Accessibility links

مع دخول الحرب عامها التاسع.. تدهور الأوضاع الاقتصادية يُفقد اليمنيين بهجة رمضان


إعلان
إعلان

صنعاء- “اليمني الأميركي” – أحمد الكمالي:

على الرغم من مسار التهدئة الذي ساد أجواء الصراع في اليمن منذ أبريل/ نيسان الماضي، إلا أن غالبية اليمنيين ما زالوا يقفون عاجزين أمام توفير تكلفة شراء احتياجاتهم الأساسية، نتيجة عدم انعكاس ذلك المسار على تحسين وضعهم المعيشي بالشكل الذي ينبغي لإزالة ولو جزء بسيط من أعباء المعاناة الملقاة على كاهل الأسر بفعل الحرب التي تدخل عامها التاسع، وهي المعاناة التي تتضاعف مع دخول شهر رمضان.

ما زال رمضان يشكل عبئًا إضافيًّا على معظم اليمنيين في ظل ما يعانونه من أزمات معيشية مركبة.

 

أوضاع سيئة

ما زالت تكلفة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية مرتفعة مع حلول رمضان، وفوق قدرة معظم الأسر اليمنية، التي “تضطر للتخلي عن الكثير من متطلبات الشهر الكريم في سبيل تأمين الاحتياجات الأساسية والضرورية كالدقيق والسكر والأرز” حسب أم عماد (ربة منزل)، متحدثة لـ “اليمني الأميركي”، في أحد مولات العاصمة صنعاء.

وتذكر أم عماد: “الغلاء لا يقتصر على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، فهنالك غلاء في كل شيء في حياتنا اليومية، من إيجارات وكهرباء واتصالات ورسوم مدارس وأدوية وغيرها، وهذا الوضع المأساوي نعيشه طوال العام، وتعيشه معظم الأسر اليمنية، الأمر الذي يحرمنا البهجة بقدوم رمضان التي كنا نعيشها قبل الحرب”.

استمرار قطع المرتبات على موظفي الدولة يضاعف من معاناة الآلاف من الأسر اليمنية.

 

تراجع القدرة الشرائية

سجلت بعض أسعار المواد الغذائية في أسواق العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، تراجعًا ملحوظًا هذا الموسم، مقارنة بما كانت عليه في العام الماضي، كسعر كيس دقيق القمح (50 كجم) الذي انخفض سعره من 21 ألف ريال يمني إلى 16300 ريال (الدولار في صنعاء يساوي 545 ريالاً)، فيما شهدت أسعار بعض السلع تراجعًا طفيفًا، وحافظت بعض المنتجات الأساسية والمهمة كالأرز والسكر والزبادي على متوسط سعر ثابت أو متقارب للعام الماضي، بينما زادت أسعار بعض السلع كالدجاج الحي التي زادت أسعارها بنسبة 30%، وغيرها من السلع التي لم تستقر أسعارها.

وعلى الرغم من التراجع في أسعار بعض السلع الذي يعود لعدة عوامل إيجابية، إلا أنه لا يصل إلى ما كانت عليه في الأعوام السابقة، كما تبقى فوق القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة لانعدام مصادر الدخل واستمرار انقطاع المرتبات على شريحة من موظفي الدولة للعام السادس على التوالي، وذلك ما يفسر حالة الكساد الموجودة في السوق، بحسب تأكيدات عدد من ملاك المحلات التجارية في العاصمة، الذين قابلتهم “اليمني الأميركي”.

يقول علي عبد الله، مالك أحد محلات البهارات والتموينات الغذائية، إنه “في مواسم ما قبل الحرب والسنوات الأولى لاندلاعها، كنا نقوم بعرض كميات جديدة من منتجات كالتمور والبهارات والعصائر والحلويات بمختلف أنواعها، وكل ما له علاقة بطقوس رمضان، أكثر من مرة في اليوم الواحد لزيادة الطلب، فيما الطلب هذا الموسم لا يصل حتى إلى ربع ذلك”.

فيما يقول الموظف الحكومي منير: “طالما أننا نواجه مشكلة حقيقية في توفير المال الكافي لشراء المتطلبات الأساسية بسبب استمرار انقطاع المرتبات التي تعد مصدر دخلنا الأساسي، فإن خفض سعر سلعة ما بنسبة معينة لا يعالج الأزمة التي نعيشها”.

 التراجع في سعر مادة الدقيق لمسه أيضًا سكان مدينة عدن الخاضعة لسيطرة الحكومة (المعترف بها دوليًّا)، حيث انخفضت قيمة كيس سعر دقيق القمح (50 كجم) من 44 ألف ريال إلى 38 ألف ريال حاليًّا (الدولار في عدن يساوي 1200 ريال تقريبًا)، إلا أنهم لم يلمسوا تراجعًا يكاد يُذكر في أسعار كثير من المواد الأساسية.

