Accessibility links

إعلان
إعلان

ميشيغان – « اليمني الأميركي»:

يحرص مَن يشتغل في العمل العام في الولايات المتحدة أن يضع بصمته في موقعه ويترك أثرًا واضحًا في مجاله؛ وهو ما نلمسه بدءًا من الرئيس في البيت الأبيض ووصولاً إلى أي مسؤول في أقصى البلاد…في هذا السياق نجد تفسيرًا لمدى الحزن الذي شعر به الناس في ولاية ميشيغان بوفاة النائب السابق جون دينجل، الذي فاز بثقة ناخبيه في كل دورة انتخابية خاضها، وحظيَ، خلال تجربته، بسمعة حسنة واحترام وتقدير عاليين من المجتمع المحلي، بما فيهم العرب الأميركيين الذين كانوا يعدونه “صديقهم الحقيقي”، ولهذا شعروا بعِظم الخسارة التي خلّفها رحيله مؤخرًا عن عمر ناهز 92 سنة.

وتوفي جون دينجل بعدما قضى نحو60 عامًا في العمل العام، حيث يُعتبر عميد أعضاء الكونجرس من حيث الفترة الزمنية التي أمضاها في المجلس، والتي تصل إلى نحو 50 عامًا مثّل فيها جزءًا من ديترويت ومدينة ديربورن وديربورن هيتس قبل تقاعده عام 2015م، وخلّفته حينها زوجته ديبي ينجل.

على مدار أكثر من نصف قرن، كان دينجل على الجانب الصحيح في العديد من القوانين التاريخية.. وكان مؤيدًا رئيسًا لقانون الحقوق المدنية للعام 1964، الذي حظر التمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو الأصل القومي.

مناهضة الحرب

كان السيد جون مناهضًا لجرائم الكراهية والعنصرية والتمييز، وبعد 11سبتمبر2001 صوّت جميع أعضاء مجلس النواب، عدا 66 عضوًا، لصالح قانون باتريوت، الذي ينتهك الحريات المدنية ويسمح باحتجاز المهاجرين إلى أجل غير مسمي باسم الأمن القومي، وكان من ضمنهم.. كما عارض الغزو بقياده الولايات الأميركية للعراق، وصوّت ضده.

في العام 2006، عندما كانت إسرائيل تقصف مئات المدنيين اللبنانيين في حرب شردت أكثر من مليون شخص، دفع المشرعون بقرار مؤيد لإسرائيل تدعمه لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك).. فقط ثمانية من أصل 435 من أعضاء مجلس النواب صوتوا ضد قرار لجنة (ايباك) في ذلك الوقت.. وكان دينجل واحدًا منهم.

في العام 2011 حين عُقدت جلسة داخل الكونجرس، ودُعي للحضور للشهادة ضد الادعاءات على العرب والمسلمين بأنهم لا ينتمون إلى أميركا في الولاء بناء على الحملة التي تبناها عضو الكونجرس الجمهوري بيتر كينغ، وحينها قال دينجل: «العرب والمسلمون الأميركيون أوفياء ومعتزون بوطنهم أميركا»، محذرًا المشرّع الجمهوري من «استخدام التساؤلات غير اللائقة لتشوية العرب والمسلمين أو غيرهم والتشكيك في انتمائهم لأميركا».

عميد الكونجرس

بعد تقاعده من الكونجرس، حافظ دينجل، الذي أصبح معروفًا في ميشيغان كعميد؛ نظرًا لسنواته الطويلة في الخدمة العامة، على استمرار معاركه، من خلال نشر مقالات تطالب بإصلاحات في النظام السياسي، كما كان ينشر بانتظام انتقادات لاذعة وذكية ضد المتعصبين ومروجي الكراهية.

