Accessibility links

عن مشروعها في الرعاية المنزلية.. البنغالية بيغوم: كسرتُ التحيُّزَ الثقافي 


إعلان

من معاناة والدها إلى خدمة مجتمعها: هكذا أسستْ شركة مرسيها 

ديترويت – “اليمني الأميركي”: نرجس رحمن – ترجمة/ ذكريات البرام

قبل بِضْع سنواتٍ عانى والد مافروزا بيغوم من سكتةٍ دماغيةٍ، وتمزُّقٍ بالأوعية الدموية في الدماغ؛ مما جعله مشلولاً في جانبٍ واحدٍ من جسده، إضافة لفقدانه الكلام والذاكرة، وأثَّر مرض والدها على علاقتهما. 

«كان من الصعب جدًّا أنْ نرى هذا الشخص السعيد والمتفائل بالحياة بهذه الصورة.. في بعض الأحيان لم يكن يعرف أنني ابنته»، تقول. 

لقد كان صعبًا بشكلٍ خاص على (بيغوم) بعد لمّ شملها مع والدها عقب سبع سنوات من ولادتها؛ بسبب عمله في الخارج لإعالة أسرته. 

عمل والد بيغوم في دبي في الثمانينيات، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة، ونقلَ عائلته في التسعينيات قبل مرضه، حيث كان يعملُ في مصنعٍ محلِّيٍّ لسنوات. 

عاشت بيغوم مع عائلتها في نيويورك لمدة خمس سنوات قبل أنْ تنتقلَ إلى ميشيغان في عام 1998 للحصول على فُرص عملٍ وسكنٍ أفضل.

تقولُ بيغوم إنّ الأسرة بحثتْ في خدمات الرعاية الصحية المنزلية المقدَّمة لرعاية والدها، لكنها لم تجد سوى خيارات قليلة خارج دُور التمريض ورعاية المسنِّين الجيدة، وكليهما خيارين كانا مكلفَين، أو خارج المعايير الثقافية.

«لقد سمعنا عن البرامج التي كانت خارج مجتمعنا ودُور التمريض.. لم نكن نريدُ أنْ نضعَ والدنا هناك، ولهذا السبب أخذَته والدتي إلى بنغلاديش؛ ليتمكن الأقارب هناك من الاعتناء به جيِّدًا»

 

الافتقار للخيارات المؤهّلة ثقافيًّا وعدم توفُّر مقدِّمي الرعاية الصحية المنزلية الناطقين باللغة البنغالية في مترو ديترويت ألْهَمَ (بيغوم) لفتْح مشروعها الخاص وهو (مرسيها لخدمات الرعاية المنزلية) في عام 2014 

فقدان والدها دفعها إلى تقديم نفسها للمجتمع البنغلاديشي، حيث تقولُ إن مساعدة والديها والناس بعمر والديها شيءٌ كبرتُ معه

 

إنّ الافتقار للخيارات المؤهَّلة ثقافيًّا، وعدم توفر مقدّمي الرعاية الصحية المنزلية الناطقين باللغة البنغالية في مترو ديترويت ألهَمَ بيغوم للبحث، وفتح مشروعها الخاص، وهو (مرسيها لخدمات الرعاية المنزلية) في عام 2014.

كان هذا هو العام الذي ولدتْ فيه ابنتها مرسيها، وبعد أشهرٍ من وفاة والدها حصلتْ على أوراق اعتماده، ورُخصتها، قبل ولادة ابنتها مباشرة. 

تُساعِدُ خدماتها مقدِّمي الرعاية، سواء أكانوا من أفراد العائلة، أَم أحد الجيران، أم شخصًا وظّفته بيغوم لرعاية الأشخاص المسنِّين، أو المعاقين، أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.. يساعدون في المهام في جميع أنحاء المنزل والأنشطة اليومية: العناية، التنظيف، الاستحمام ، وصرف الأدوية.. وأكدتْ أنّ موظفي الرعاية يخضعون لفحوصات التحقُّق من خلفية ماضيهم، ويجبُ عليهم اتّباع إرشادات الولايات والمبادئ التوجيهية الفيدرالية لتقديم الرعاية.

فقدان والدها دفعها إلى تقديم نفسها للمجتمع البنغلاديشي، حيث تقولُ إنّ مساعدة والديها والناس بعمر والديها شيءٌ كبرت معه، «عندما لاحظتُ أنّ والدي كان مريضًا لم يكن هناك أيّ شخصٍ هنا ليعتني به إلى جانب أمي التي كانت مريضة أيضًا.. لم يكن هناك الكثير من الخيارات التي كانت موجودة داخل مجتمعنا»

«نحن كأطفالٍ أصبحنا متَرْجِمين فوريين لهم منذ سِنٍّ مبكّرة.. فنحن نملأُ استماراتهم، ونساعدهم، ونتحدث عنهم.. هذا أصبح طبيعيًّا، بالنسبة لي لقد أصبح جزءًا مني»

في الوقت الذي افتتحت فيه المركز، تقولُ بيغوم إنه لم يكن هناك سوى كيانٍ واحد آخر يقومُ بعملٍ مماثل.. نَمَتْ أعمالها من مكتبٍ منزلي إلى شركة كاملة مع ثلاثة موظفين بدوامٍ جزئيٍّ مدفوعين.. بعد أنْ تجاوزتْ حجم مكتبها المنزلي بدأتْ باستئجارِ مساحات داخل منظمة غير ربحية في هامترامك لبضعة أيام في الأسبوع، ثم اشترتْ وجددتْ متجرًا سابقًا للزهور في مكتبها بدوامٍ كاملٍ في شارع كونانت بهامترامك، والآن بعد مرور سِتِّ سنوات، تأملُ بتوسيع برنامجها ليشملَ خدمات للسكان الآخرين، مثل الأمهات اللواتي يحتجْنَ إلى خدمات صحة الأم.

 تقول إنّ كونها امرأةً رائدة أعمال في مدينة يملكُ فيها رجالٌ بنغاليون العديد من الشركات…: «قمتُ بكسْر هذا التحيُّز الثقافي.. إنهم يتوقعون منَّا أنْ نكون في المنزل نعتني بالأطفال في المطبخ، وها أنا هنا امرأة في الخارج، وفتحتُ مكان عمل مفتوحٍ للجمهور»

بيغوم، 34 عامًا، التي تعيشُ في سترلينغ هايتس، تقولُ إنّ أطفال الجيل الأول يحاولون أشياءً مختلفةً مقارنةً بآبائهم. 

«الآن الأجيال الجديدة تدخلُ في أمورٍ أكثر مما دخَل آباؤنا وأمهاتنا.. لقد أتينا من عائلات مجتهدة؛ لذلك نسعى إلى الأفضل».

وتضيفُ بيغوم أنها واجهت صعوبة في الوصول لِأفراد المجتمع في مترو ديترويت، والذين جاءوا، في نهاية المطاف، بسبب الخدمات التي تُقدِّمها من خلال القدرة على التواصل بنفس اللغة، ومعرفة الفرق الذي ستقدِّمه خدماتها.  

 وختامًا بيغوم تَعتبرُ أنّ أفضل جزءٍ من العمل هو الحصول على الدعوات الطيّبة من أولئك الذين تخدمهم، خصوصًا وأنها تُحبُّ التحدُّث إلى الناس، والتعرف إليهم. 

«الخالات والأعمام، سوف يتصلون ويقولون: مرحبًا، أنا أدعو لكِ دومًا، وأقومُ بالدعاء من أجلكِ، وهذه نعمةٌ بحدِّ ذاتها، وتملأُ قلبي سعادة».

   
 
إعلان

تعليقات