Accessibility links

يروي سيرة 40 عامًا مع الكاميرا.. المصور الرياضي العالمي عبدالعزيز عُمر: أنا مصور سياسي بامتياز


إعلان
إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – محمد الأموي:
لا يمكن أن نتناول التصوير الفوتوغرافي في اليمن إلا ونذكر المصور العالمي عبدالعزيز عُمر، الشهير بـ(زيزو)، فالرجل يمتلك باعًا طويلًا في التصوير الفوتوغرافي الرياضي، بل صار يحظى باعتراف عالمي، بما في ذلك اعتماده من قِبل القنوات الإعلامية في الاتحاد الآسيوي AFC والأوروبي UEFA والدولي لكرة القدم FIFA، وتُوجَّه له الدعوات للمشاركة في تصوير أبرز الأحداث الرياضية ضمن أهم المصورين المحترفين في العالم.

لعبدالعزيز عُمر مع التصوير الفوتوغرافي الرياضي قصة طويلة برز من خلالها مصورًا محترفًا مستندًا إلى رصيد كبير يمتد لأربعين عامًا من الخبرة والمهارة مع الكاميرا الفوتوغرافية: «تجربتي مع الكاميرات تجربة فريدة وعشق وحب وجنون منذ 40 عامًا»، يقول.

يحظى زيزو بمكانة مرموقة محليًّا وعربيًّا ودوليًّا، إلى ذلك هو إنسان نبيل في تعامله مع الآخرين، حريص على المساهمة في تدريب المصورين الشباب؛ باعتباره خبيرًا ومدربًا ومحاضرًا في هذا المجال، وقبل ذلك وبعده يمكن اعتباره عين الحركة الرياضية في اليمن، وأرشيفًا لأبرز الأنشطة الرياضية هناك: «أنا حقيقة عشقت بجنون هذا الفن لأنه أعطاني حب الناس، وخاصة شريحة الرياضيين ومتابعي الرياضة»، يقول.

 نشأ زيزو وترعرع مع الكاميرا، فكان التصوير هوايته المفضلة منذ نعومة أظفاره بفضل والديه.. فوالده، الذي توفي في سبعينيات القرن الماضي، هو أول من أدخل آلة عرض سينمائية إلى اليمن، وكان حلمه أن يرى ابنه عبدالعزيز مصورًا محترفًا.

 

 

خُطوات نحو الحلم

مع مرور الأيام، وتمسّك زيزو بالتصوير، بدأت أولى خطوات تحقيق حلمه وحلم والده، وتحديدًا عندما التحق بالعمل بقسم التصوير الفوتوغرافي بوكالة أنباء عدن سابقًا، قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام1981م.. وهي البداية الاحترافية له مع التصوير، وتحديدًا عندما أخذ دورة قصيرة في أساسيات ومبادئ التصوير على يد المصور الصحافي علي راوح، ثم دورة أخرى متقدمة في مجال التصوير بالمعهد الإعلامي بعدن على يد أحد المصورين في مجلة دير شبيغل الألمانية.. لينطلق بعمله بتألق كبير وإجادة محترف، فتم تعيينه بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م رئيسًا لقسم التصوير الصحافي بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عام 1991م

 

التألق خارجيًّا

انطلقت رحلة تألقه الخارجي نحو العالمية في التصوير الرياضي عندما تم ترشيحه للالتحاق بالدورة المتطورة الخاصة بالمصورين ومحرري وكالات الأنباء لتغطية مونديال فرنسا عام 1998م في المركز الإقليمي لوكالة الصحافة الفرنسية في نيقوسيا عاصمة قبرص، وحقق فيها مركزًا متقدمًا بين جميع المصورين العرب المشاركين، فيما نالت صوره في المونديال مكانها المميز في تغطيات عدد من  وسائل الإعلام المختلفة، ليشارك بعد مونديال فرنسا في تغطية دورة الألعاب الآسيوية الثالثة عشرة في بانكوك – تايلند، ثم شارك في مونديال كوريا واليابان 2002م، ليصبح مصورًا يُشار إليه بالبنان، ويتلقى الدعوات للمشاركة في أغلب البطولات الرياضية العربية والآسيوية والدولية كدورة الألعاب الآسيوية الرابعة عشرة – بوسان، وكأس العالم للناشئين – فنلندا 2003م، ونهائيات كأس آسيا للشباب – ماليزيا 2004م، والمؤهلة لكأس العالم للشباب – هولندا 2005م.

مع تألق زيزو مع الصورة الرياضية نال ثقة عديد من وسائل الإعلام العربية والدولية من خلال اعتماده كمصور مراسل لها في البطولات الرياضية داخل وخارج اليمن، ولعل أبرز تلك الوسائل الإعلامية: مجلة الرياضي الكويتية، مجلة سوبر الإماراتية، مجلة الصقر الرياضي القطرية، ومجلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا مجازين).

