Accessibility links

إعلان
إعلان

فكري قاسم
وحتى تلك اللحظة من الموسم الكروي وعلاقتي بفريق المباصيين المحتملين عادية الى حد كبير.

 

 

لا لقاءات مخطط لها بيننا ولا مقايل مشتركة تجمعنا ولا بيننا أي مهاتفات نتبادل فيها اللطف والأسئلة المعتادة عن الأحوال ولا أنا نفسي أهتم بأي نوع من أنواع المجاملات الاجتماعية المتداولة بين الناس في المناسبات المعتادة ولا أنا من النوع اللي يتواصل معهم حتى من خلال رسائل مجاملات يوم الجمعة.

ولا أعرف عنهم شيء أية شيء غير أسمائهم الشخصية والقليل فقط عن أعمالهم الخاصة، وتواصلهم الشخصي معي عادة ما يكون بعد إعجابهم بأي مقال أنشره بالصحف التي أكتب إليها ويقولوا لي حينها؛ إما عبر رسائل sms أو عبر الاتصال المباشر بي هاتفيًّا:

– أنت كاتبنا المفضل

– أنت رائع 

– أنت قلب دفاع المدينة

وهم تسعة قراء ميسورون علمتني حنبات الحياة اليومية مهارة التواصل معهم بشكل خاص، ومسميهم في حافظة الأرقام بجوالي قسم الطوارئ ومخليهم في البال ضمار المخارجة الطارئة في الميدان من الحنبات الصغيرة التي تعترض طريقي بين وقت وآخر، وطريقتي المعتادة في التواصل معهم حذرة جدا وقائمة وفق تكتيك” حتى يدور الحول”.

والذي أطلب مباصاته مرة لتسجيل أي هدف طارئ في مرمى قضاء حوائج الناس أو بمرمى حوائجي الخاصة؛ لا أطلب مباصاته مرة ثانية إلا بعد أن يدور عليه الحول بعد 6 أشهر على أقل تقدير.

ولا أخالف هذه القاعدة الأساسية في خطة الحصول على ضمار الهدف مهما كانت ظروف الحاجة الطارئة، وما دون ذلك يبقى تواصلنا في الميدان عادي جدًّا ومحدود للغاية ومتروك للمصادفات فقط.

ومافيش بيننا أي انسجام ملحوظ أثناء اللقاءات العابرة، ومشاعر التواصل المعتاد بيننا باردة إلى حد كبير، ولا تبني فريق متماسك في الميدان للمخارجة من حنبات بطولة الكأس المرتقبة.

وكيف أخلق الانسجام بيني وبينهم؟ وكيف أهيئهم للعب معي في بطولة الكأس بروح الفريق الواحد؟ الموضوع مش سهل ويشتي له تمارين إحماء سريعة لتقوية مشاعر التواصل الباردة بيننا في قسم الطوارئ؟

هكذا كلمت نفسي ودخلت قبل اللاعبين في تمارين إحماء سريعة وسهلة في الميدان بالاعتماد الكلي على مجاملات رسائل الجمعة.

وجعلت الخميس عندي يوم تمارين إحماء المشاعر، وأقوم في العادة بانتقاء أفضل رسائل المباركات المتداولة بين الناس في  مواقع التواصل الاجتماعي وواعيد صياغتهن وإرسالهن إليهم بالاسم الشخصي بما يكفي لأنْ يشعر كل مباصٍ فيهم على حدة بأن الجمعة يومه الخاص.

ولا أضع جوالي من يدي في يوم الخميس تحديدًا إلا وقد تفقدتهم التسعة، وقد اطمأنيت تمامًا بأن كل مباصٍ منهم استلم  حصته المعلومة من رسائل مجاملات يوم الجمعة مع أفضل وأحسن وأجود أنواع الأدعية المأثورة المحفزة للانسجام.

وفتحت نوافذ ودية جديدة للتقارب معهم عبر مراسلات يومية عابرة بالواتس عرفت خلالها عنهم وعن طبائعهم وعن امزجتهم وعن اهتماماتهم في الحياة أشياء لم أكن أعرفها من قبل، وتبادلنا المراسلات العادية:

– كيف حالك يافلان

– كيف الصحة

– كيف الاولاد والعائلة

– كيف الشغل معك

وعادة ما تنتهي محادثاتنا السريعة بعبارة:

– أي خدمات

– شكرًا ما نستغنيش.

ولم أطلب من أي واحد فيهم أي خدمة، ولا مباصاة طارئة ومنحتهم الأمان الكافي ليتجاوبوا مع رسائلي إليهم  بكل لطف.

وركزت في تمارين إحماء المشاعر بشكل خاص ومكثف مع الأربعة المباصيين الذين ما يزالون تحت الخدمة داخل الحول، ولم استنفد ضماري المتاح لديهم باعتبارهم اللاعبين الأساسيين في تشكيلة الفريق.

على عكس الخمسة المباصيين الآخرين الذين استنفدتهم  في الحصول على ضمار مخارجة الأهلي من حنبة ضمار إعادة بناء الفريق الكورة، كنت داخل معاهم في تمارين إحماء طويلة المدى أقوم بها لإعادة تأهيلهم للانضمام إلى الفريق، ووضعهم في الميدان تمامًا كما هو وضع أي لاعبين في صفوف الفريق جالسين في دكة الاحتياط.

