Accessibility links

إعلان
تستهل الصحيفة من خلال قصة سماء الهمداني فصلاً جديدًا من فصول متابعتها لقصص نجاح اليمنيات واليمنيين في المهجر الأميركي في العمل العام.. وهو مسار ننطلق فيه مع الكاتب والباحث الأميركي في شؤون المجتمع اليمني الأميركي السيد كيب كوزاد، الذي يعمل في كليّة «بنير» بولاية شيكاجو، ويحضّر أطروحته للدكتوراه حاليًّا في شؤون المجتمع اليمني الأميركي.. فيما يلي أولى قصصه، والتي تتناول الناشطة الإعلامية اليمنية الأميركية في واشنطن سماء الهمداني..

«اليمني الأميركي» – كيب كوزاد:

في خضم أزمة اليمن الراهنة، يصبح من غير المألوف العثور على الناشطة اليمنية سماء الهمداني، فهي موجودة في قلب الحدث لمناقشه أسباب ونتائج الصراع اليمني عبر شاشات التلفزيون لوسائل الإعلام الدولية، من شبكه (سي إن إن) إلى (بي بي سي)، والقناة التركية أو الصينية، كمتحدثة باللغة الانجليزية عن القضية اليمنية.. كما أنها صوت قوي في الندوات والفعاليات السياسية الخاصة في اليمن، وتتصدي لتحليل أدوار اللاعبين الدوليين والمحليين في اليمن.

في إحدى هذه الندوات عام 2015، وجدت سماء نفسها ضمن مجموعه من الخبراء، من بينهم السفير السعودي السابق عادل الجبير، الذي دعته سماء حينها إلى إنهاء التدخل الأجنبي بعد بضعة أشهر قليلة من بدء الحملة العسكرية الجوية السعودية في اليمن.

تقول سماء: “إنني أتذكر أنه كان من واجبي المهني والأخلاقي أن أذكر الحقائق كما اعتقدتُها: فالحرب اليمنية تؤدي إلى أزمه إنسانية، وفي نهاية المطاف، سيتعين التوسط في تسويه سياسية.. لقد تحدثت بالفعل كناشط مناهض للحرب”.

وقد أدى مسار هذا الموقف إلى أن تكون سماء واحدة من الأصوات والخبراء المستاءين من كل ما يتعلق بهذا الصراع.. ومع ذلك، فإن الحرب قد غيّرت – بالتأكيد – مسارها الشخصي والمهني: “لم أكن أتوقع وأتخيل أنه سينتهي بي المطاف في الولايات المتحدة، أو أن اُعتبر ناشطة يمنية أميركية”.

جاءت سماء إلى الولايات المتحدة بعد عام من تخرجها من المدرسة الثانوية في سياق الجمع بينها وبين أسرتها.. وقد جاءت إلى أميركا على مضض.. قالت إنها كانت تريد البقاء في اليمن والاستمرار في دراستها وعملها، ولكن أسرتها ظلت تحاول ضمها إليها..

وبالفعل، استقرت سماء في منزلها الجديد في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنها قالت: “أنا لستُ أكثر أفضلية من أي شخص في اليمن.. الأمر – فقط – أنني ولدتُ لعائلة متعلمة تمكنت من إرسالي إلى هنا للدراسة”.. وتعتقد سماء أن مسألة (الأصول العائلية) في اليمن أصبحت مسيسة.. وعلى الرغم من أن سماء عاشت معظم حياتها في العاصمة صنعاء، فإن لديها أقارب في أماكن متفرقة من اليمن، في تعز التي دُمّرت، إلى إب وعدن وأبين.

لقد أصبح من المهم بالنسبة لسماء أن تنحيّ جانبًا الهويات الإقليمية، وأن تنحاز لكل اليمن، لاسيما في المناخ السياسي الراهن: “أؤمن بالدولة القومية الحديثة، وأشعر باني انتمى لكل مكان في اليمن».

وهي تشبه لحدّ كبير والديها، تقول: “أشعر بأن لديّ أنموذج عائلي جيد لِما أريد أن أكونه، وهو مواطن يمني عمل جيداً حتى استطاع أن يساهم في المجتمع”.

وعندما سألتُ سماء عن المكان الذي حصلت فيه على مثل هذه الشخصية الجريئة والقوية، قالت: إنها جاءت من جدتها المحبوبة فاطمة الحجي، التي كانت بمثابة الحاكم لعائلتها خلال سنوات نشأتها في اليمن.. خلال فترة الطفولة، كانت الجدة تقول لها: “كوني امراة!”، وطالبت بأن تكون “سماء “ قوية، كما تعلمت منها كيفية امتلاك “القوه الداخلية والعزيمة”، وهي الجودة التي خدمت “سماء” بشكل جيد في وقت لاحق.

اليمنيون الأميركيون

وبما أنها فكرت كيف أصبحت أميركية، فقد شاركت في الحديث عن أفكارها حول الجالية اليمنية الأميركية ككل.. وعن اليمنيين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة من خلال النظرة الألفية تقول: “اليمنيون في أميركا هم يمنيون أكثر من اليمنيين في اليمن.. خصوصًا من جاء إلى هنا في السبعينيات.. إنهم متمسكون بيمنيتهم التي جُمّدت في الوقت المناسب- وأنا معجبة بهذا إلى حد ما – لقد تقدم اليمنيون الذين جاؤوا من اليمن في السنوات الأخيرة، واندمجوا مع هويتهم العالمية”.

أصبحت سماء تعيش في العاصمة واشنطن، وليس في خضم الشتات اليمني.. تقول: “أنا أعيش الألفية في العاصمة واشنطن دي سي”.. ولكن هناك صراعًا مرتبطًا بتجربتها، كما تحدثت عن “قصة الجيل الأول من المهاجرين ومحاولة تحقيق الحلم الأميركي، وأننا جميعًا نعترف أن هذا لم يعد ممكنًا، وخاصه بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم خلفيات محددة».

كما تفتخر سماء بكونها أميركية ويمنية: “أشعر بالفخر بأني يمنية أميركية.. وهذا يبدو طبيعيًّا لأنني ولدت وترعرعت في اليمن.. إن يمنيّتي لم تُنتزع مني وأنا سعيدة وفخورة جدًّا لأن أمي وأم أمي يمنيتان، وهذا دائمًا مرتبط بشخصيتي ومعي دائمًا”.. تقول سماء: “اليمنيون شعب عنيد وهم – حقًّا – قادرون على الصمود.. وأنا لديّ انتماء لهذا الجانب بطريقة ما.. وأيضًا الناس متسامحون جدًّا وصبورون في اليمن».

الفن اليمني

سماء مثلها مثل العديد من الأميركيين اليمنيين لديها إحساس بالمسؤولية تجاه وطن أجدادها.. ومن خلال مشروعها في المعهد الثقافي اليمني للتراث والفنون، تهدف إلى تسليط الضوء علي التراث الفني لليمن.. وهو الشيء الوحيد الذي تعمل فيه بعيدًا عن الصراع.

في خضم المأساة الطويلة للحرب اليمنية، تبرز سماء باعتبارها صوتًا آخر يوجه الآخرين لفهم وطنها اليمن، سواء فيما يتعلق بالأحداث السياسية الحالية أم بطرق أكثر تفاؤلاً تشير إلى تاريخ وتراث اليمن الفني المميز الحاضر والمستقبل..

بالإضافة لعملها مديرة للمعهد الثقافي اليمني للتراث والفنون، فإن سماء الهمداني هي زميل زائر في مركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعه جورج تاون.

   
 
إعلان

تعليقات