نيويورك – « اليمني الأميركي»سيمون آلبرت:
يُعدّ الدكتور خالد العامري أول يمني أميركي يُرشّح نفسه في انتخابات المجلس المحلي لمدينة نيويورك؛ وهو مجلس يختص بمراقبة أداء إدارات وهيئات المدينة المختلفة، وقوانين تصنيف المناطق واستخدامها، وكل التشريعات التي تُنظّم الحياة والعمل في المدينة، بما في ذلك الميزانية السنوية.
وهو بهذه التجربة لا يطمح في المقعد كمركز سياسي بقدر ما يريد الإسهام الفاعل، من خلاله، في تحسين حياة المجتمع وتطوير الخدمات وِفق رؤية واضحة يخوض بها سباق الانتخابات مُراهنًا على المجتمع وعلى مسيرته في الخدمة العامة تحت مظلة الحلم الأميركي، الذي نما وترعرع هو وأولاده تحت رايته.
كما يؤكد العامري بهذه التجربة أن اليمنيين الأميركيين لا يُمكن أن يبقوا رقمًا هامشيًّا لإسناد فوز الآخرين، بل قد صاروا حقيقة واقعية، وتجاوزوا زمن (الفرجة)، وأصبحوا يستشعرون دورهم الحقيقي في الإسهام في أن تكون الولايات المتحدة مكانًا أفضل، كما يؤكد أنهم بذلك لا ينسون وطنهم الأصلي، بل يعتزون به، ويحملون هُويته معهم أينما كانوا داخل وطنهم الأميركي.
العامري.. صورة عن قُرب
عمل الدكتور العامري في خدمة مدينة نيويورك ومجتمعه، وفي مجال حماية البيئة تحديدًا، لأكثر من عشرين عامًا، تقلّد فيها مناصب مختلفة في إدارة المشاريع المرتبطة بالبنية التحتية الخضراء، وإدارة تصريف المياه، كما قام بتنفيذ دراسات بحثية ساهمت في توفير ملايين الدولارات للحفاظ على الموارد المائية، والبرامج والمبادرات الهادفة إلى إعادة تدوير مياه الصرف في المدينة.. وفي السنوات الأخيرة عمل، بالتعاون مع علماء المناخ، على تصميم الخطة الشاملة لمدينة نيويورك للتعامل مع المتغيرات المناخية، والحدّ من تأثيرها على الموارد المائية، وجودتها ووسائل حمايتها.
وبالإضافة إلى عمله المِهنيّ، لعب الدكتور العامري دورًا مجتمعيًّا مهمًّا وقياديًّا في المبادرات المختلفة في أوساط اليمنيين، في نيويورك، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات التي تم تنظيمها في عِدة ولايات حول قضايا التعليم والتطوير المِهني، كما كان له الدور البارز في تنظيم مؤتمر هارفرد حول اليمن في 2012.
علميًّا نال الدكتور العامري درجة البكالوريوس في علوم الأرض من جامعة هنتر، والماجستير في علوم البيئة، في 2003، من جامعة كوينز، والدكتوراه في مجال علوم البيئة من جامعة مدينة نيويورك، ولشغفه بمجال إدارة الموارد المستدامة فقد عاد ونال ماجستير إضافية في ذات المجال من جامعة كولومبيا.
الترشّح للانتخابات
في هذا العام هناك ما يُقارب (41) مقعدًا شاغرًا في المجلس المحلي في نيويورك، والتي سيتنافس عليها نحو (500) مرشح، يعملون – حاليًّا – لانطلاق حملاتهم الانتخابية، ومن بين هؤلاء يبرز المرشح خالد العامري، وهو يمني الأصل، ويُمثل ترشحه التجربة الانتخابية الأولى للمجتمع اليمني في نيويورك.
يُمثل الدكتور العامري الدائرة (32)، ومنطقة جنوب (كوينز)، وهي المنطقة التي شهدت تغييرًا في تركيبتها السكانية والانتخابية، فقد كانت تُمثّل الحزب الجمهوري، بينما أصبحت – الآن – ديمقراطية، بحسب سجلات المقترعين، وحسب ما أوضحت تقارير إعلامية حديثة حول تمثيل المجتمع.
أسباب الترشّح
خالد العامري له اسم ونشاط أيضًا، فهو أب لأربعة أولاد، وموظف في مدينة نيويورك، وله مشاركات مستمرة في ألعاب القوى (الماراثون) كهاوٍ للّعبة والرياضة، وهو أحد المرشحين الذين يتطلعون إلى التغيير في الدائرة (32).
عن أسباب ترشحه يقول خالد لصحيفة (اليمني الأميركي): ترشحتُ لأسباب عدّة، أهمها أن اليمنيين الأميركيين حققوا وجودًا في الجانب التجاري الصغير (المحلات والدكاكين)، وهناك قوانين ليست نهايتها إغلاق المحلات فقط، لكن نتيجتها ستؤدي إلى أننا لن نستطيع العيش في نيويورك.
الحملة الانتخابية للعامري لا زالت حديثة، وبدأت الشهر الماضي في أوساط المجتمع اليمني الأميركي، عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وإحدى القضايا التي يتبنّاها العامري في حملته الانتخابية هي تزويد المدارس بالاحتياجات العلمية والوسائل الحديثة لتطوير العملية التعليمية.
يقترح في إحدى السياسات تقليل الاعتماد المفرط على المدارس، وعلى الطلبات المقدمة للطلاب، وذلك من خلال تزويد كل منطقة مدرسية في نيويورك بالموارد التي يحتاجها الطلاب.
