Accessibility links

بؤس الحرب يدفع اليمنيات لاقتحام مهنٍ جديدة


إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – أحمد الكمالي:

يشهد اليمن أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، حسب توصيف الأمم المتحدة؛ نتيجة الحرب التي أفقدت العائلات مصدر دخلها، الأمر الذي دفع نساءه للتوجه إلى العمل في مهن كانت قبل الحرب حكرًا على الرجال.

قد يبدو غريبًا للكثير مشاهدة امرأة تقود سيارة (تاكسي)، وتتجول بها في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء… لكن الواقع أنّ شذى ناشر (متزوجة ولديها طفلان) حولت سيارتها الخاصة إلى سيارة أجرة خاصة بتوصيل النساء، بعد أن كادت تبيعها بسبب استمرار أزمات المشتقات النفطية.

تقول شذى لـ “اليمني الأميركي”: «بعد تخرجي في كلية الإعلام، بحثتُ كثيرًا عن عمل أستطيع به مساعدة زوجي في الإنفاق على الأسرة، لكني لم أجد عملاً مناسبًا، وكنتُ قاب قوسين من بيع سيارتي الخاصة، ففكرت باستثمارها كمصدر دخل».

وأشارت إلى أنها تواجه، في ظل تصاعد أزمة المشتقات النفطية مؤخرًا،   ووصول سعر الجالون من البنزين (20 لترًا) إلى 26 ألف ريال يمني في الأسواق السوداء، الكثير من الصعوبات والخسارة في الدخل اليومي.

ليست شذى ناشر وحدها من اقتحمت مجالاً كان حكرًا على الرجال في اليمن، فهناك غيرها من اقتحمن مجالات أخرى كالعمل في التسويق الإلكتروني، نادلات مطاعم، عاملات في المحلات التجارية، وغير ذلك من المهن.

التسويق الإلكتروني الذي يتضمن الترويج للمنتجات وبيعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عملٌ اتجهت إليه المرأة اليمنية لمواجهة ظروف الحرب.

انتصار المطري (ربة منزل) دفعتها ظروف الحياة جراء توقُّف مرتب زوجها كموظف في القطاع العام إلى التفكير بمشروعها الخاص، والمتمثل ببيع الملابس وأدوات التجميل عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، والذي بات المصدر الرئيسي لدخل الأسرة.

توضح المطري لـ “اليمني الأميركي”: «وجدتُ التسويق الإلكتروني مشروعًا لا يحتاج لتمويل كبير، حيث بدأتُ بمبلغ 50 ألف ريال [الدولار الأميركي يساوي 600 ريال بصنعاء] حصلت عليه من والدي، وساعدني في ذلك وجود صديقة لي تعمل في هذا المجال، وكنتُ أحجز المشتريات وأعرضها على الزبائن في مجموعات (واتساب) وصفحات في مواقع التواصل».. وتلفت انتصار إلى أن زوجها انضم للعمل معها في ذات المجال، حيث يروج للمنتجات الخاصة بالرجال، بينما تختص بالمنتجات النسائية.

 

الشابه سهى ناجي

 

الكثير من النساء العاملات اللاتي اقتحمن العمل بمهنٍ جديدة ما كانت متاحة للبيئة النسوية في البلد، وتمكنّ من إطلاق مشاريعهن الخاصة، وأصبحن سيدات أعمال في مجالات مختلفة، كالشقيقتين سهى وسُهير ناجي اللتين تتناوبان على العمل في متجرهن “سمارت تاتش” لبيع التحف والهدايا والورود، الكائن في شارع الدائري وسط صنعاء، حيث تعمل سُهى في بيع وتغليف الهدايا في الفترة الصباحية، في الوقت الذي تكون فيه شقيقتها في قاعات المعهد الدراسي، ومن ثم تتحول مساءً لمهمتها في النحت والكتابة بالليزر على الهدايا، في حين تعمل سُهير على تغليف باقات الهدايا والورود، وتقوم بأنشطة البيع والشراء.

وتروي سهى (خريجة محاسبة)، القادمة من مدينة الحديدة أواخر عام 2018، لـ “اليمني الأميركي”، أنه بعد أكثر من عام على عملها في مجال النحت والكتابة على الهدايا بالليزر من المنزل، ونيل منحوتاتها قبولًا واسعًا من مُلّاك المكتبات ومحلات الهدايا، قررت مع شقيقاتها افتتاح مشروعهنّ الخاص “سمارت تاتش” في شهر أكتوبر/ تشرين أول من عام 2021.

 

هكذا اختارت (شذى ناشر) العمل سائق تاكسي للنساء فقط.. ومع ذلك ما زالت تواجه صعوبات.

يستقطب التسويق الإلكتروني عددًا من النساء في اليمن؛ كون ذلك يتطلبُ رأس مال قليل ويمنح النساء فرصة العمل (أون لاين).

 

تقول سهى: «أخذتُ ماكينة نحت بالليزر، وبدأت أشتغل عليها من المنزل، ولاقت تصميماتي على الهدايا إقبالاً من معظم المكتبات والمحلات في أحياءٍ، كالزهراوي وشارع تعز، القريبة من محل إقامتي، ثم قررتُ أن أفتح وشقيقتي مشروعنا الخاص، واخترتُ شارع الدائري بالذات؛ لِما فيه من حركة تجارية ملحوظة في مجال المكتبات والهدايا والورود لقربه من جامعة صنعاء، وحاليًّا نعمل في المحل، وصارت منحوتاتي توزَّع على الكثير من المحلات».

في ما يتعلق بالصعوبات التي تواجهها في العمل، تشير سهى إلى أن تلويح مالك العمارة برفع إيجار المحل من 75 ألف ريال إلى ما يقارب الضعف سيكون الخطر الذي يهدد استمرارية مشروعها الذي ما يزال في بدايته.

وأرجع الخبير الاقتصادي طاهر الهاتف، اتساع نطاق عمل المرأة اليمنية     بمهنٍ جديدة خلال سنوات الحرب إلى ظروف الحياة المعيشية التي دفعت الكثير من النساء للبحث عن عمل، وضمان دخْلٍ يضمن لعائلتها توفير الاحتياجات الضرورية.

 

الشقيقتان سهى وسهير ناجي تتناوبان على العمل في متجرهنّ “سمارت تاتش” لبيع التّحف والهدايا.

الخبير الاقتصادي طارق الهاتف: اتجاه النساء للعمل يؤسس للاقتصاد المجتمعي في اليمن.

لمياء الإرياني: اتساع عمل المرأة يكاد يكون النقطة الإيجابية الوحيدة خلال الحرب.

 

«نتج عنه انتشار متزايد للأسر المنتِجة في مجالات اقتصادية متنوعة، وذلك يُعد كبداية لنشأة الاقتصاد المجتمعي في اليمن، ويسهم بشكل فاعل في زيادة حصة المرأة اليمنية في الناتج القومي، والذي سينعكس إيجابًا ليس على مستوى الأسرة فقط، وإنما على مستوى المجتمع بشكل عام».

فيما اعتبرت رئيس منظمة مدرسة السلام، لمياء الإرياني، في حديث لـ “اليمني الأميركي”، «اضطرار المرأة اليمنية لدخول سوق العمل واقتحام مجالات جديدة هي النقطة الإيجابية الوحيدة خلال الحرب.. العمل حق للمرأة كما هو للرجل للحصول على الحياة الكريمة التي تستحقها».

   
 
إعلان

تعليقات