Accessibility links

إعلان

ديربورن – « اليمني الأميركي»

تؤكد الدراسات الحديثة أهمية المشروع الخاص باعتباره الطريق الوحيد لنهوض الفرد، وبالتالي خدمة المجتمع والبلد؛ انطلاقاً من أن المشروع الخاص هو الكفيل برفد الحياة العامة واقتصاد البلد بمزيد من فاعلية الفرد وانتاجية المجتمع.

وتعكس قصة الشاب اللبناني حيدر (أبو علي) في مدينة ديربورن، أهمية المشروع الخاص مهما كان حجمه باعتباره وحده الكفيل بإنقاذك لتنهض وتتجاوز عثرة ظروفك وتمضي بالخطوة الأولى في الطريق الصحيح.
قبل أن يفتتح شركته الخاصة بإصلاح وصيانة تدفئات المنازل والمكيفات كان حيدر (29 عامًا) قد عمل مع عددٍ من الورش والشركات ذات العلاقة، ووصل إلى قناعة أن لا حل لتوفير متطلبات حياة عائلته إلا بالانطلاق صوب مشروعه الخاص، واستطاع بمشقة أن يفتح شركته الخاصة، واختار لها اسم (كونديشن واير).
«عملتُ مع عددٍ من الورش والشركات، وكنت أشتغل في اليوم من ست إلى عشر ساعات، وبالكاد أحصل على أجر يصل إلى ستين أو سبعين دولارًا، وهو أجر لم يكن كافيًا لتغطية متطلبات أسرتي، فقررتُ فتح شركة خاصة بي، باعتبارها الحل، لاسيما وقد صرتُ أمتلك خبرة كافية وعلاقات مناسبة» – يقول حيدر لصحيفة (اليمني الأميركي).
استند حيدر إلى خبرته في هذا المجال، حيث يعمل فيه منذ كان عمره 12 عامًا حيث اضطرته الظروف لترك الدراسة والالتحاق بسوق العمل من أجل مساعدة أسرته التي كانت تمر بظروف غير مستقرة حينها.
اكتسب هذا الشاب الخبرة من خلال العمل مع مهندسين مشهورين، واكتسب وتعلّم الكثير قبل أن يفكر بأن يكون له شركته الخاصة إدراكاً منه أن النجاح لابد أن يسلك طريق الجودة من خلال طريق (المشروع الخاص).
«بدأتُ أعمل منذ كان عمري 12 سنة، واضطرتني الظروف لترك المدرسة، والعمل مساهمة في مساعدة أسرتي التي كانت يومها تمر بظروف غير مستقرة» – يقول حيدر.
ولد حيدر في الولايات المتحدة لأبوين لبنانيين، وعقب فترة قصيرة من ولادته انتقل مع عائلته لإحدى الدول الأفريقية، حيث أمضوا هناك نحو ست سنوات تقريباً، عادوا بعدها للولايات المتحدة لتبدأ حياتهم من جديد هنا، أعقبتها دخول حيدر سوق العمل بسن مبكرة بعد أن كان قد وصل في الدراسة إلى الصف الحادي عشر.

حكمُ القاضي
عندما كان عمره 16 عامًا كان موعده مع افتتاح شركته الخاصة قد حان – كما يوضح – لكنه بعد فترة من العمل، عقب افتتاح الشركة، تعرض لمشاكل، حيث تم الإبلاغ عنه بأنه يعمل بدون ترخيص؛ فتم استدعاؤه من السلطات المعنية وإحالة قضيته للمحكمة.
يقول: “في المحكمة حكمَ عليَّ القاضي بدفع غرامة كبيرة في حدود خمسة آلاف دولار؛ فأخبرت القاضي أن ظروفي لا تسمح… وعندما عرف القاضي وضعي، وأنني بعمر 18 سنة، ولي شركة خاصة أعمل فيها بجد ومثابرة، تعاطف معي وتسامح، وقال: إنه من الممكن تجاهل مسألة الغرامة، لكن ذلك مرهون بشرط وهو أنك تدرس وتستخرج ترخيص العمل خلال فترة حددها لي”.
يضيف مستطرداً: «بالفعل استطعت خلال تلك الفترة الممنوحة لي، وكانت تسعة أشهر، فتح الشركة واستكمال إجراءات الحصول على الترخيص الذي حصلتُ عليه ومعه حصلت على شهادة (جي إي دي)، (وهي شهادة تعادل الثانوية العامة تُمنح لكبار السن خلال أشهر من الدراسة)».
ويتابع: “عدتُ للقاضي بعد الفترة المحددة لي ومعي الترخيص والشهادة؛ فهنأني القاضي وأعفاني من العقوبة، بل إنني بذلك أشكره هنا؛ لأنه، لولاه ما كنتُ حصلتَ على الشهادة العلمية، ولا حصلت على الترخيص في نفس الوقت الذي بفضله صارت شركتي مستقرة حاليًّاً”.
ويعتبر حيدر أن تلك المشكلة قد انتهت لصالحه، حيث ساهم القاضي في تطوير تجربته من خلال الحصول على ترخيص واستكمال ما يترتب عليه، حيث يخضع الشخص الذي يريد الترخيص لشروط يتم من خلالها التأكد من كفاءته المهنية في مجاله، وهو ما نجح فيه حيدر، بالإضافة إلى حصوله على شهادة (جي إي دي).
وأعرب عن سعادته بما تعلمه خلال فترة استخراج الترخيص، حيث أُتيح له تعلّم الكثير من القوانين المتعلقة بمهنته والتعرف على الكثير من ضوابط العمل في هذا المجال، حد قوله.

صيانة التكييف
وينصح حيدر مَن يدخلون هذا المجال أن يتعلموا جيداً ويكتسبوا خبرة كافية؛ لأنها مهنة تتعامل مع أجهزة كهربائية تعتمد عليها العائلات في المنازل، وبالتالي فالعواقب ستكون وخيمة على الناس في حال التقصير والتلاعب، مؤكداً أهمية التزام الدقة والجودة في العمل والتعامل بأسلوب صادق وشفاف مع الزبائن.
صار لحيدر شهرة وزبائن يأتون إليه.. يقول: “أنا لم أنشر إعلانات، لكن فقط سمعتي قائمة على جودتي في العمل؛ فهي التي صنعت شهرتي، ولله الحمد”.
كما صار حيدر يسهم في مساعدة مَن يحتاج المساعدة من زبائنه، يقول: “مَن يأتي إليّ، وأعرف أنه يحتاج للمساعدة فإنني أساعده ولا أتردد، كأن يكون من السوريين النازحين أو غيرهم؛ فأنا لا أتردد عن مساعدتهم بكل محبة وصدق”.
وتُعد الجالية اللبنانية من أكبر الجاليات العربية في ديربورن، ولها حضور كبير في مجالات الأعمال والمهن، ويُمثّل حيدر أحد أبنائها المثابرين في إثبات حضورهم المهني في مجال صيانة أجهزة التكييف والتدفئات المنزلية.

   
 
إعلان

تعليقات