وخلال ثلاث جُمع من المواضبة والمثابرة في الجوال على تمارين إحماء المشاعر تمكنتُ تمامًا، بمهارة عالية من تقوية العلاقة الباردة مع التسعة المباصيين المحتملين في فريق الطوارئ، وأصبحنا منسجمين تمامًا في الميدان، وهيأتهم للعب معي بروح الفريق الواحد، ولمباصاتي بضمار الهدف في بطولة الكأس التي يُفترض بها أن تنطلق في الأسبوع القادم.

ولكن منو شيخلي لك حالك تنسجم مع الفريق وانت آمن وهاجع وماهو وكيف وأيش اللي حصل؟

أعلن اتحاد الكورة بشكل مفاجئ عن تعليق انطلاق بطولة كأس رئيس الجمهورية إلى موعد غير معلوم نتيجة تأزّم الأوضاع السياسية في البلد لتتوقف كل الفِرق المشاركة في البطولة عن تمارين الاستعداد في الميدان وسط أخبار متداولة تؤكد أن استئناف موعد انطلاق البطولة مجددًا لن يكون إلا في العام القادم.

وانت لو كنت رئيس لنادٍ فقير بلا ضمار، وقد قتلت نفسك تمارين إحماء مع فريق المباصيين طيلة شهر، وأمامك في الجول بطولة مؤجلة وكومة أخرى من الالتزامات العالقة في ملف الاحتياجات الضرورية المرحّلة، وتشوفها داخل الجول كالتالي:

– باص النادي عطلان ويشتي له توظيب مكينة.

– قصب ومراحيض حمامات مقر النادي مكسرات.

– الكهرباء مفصولة وكل شيء يشتي له تسليك من جديد.

– لاعب الشطرنج الأهلاوي معه بطولة مهمة في حضرموت ولازم يلتحق بها خلال أيام.

–  فريق التكواندو معاهم بطولة بعد أيام خارج المحافظة وحانبين ببدل السفر.

– فريق البنجاك سيلاك حققوا مركزًا متقدمًا في مشاركتهم الأخيرة ونتشتي نكرمهم باحتفال تشجيعي بسيط داخل مقر النادي.

– اللاعب فلان مصاب والموضوع يشتي له زلط نعالجه.

– مدربو فرق ألعاب الظل في النادي لهم وقت طويل بلا رواتب.

كيف ستتصرف؟ هل ستترك تلك البعاسس الصغيرة عالقة داخل الجول بانتظار موسم بطولة الكأس؟

بالنسبة لي قلبتها في رأسي شمال ويمين وانا واقف أمام الجول، وقلت لنفسي:

– حرام تسير تمارين الإحماء فطيس، وحرام أخلي المشاعر الدافئة تبرد من دون أن أسجل للأهلي هدف على الطائر.

وقلت شلعب في الميدان مباراة سريعة لمخارجة الأهلي من الالتزامات الواقفة أمامي داخل المرمى، وأرسلت من جوالي في الحال كرات سريعة ومتفرقة بأرقام مختلفة إلى الأربعة المباصيين النشطين معي في قسم الطوارئ، الذين لم يتم استنفاد رصيدي المتاح لديهم وتلقيت منهم استجابات سريعة في الميدان، باصوني بالضمار المطلوب في أربع كرات مريحات وضعتهن في الجول كرة وراء كرة، وسجلت هدف مخارجة الأهلي من البعاسس العالق داخل الجول، وأنهيت بذلك رصيدي المتاح في قسم الطوارئ وانا مطمئن أكلم نفسي وأقول:

– من ذلحين لا بعد ستة أشهر حتى يدور عليهم الحول يحلها ألف حلال.

ولكن منو شيخليك ترقد أسبوع بحاله خارج الحول وانت هاجع وآمن ومرتاح ومش مهموم خالص بضمار الهدف، وما هو، وكيف، وأيش اللي حصل؟

اتحاد الكورة نفسه، بعدما أركنّي أن ماعدبش بطولة الآن وخلاني أطيح الضمار، رجع يعلن وبشكل قاطع بعد مرور ثلاث جُمع من تعليق موعد انطلاق البطولة عن جاهزيته واستعداده لتنظيم بطولة الكأس، وحدد لكل فرق الكورة موعد انطلاق المنافسات بعد أربع جُمع من الآن !

أيوااااه والحنبة !

كل الفرق المشاركة في بطولة الكأس دخلت من ذلك في تمارين الاستعداد والجاهزية وانا ملطوع جنب الجول في الميدان مش داري ما أفعل، ولا أين اسير بروحي، ولا كيف أعمل منسب أتخارج من حنبة ضمار الهدف في تصفيات قادمة تشتي لها ضمار، وانا أساسًا قد طيّحت كل ضماري المتاح في قسم الطوارئ، وفريق المباصيين التسعة الذين سيلعبون معي كلهم قد أصبحوا خارج الحول وماعد أقدر أحصل على مباصاة من أي واحد فيهم إلا بعد ستة أشهر، وهذه حنبة كبيرة ومفاجئة والمخارجة منها تتطلب مني الدخول في تمارين مستعجلة لتوظيب العلاقة المستهلكة معهم، ولإعادة تأهيلهم نفسيًّا وماليًّا للحصول على مباصاة مريحة بضمار الهدف من خارج الحول، ولكن كيف؟

كاتب يمني ساخر

   
 
إعلان

تعليقات