محمد عبدالسلام، سائق باص، يسكن هو وعائلته المكونة من أربعة أفراد في مدينة عدن، يقول لـ”اليمني الأميركي”: “نعيش أزمات متواصلة ومركبة منذ بداية الحرب، فأسعار المواد الغذائية والخدمية مستمرة في الارتفاع بشكل جنوني، لدرجة أن سعر علبة الحقين يبلغ 700 ريال، وهي الوجبة الأساسية في مائدة رمضان”، مشيرًا إلى أنهم “يستقبلون رمضان بالهموم المعتادة والكفاح لتوفير الضروريات”. 

سفينة “شبيلي” أول سفينة حاويات محملة بالسلع التجارية ترسو في الميناء منذ 2016.

 

تأثير الحرب

استمرار تدهور قيمة العملة المحلية، بالإضافة إلى بعض الإجراءات الاقتصادية التي فرضتها الحكومة (المعترف بها دوليًّا) في عدن كرفع سعر الدولار الجمركي من 500 ريال إلى 750 للدولار الواحد، فاقم من الوضع المعيشي الصعب للسكان، وتسبب بشبه شلل للحركة التجارية جراء الإضرابات التي ينفذها التجار والحركات النقابية لإسقاط تلك الإجراءات التي تنعكس على كل اليمنيين بشكل عام، نتيجة للاستيراد من ميناء عدن.

بعد اندلاع الحرب في اليمن في مارس/ آذار 2015، يحصر التحالف “السعودي الإماراتي” الداعم للحكومة المعترف بها دوليًّا، السماح بدخول سفن البضائع إلى اليمن عبر الموانئ والمنافذ الواقعة تحت سيطرة الحكومة فقط، إلا أنه في الأسابيع الماضية، سُمح لبعض السفن التجارية بالدخول إلى ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة “أنصار الله” (الحوثيين)، حيث رست في رصيف الميناء، في الـ 26 من فبراير/ شباط، سفينة “شبيلي” المحملة بالسلع، كأول سفينة حاويات محملة بالسلع التجارية ترسو في الميناء منذ 2016.

“الاستيراد من ميناء الحديدة الذي كان الشريان الرئيسي للملايين من اليمنيين قبل الحرب، ويستقبل ما نسبته 70% من واردات البلد، سيساهم في تقليل تكلفة الاستيراد نتيجة لقربه من مراكز الكثافة السكانية، وسيسهم في إنهاء الازدواج الضريبي على السلع من سلطتي طرفي الصراع، وكذلك سيحد من أموال الجبايات التي تدفع في النقاط الأمنية المنتشرة على امتداد الطرق الداخلية بين المحافظات في مناطق سيطرة الطرفين، الأمر الذي سينعكس في خفض تكلفة السلعة، وسيعود إيجابًا على المواطن، بحسب أحد المستوردين، الذي فضل حجب هويته، ويقول إن “المزايا التي قدمتها سلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين) لتسهيل الاستيراد من ميناء الحديدة، والمتمثلة بإبقاء التعرفة الجمركية على 250 ريالًا للدولار الواحد… شجعت الكثير من التجار، لكن الإشكالية تكمن في أن مشهد الانفراجة بميناء الحديدة ما زال ضبابيًّا حتى الآن؛ كونه لا يندرج تحت أي اتفاق رسمي بين طرفي الصراع.. إلى ذلك فإن تهديد حكومة عدن لشركات الشحن البحري، جعلها تتراجع عن الاستيراد عبر ميناء الحديدة”.

رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك: إقحام الاقتصاد في الصراع ساهم في زيادة نسبة البطالة والفقر.

 

دعوة

“إقحام الاقتصاد في الصراع كورقة من أوراق الحرب، دمّر المؤسسات الاقتصادية، وتسبب بتوقف الكثير منها، بالذات المنشآت الصغيرة، وذلك ساهم في زيادة نسبة البطالة والفقر وتراجع مصادر الدخل لدى طيف واسع من المجتمع اليمني، ويؤثر بشكل مباشر في قدرتهم الشرائية”، يقول رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك، فضل مقبل منصور، لـ “اليمني الأميركي”، كما يوجه دعوته “إلى الأمم المتحدة وجميع المنظمات الدولية والحقوقية بتكثيف الضغوط على أطراف الصراع في اليمن، لتحييد الملف الاقتصادي المرتبط بحياة الناس من مشهد الحرب”.

ثم ماذا؟

 الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة التي يمر بها اليمنيون، تؤكد حاجة البلد للعودة إلى مسار التهدئة وتنفيذ كافة بنود الهدنة الأممية، وفي مقدمتها الشق الاقتصادي الذي يمس حياة كافة اليمنيين، والبناء عليها للمضي نحو تسوية سياسية شاملة بمشاركة كافة الأطراف اليمنية، بما يؤمن استعادة البلد لعافيته، ويستريح المواطن من أزماته المعيشية التي تلاحقه طوال العام، وتسلبه صحته وبهجته!

   
 
إعلان

تعليقات