كما لا تخلو أيّ وسيلة إعلامية يمنية أو بطولة رياضية من صور زيزو، من خلال تغطيته لمختلف الفعاليات والبطولات الرياضية داخل اليمن، وتفاعله مع منافساتها، وتوزيعها على مختلف الوسائل الإعلامية اليمنية؛ لذلك نجد أرشيف جُل الاتحادات الرياضية اليمنية ممتلئًا بالصور الرياضية للمبدع عبدالعزيز عُمر.

 

 

مواصلة العطاء         

على الرغم من تلك المكانة المرموقة، ومع دخوله عامه الستين، فإنه لم يوقف رحلته مع معشوقته الكاميرا، بل إنه ساهم، وما زال يساهم في تطوير الصورة الرياضية من خلال دعمه وتعاونه مع كافة زملائه المصورين، وخاصة الشباب، وذلك من خلال نصحهم وتوجيههم ومتابعتهم، كما أنه يقدم دروسًا في فن التصوير الفوتوغرافي، وتحديدًا الرياضي في العديد من الجامعات اليمنية والمعاهد والمراكز التدريبية الإعلامية سواء داخل اليمن أو خارجها كمدرب ومحاضر وخبير في مجال التصوير الصحافي الرياضي.

كان لا بد من تقرير عن مسيرة وتجربة عبدالعزيز عمر قبل أن تحاوره “اليمني الأميركي” عن بعض ملامح ومحطات تجربته الرياضية مع الكاميرا، فكان هذا الحوار: 

* كيف جاء اختيارك للتصوير الرياضي تحديدًا دون غيره من مجالات التصوير؟

– أنا كنت أصلاً مصورًا سياسيًّا بامتياز، ولكن شغفي وحبي للرياضة، وخاصة كرة القدم، وممارسة الرياضة بشكل عام، هو ما جعلني أحترف مهنة التصوير الرياضي، وتخصصتُ فيه من خلال دورة في وكالة الصحافة الفرنسية AFP في المركز الإقليمي في العاصمة القبرصية نيقوسيا، خاصة بمصوري وصحفيي وكالات الأنباء في تغطية مونديال كأس العالم لكرة القدم بفرنسا 1998م، بالتعاون مع السفارة الفرنسية في الأردن.

وللعلم أن التصوير الرياضي ممتع جدًّا وجماهيري. أنا اشتهرتُ كمصور رياضي محترف، وأنت تعلم أن المصور الرياضي أشهر من المصور السياسي، والتصوير الرياضي يحتاج إلى سرعة البديهة، والحس المرهف.. أنا حقيقة عشقت بجنون هذا الفن؛ لأنه أعطاني حب الناس، وخاصة شريحة الرياضيين، ومتابعي الرياضة.

* ما الرؤية التي ساعدتك في امتلاك الحرفية العالية في التصوير الفوتوغرافي؟

– الرؤية هي أنني اجتهدت كثيرًا، ودفعت ضريبة كبيرة للوصول إلى الاحترافية، وأنا سعيد جدًّا أنني وصلت إلى هذه المرحلة من الاحتراف، وأصبحتُ المصور الصحافي الرياضي اليمني المحترف الذي تم اعتماده من قِبل القنوات الإعلامية في الاتحاد الآسيوي AFC والأوروبي UEFA والدولي لكرة القدم FIFA، وإن شاء الله سيتم اعتمادي قريبًا لكل الاتحادات القارية مثل الاتحاد الأميركي الجنوبي الكونيمبول، والأميركي الشمالي الكونكاف.

 

 

التصوير الرياضي في اليمن 

* لماذا الاحتراف في التصوير الرياضي في اليمن محدود وقليل، أو بمعنى أصح لا يوجد مصورون رياضيون محترفون في اليمن غيرك؟ 

– نعم.. المصورون الرياضيون في اليمن ليسوا محترفين، ولكن هواة؛ لأنه كما تعرف أن التصوير الرياضي محدود جدًّا بسبب التكاليف الباهظة لمعدات التصوير، مثل الكاميرات والعدسات الغالية الثمن، ونقص الخبرة والتأهيل والتدريب، ولكن هناك بعض المصورين الرياضيين في اليمن امتهنوا مهنة التصوير من خلال حبهم ومتابعتهم للرياضة، ولكن البعض منهم انقطع عن ممارسة المهنة بسبب الأمور التي ذكرتها سابقًا، والشيء الآخر أن المصور الرياضي اليمني يُستبعد من مرافقة المنتخبات اليمنية في المشاركات الخارجية، ونتيجة لذلك يصيبه الإحباط، وأحيانًا يترك مهنة التصوير.

أنت تعلم أن المصور اليمني يعاني كثيرًا من الإقصاء والتهميش، علاوة على أن التصوير الرياضي لا يأتي بالمردود المالي مثل التصوير في الأعراس والأعمال الأخرى.

للأسف أن المصور الرياضي في اليمن يعمل مجانًا، وللعلم المصور الرياضي اليمني موهوب بالفطرة، فكيف إذا توفرت له الإمكانات والتأهيل والتدريب.. بالتأكيد سيكون له شأن كبير في عالم الصورة الرياضية.

 

الكاميرا

* ماذا عن تجربتك مع الكاميرات؟

– تجربتي مع الكاميرات تجربة فريدة وعشق وحب وجنون منذ 40 عامًا، استخدمتُ فيها كل الكاميرات من الأبيض والأسود والملون، وأخيرًا الكاميرات الرقمية. 

