Accessibility links

كيف يتم استخدام (الله) لتمرير مغالطات يومية تحدث في الحياة؟


إعلان

فكري قاسم *

استخدام لفظ الجلالة في اليمن أمر مثير الدهشة ويعلِّم الناس الاحتيال! 

وهو على أية حال من أكثر الأمور اليومية التي تحدث هنا وهناك بشكل تلقائي لا يخلو من الاستهتار وتسألوني كيف وما هو؟ اقولكم التالي: 

– سائق دبّاب كاتب عرض الزجاج (الله معك يا أبو ماهر) وكل شوية يتوقف في الخط يحمل الركاب معرقلاً حركة السير ولا هو مؤسف بحرمة الشارع العام!

 – قاضٍ محتال يوقع على وثيقة حكم تُدين مواطن بريء، وكاتب أسفل ورقة تنفيذ الحكم (والله أحكم الحاكمين).

– مقاول نصّاب يقدّم ورقة لطلب بقية مستحقاته، ويختتم رسالته بعبارة (والله الموفق).

– وزير لطّاش ينهب إيرادات صندوق وزارته، ويقدم تقريره الختامي في نهاية السنة لوزارة المالية مذيلاً إياه بعبارة (والله ولي السداد).

– مدير عام فاشل يوقّع كل مراسلاته اليومية بالمصلحة اللي يشتغل فيها بعبارة (والله ولي التوفيق والنجاح).

– مدير للبحث الجنائي يضرب المحبوسين كما لو أنهم بغال لديه، وعلى بزته الرسمية قلادة في الصدر مكتوب داخلها (إلا رسول الله).

– مدير للأمن نسي مواطنًا بريئًا في السجن وجالس في مكتبه تحت لوحة جدارية مكتوب في داخلها (اذكر الله يا غافل).

– نهّاب أراضٍ يزين زجاج سيارته الأمامي بلاصق مكتوب في داخله (كن مع الله يكون معك). 

– جار مؤذ لجيرانه يقود في الحارة حملة تبرعات خيرية شعارها (تراحموا يرحمكم الله).

– شيخ مُبندق يعامل رعيته كأغنام مُسخرة لخدمته، يفتتح يومه كل صباح بدعاء (رضاك يا الله).

– رجل دين نصّاب ومتواطئ مع القتلة واللصوص، يهتف في المسجد (اتقوا الله)!

– صيدلي غشاش يبيع للناس أدوية مهرّبة وكاتب عرض أحد جدران الصيدلية من الداخل (رأس الحكمة مخافة الله!)

– تاجر مطفف ومحتال رافع في السوق شعار (قاطعوا منتجات البلدان المسيئة لرسول الله !) 

– شركات تجارية طول السنة تضاعف تسعيرة منتجاتها التي تبيعها للناس بلا رقيب أو حسيب، وفي شهر رمضان توزع زكاة زهيدة تحت شعار (حق الله !)

– رجل أعمال ثري يمشي كل يوم من أمام نادٍ رياضي فقير، بنيانه مهدم ولا يلتفت اليه، ولا يشعر بأي واجب اجتماعي وإنساني ووطني تجاه كل طاقات الشبان الذين يتدفقون إليه من الحواري الفقيرة وعايش حياته مهمومًا بترميم بيوت الله !

– جمعية خيرية تنشط في حارة فقيرة بلا ماء ولا كهرباء وعامله نشاط دعوي لتعليم الناس أصول غسل اليدين تحت شعار (النظافة من الإيمان!).

في رأيي الشخصي عمومًا ليس هناك إهانة لقدسية أرحم الراحمين أكثر من استخدامه كوسيلة يومية للكذب على الناس ! 

ومافيش شرك بـالله في حقيقة الحال أكبر من إشراك الله جل علاه في عملية نخل جيوب الناس وسرقة أحلامهم وتجهيلهم والاحتيال عليهم باسمه… وكل هؤلاء الذين يستخدمون الله رب العالمين هكذا، هم في الأساس ناس لا يحترمون قدسية الله، ومفرغون تمامًا من فضيلة أخلاق الإنسان نفسه.

*كاتب يمني ساخر.

   
 
إعلان

تعليقات