاسدين، ومشاريع لصوص يتدثرون بالنزاهة، لكنهم جاهزون للذوبان مع ما هو عابث، والواحد منهم في حالة لياقة بدنية وذهنية لسرقة أي شيء وكل شيء..!
كرسي مسؤولية.. بئر نفط.. قنصلية في سفارة.. جَمَل.. دجاجة.. أي حاجة وكل محتاجة.. يعني خذ المكسب ودوس، واترك الناس مدوخين في محنب أو داخل شوالة.
* هل قلت بأن الاحزاب والمكونات السياسية في اليمن صارت عبئًا على أعضائها من أقطاب النوايا الطيبة والأفكار الخلاقة والإبداع في السرد المؤثر..؟
* وهذا الحال في ظني مؤكد بشهادة عقود من الفشل تزيد هنا وتنقص هناك.. وهنا ليس أمام كل وطني شريف متوقد الذهن، نظيف الفكر، ومتميز سابق في عرض بضاعته الكلامية في المنصات والصفحات واستديوهات المقابلات إلا الأخذ بخطوات تحُول بينه وبين مواصلة تمثيل دور الأداة الخربانة في أيدي قيادات معطوبة، مرتهنة، وأكثر خرابًا..
* نصيحة مجانية مهمة أضعها أمام منتمين إلى أحزاب ومكونات أكل الدهر على أفكارها وشرب.. وعمل أشياء لا تخطر على بال، ولا تتحملها قوانين أو أعراف.
* اِعمل شيئًا أيها الحزبي غير الراضي عن قيادة حزبك.. تعوذب من إبليس اللعين.. حوقل، ولا تنسَ صب اللعنات على الشيطان..!
تأمل في حقيقة أن أي منتمِ إلى مكون سياسي صار أمام حتمية الاعتراف بالقول ولو بينه وبين نفسه:
نعم كنت حزبيًا، ولكن تأكدت بتفكيري ومخزونه من الوطنية والنقاء أنني لا أصلح أن أكون حزبيًا.
* قلها وتوكَّل: بأنك كنت حزبيًا، لكنك أقلعت عن ذلك، لأنني لا أستطيع مواصلة صباغة وجوه قيادات مرتهنة لأطماع ونوازع شخصية لا تشبع، لا تقنع.. ومرتهنة لمن يدفع.
* قل إنك تبرأت من كل من يخرب ثم يهرب.. ومن كل من يدعي الوطنية وهو بياع ويخطب ود الحرية والانعتاق وهو في الحقيقة مجرد “بعاع”.
أحزاب ومكونات جهوية صارت عبئًا على التاريخ وعلى الإرث السياسي.. إنها تنتهك المسؤولية، العدالة في التعاطي مع كوادرها وتنظر من نافذة التعصب الفئوي والمحسوبية.. وهي ترفض تنظيم نفسها..
تعيش مهرجانات مزايدة واستغلال، فيما لا تملك من الموقف سوى التمترس خلف خط عزلة وإنتاج البؤس والمشاكل ونفخها وتفجيرها.
* والمؤسف أن العامل المشترك هو الحقيقة الصادمة القائلة: ليس من قدوة أو مصارحة أو اعتراف أو اعتذار حتى وقد وصل العبث بأحلام الناس إلى مستوى مخجل.. والله المستعان.
* كاتب يمني..
تعليقات