أول كاميرا استخدمتها كانت كاميرا الرول فيلكس ROlFElEX، وهي كاميرا قديمة جدًّا (أبيض وأسود، بفيلم 12صورة 4×4)، وكان التصوير بها ممتعًا، وهي بنظام المنظورين: منظور علوي ومنظور أمامي.

الكاميرا هي جزء من حياتي، وإذا جاز التعبير هي بمثابة زوجتي الثانية.

في ظل التطور التكنولوجي للكاميرات أصبحت الكاميرات الآن سهلة الاستخدام.. زمان كنت أصور بكاميرات الأبيض الأسود، مثل الياشيكا اليابانية، والزينت الروسية، والبراكتيكا الألمانية، وكان التصوير بها يتطلب الكثير من خلال التصوير وتحميض الفيلم وطباعته، وكان إسقاط الإعدادات في الكاميرا إسقاطًا يدويًّا، ليس مثل الآن، فالكاميرات الرقمية (الديجيتال) صارت أسهل من خلال ضبط الإعدادات بشكل أوتوماتيكي ويدوي أيضًا، والصورة الملتقطة تراها على شاشة الكاميرا، أما الكاميرات القديمة تنتظر الصور بعد تحميض الفيلم كأنك تنتظر مولودًا، إما ميتًا، و إما حيًّا.. أقصد إما تكون الصورة صالحة وممتازة، أو مهزوزة لا تصلح للنشر.. الآن عالم الكاميرات عالم عميق جدًّا.

* ماذا عن الكاميرات ذات الجودة والتقنيات العالية، وخاصة أن أسعارها مرتفعة جدًّا؟

– تقاس جودة الكاميرا من خلال حجم المعالج (السنوسر) الذي في الكاميرا، والسنوسر مثل الفيلم في الكاميرا.. فكلما كان المعالج أكبر كان سعر الكاميرا أغلى.. هناك كاميرات أسعارها في متناول اليد، ولكن بالمقابل هناك كاميرات غالية جدًّا.

* كم عدد الكاميرات التي استخدمتها منذ بداية تجربتك مع التصوير؟

– الكثير والكثير من الكاميرات استخدمتها في حياتي العملية لـ4 عقود، وكما أذكر ربما 20 كاميرا مرت عليّ منذ بداية عملي إلى الآن.

* ما أهم وأجمل الكاميرات التي استخدمتها؟

– الكاميرا ليست إلا مجرد صندوق أسود، ولكن الأهم هو عين المصور .. أنا أستمتع بالعمل مع نوعين من الكاميرات: النيكون (NIKON)، والكانون (CANON)، وهما من أكثر الماركات المستخدمة في العالم في عالم التصوير الفوتوغرافي، أو التلفزيوني، أو السينمائي.

 

مواقف 

* ما المواقف التي لا تنساها مع الكاميرا والصور؟ 

– المواقف كثيرة جدًّا، ولكن أهمها موقف ظريف حصل لي في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية في كوريا الجنوبية (بوسان)، وهي إحدى المدن الكبرى التي استضافت مونديال كأس العالم (كوريا واليابان 2002م).

دخلتُ الملعب أثناء إيقاد الشعلة، وأنا لا أعلم كيف وصلت إلى منصة إيقاد الشعلة، ونظرتُ يمينًا ويسارًا ولم أجد أحدًا من المصورين إلا مصور التلفزيون الكوري الجنوبي، وبقية المصورين كانوا خلفي على بُعد 100 متر من المنصة، في مكان وُضع خصيصًا لكل المصورين المشاركين في الدورة، وفوجئت أن الوفد اليمني المشارك في الدورة تحت المنصة يصفق لي، ويقولون بصوت عالٍ صاحبنا المصور اليمني زيزو – “سمخ” (تعني بالعامية اليمنية شجاع)، كيف وصل للمنصة رغم السياج الأمني البشري؟! ضحكت كثيرًا، وما زلت عندما أتذكر ذلك لا أصدق كيف وصلت إلى هناك.

 

صور

* ما الصور التي تعتز بها كثيرًا؟

– كل صورة ألتقطها، بالنسبة لي، هي صورة أعتز بها كثيرًا، لكن هناك صور مميزة، أذكر منها صورة حارس مرمى نادي سمعون السابق عوض بن بكر في ملعب الحبيشي (عدن) في مباراة بالدوري العام بين وحدة عدن وسمعون.. هذه الصورة شبيهة بصورة حارس مرمى مانشستر يونايتد السابق (بيتر شمايكل) نفس اللقطة ونفس الزاوية، إلا أن هذه في الدوري اليمني، والأخرى في الدوري الانكليزي.. وصورة التقطتها في نهائي كأس العالم 2010م في جنوب أفريقيا، والتي فاز فيها المنتخب الإسباني، من خلال كابتن منتخب إسبانيا كاسياس، والذي هو أصلاً مدريدي، وبالمناسبة أنا من عشاق ريال مدريد.

   
 
إعلان

تعليقات