يقول العامري: “كان عليّ – فعلاً – خوض هذه العملية مع ابني عندما اضطررنا، خلال فترة عام واحد، إلى الانتقال إلى ثلاث مدارس مختلفة؛ لأنها لم تُحقّق أهدافه وطموحه التعليمي”.. “يجب أن تحصل جميع المدارس على برنامج متخصص، من رياض الأطفال حتى الصف 12».
المقترح الآخر خدميّ
اقتراح سياسي آخر هو تقسيم خدمات المدينة حسب المنطقة.. يقول العامري: “إن هناك أكثر من (2.7) مليون طلب خدمة غير مجاب في قاعدة بيانات المدينة.. واعتبر هذا “غير فعّال”؛ “لأنه لا توجد مدينة في نيويورك تستطيع معالجة الـ (2.7) مليون في الوقت المناسب».
بدلاً من ذلك، يتطلع العامري إلى جعل استجابة الخدمات تقع على عاتق كل منطقة، بدلاً من المدينة ككل.. وهذا يُمكن أن يساعد في تقليل أوقات الانتظار الطويلة والمتأخرة لخدمات المدينة.
مع تقدّم حملة العامري، يقول: إنه لن يأخذ أموالًا من لجان العمل السياسي أو المنظمات لحملته.
وأوضح: “كل هذه أموال فردية”.. “لذلك ليس هناك ضغط من أيّة مجموعة يُمكنها التأثير على خطتنا للتعامل مع القضايا والمخاوف في نيويورك».
قضايا السكان
درس العامري القضايا التي يهتم بها الناس في المنطقة.. وقد تحدث إلى السكان حول القضايا التي يهتمون بها أكثر، مثل نوعية الحياة، ووقت السفر عبر المدينة، وارتفاع سعر السكن، والضرائب.
جزء من الطريقة التي يُدير بها العامري حملته هو التركيز على تمكين سكان نيويورك من معالجة المخاوف.
«تعتمد أغلب الحملات الانتخابية بشكل كبير على المتطوعين، وتمكين المجتمعات المحلية، والسكان المحليين من المشاركة في السياسة، وفي صناعة القرار السياسي الذي يبدأ من المجتمع المحلي ومن أوساط الأحياء السكنية «- يقول خالد.
هويتان
خالد العامري أميركي من أصول يمنية.. فبعد أن أحضره والداه إلى مدينة نيويورك في سنّ مبكرة، درس وعمل في المدينة طوال حياته.
كان والداه يمتلكان شركة صغيرة في نفس المنطقة التي يترشح فيها الآن لعضوية مجلس المدينة المحلي.
الآن، يشاهد خالد اثنين من ابنائه يذهبان إلى كليات في نيويورك، أحدهما سيتخرج هذا العام أثناء التحضير لكلية الطب.. وسواء تم تعريفه على أنه (نيويوركر) أو أميركي يمني، يبدو على خالد العامري أنه يحمل هاتين الهويتين بالقرب منه.
يقول العامري لصحيفة (اليمني الاميركي): “من المعروف أنه لفترة طويلة من الزمن كان الأميركيون اليمنيون من المارة”.. “وكما تعلمون، لم نعد متفرجين.. اليمنيون الأميركيون جزء من هذا البلد.. ويجب أن ننخرط في السياسة اليومية، والمساهمة في اتخاذ القرارات لجعل هذا البلد مكانًا أفضل”.
وردًّا على سؤال يتعلق بتمثيله الجالية اليمنية الأميركية، والذي يعني للجميع الكثير.. قال العامري: “نحن محظوظون بالحصول على الحُلم الأميركي”. لهذا السبب آمل المشاركة في خدمة جاليتي ومجتمعي في المنطقة، وخدمة مجتمعي الكبير في الولاية وفي أميركا.”
تلويح بالتحية
يُعدّ ترشح الدكتور خالد العامري في انتخابات المجلس المحلي لمدينة نيويورك حدثًا في غاية الأهمية في تاريخ الجالية اليمنية الأميركية، كما يُمثّل مناسبة لتذكير الجالية هناك، وفي كل مدن أميركا، بضرورة إعادة النظر في حضورها السياسي، وضرورة الانطلاق الفاعل والمساهمة في الحياة العامة، والمشاركة في خدمة المجتمع الذي تعيش فيه بشكل أوسع، وقبل ذلك الانطلاق نحو مراجعة واقعها وحلحلة مشاكلها بما يمكّنها من أداء أدوارها في خدمة ابنائها ومجتمعها؛ لأن الجالية لم تعد رقمًا صغيرًا، وكما يؤكد الدكتور العامري فاليمنيون الأميركيون لن يبقوا في خانة المتفرجين، بل يجب ّأن ينخرطوا في المساهمة لجعل هذا البلد مكانًا أفضل.
وتحضر الجالية اليمنية الأميركية في مدينة نيويورك من خلال عدد كبير من المهاجرين، يمارس كثيرًا منهم العمل التجاري.. وتُعدّ خطوة الدكتور العامري فرصة لتمارس الجالية دورها وتعكس حضورها في مساندة العامري في الانتخابات، متجاوزين أيّ وعي اثني أو عنصري، وإنما دعمًا لقدراته ومؤهلاته التي تجعل منه أهلاً للفوز، وهي الخلفية المهنية والعلمية التي سينتخبه من خلالها الآخرون من أبناء مدينة نيويورك في منطقته ودائرته.. كما يجب أن تُمثل تجربته العلمية والمهنية مثالاً يُحتذى به بالنسبة لأبناء جاليته.
تعليقات