وبعد أن دعا السيناتور تيد كروز، الذي كان يركض نحو الترشح للرئاسة، إلى مراقبة أحياء المسلمين، كتب دينجل علي تويتر: «يمكنك الدخول إلى مطعم لابيتا مدينة ديربورن والعثور على عشرات من الأميركيين المسلمين أكثر ملاءمة وتأهيلاً ليكونوا رئيسًا لأميركا أفضل من المرشح تيد كروز».

ولم يُخفِ دينجل، وهو من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، إحباطه من تصاعد العنصرية في البلاد.

وكتب على تويتر العام الماضي: «لقد وقعتُ لمحاربة النازيين قبل 73 سنة، وسأفعل ذلك مرة أخرى إذا اضطررت لذلك.. لا ينبغي أن يكون للكراهية والتعصب والفاشية مكان في هذا البلد».

شهادات

قال علي بلعيد – المدير التنفيذي للجمعية الخيرية اليمنية الأميركية: «لقد حل علينا خبر وفاة أنبل الرجال، الأسطورة الاجتماعية الوطنية السياسية والإنسانية، عميد وعضو الكونجرس الأميركي الأسبق جوان دينجل..كالصاعقة…بل تعجز اللغة عن التعبير عن مدى الأسف والحزن البالغين بوفاة هذا الرجل. ربطتني علاقة مع الراحل لأكثر من 40 عاماً، شاركنا في كثير من الأنشطة والفعاليات، ودعمنا حملاته الانتخابية، وواصلنا الدعم لزوجته عضو الكونجرس الأميركي (ديبي دينجل) التي انتُخبت مكانه».

وأضاف: كان دينجل يدعم قضايانا المختلفة، ويشارك الجالية العربية الأميركية في فعالياتها، وكانت الجالية اليمنية تحظى باهتمامه من خلال اللقاءات والتواصل والتعاون في مجال الهجرة ومعالجة مطالب الجالية، وحضور أمسياتهم.. لقد كان مكتبه مفتوحًا يستقبل زواره، ولم ينسَ الذين دعموه بأصواتهم».

«لقد فقدت ديربورن، وميشيغان والأمة، رجل دولة أسطوري وقائدًا ذكيًّا».

وقال بلعيد: «لقد فقد مجتمعنا العربي صديقًا حقيقيًّا». وأشاد بأرملته وخليفته في الكونجرس السيدة ديبي دنيجل.. وقال: «نرفع تعازينا ومواساتنا إلى أرملته السيدة ديبي دينجل وأولاده وأهله وكل آل دينجل.. نسأل الله له الرحمة وأن يسكنه الجنة».

فيما كتب حسن جابر – المدير التنفيذي لمنظمة (أكسس) على موقع تويتر: «شكرًا لك جون على شجاعتك، وعلى خدمتك العامة، على صداقتك الحقيقة.. كنت – حقًّا – عملاقًا».

من جانبها كتبت وعلقت رئيس مجلس بلدية ديربورن (سوسن دباجة) بالقول: إن وفاة دينجل تُمثّل خسارة للأمة الأميركية، وإننا حزينون في مدينة ديربورن لوفاته، وسوف نفتقده أكثر من الجميع.. لقد كان متواضعًا، ولديه كاريزما مختلفة، وكان يريد لمدينة ديربورن أن تنجح في العمل العام».

فيما وصفه المعهد العربي الأمريكي (AAI) بأنه “داعية لا يكل لداعميه”، مشيدًا بدعمه لإقامة دولة فلسطينية.

“في مواجهة التعصب ضد العرب، الذي استهدف مجتمع ديربورن على مر السنين، كان النائب دينجل لا يلين في الدفاع عن حقوقنا”.. قال المعهد، في بيان له.

وقالت مديرة المعهد التنفيذي مايا بيري: “مع وفاة جون، خسر بلدنا كنزًا وطنيًّا”.

في تأبين جون على أرضية منزله، وصفت عضو الكونجرس رشيدة طليب دينجيل بأنه “أسطورة”.

   
 
إعلان

تعليقات