Accessibility links

السفير الأميركي السابق بصنعاء وليم راج: هذا ما دار مع الرئيس صالح بخصوص مبنى السفارة


إعلان

«اليمني الأميركي» – قسم الترجمة:

يحرص الكثير من السفراء الأميركيين والغربيين عمومًا على تدوين مذكراتهم عمّا عاشوه في بلدان أعمالهم كسفراء هناك.. وتحمل أحاديث أو مذكرات هؤلاء السياسيين بعص الفائدة؛ كونها تتيح للمتابع أن يعرف من خلالها كيف كان يتعامل هؤلاء مع وظائفهم، وماذا كان يجري في كواليس السياسة في علاقاتهم بقادة البلدان التي يعملون فيها كسفراء، وفي علاقة قادة البلدان معهم.

في هذا السياق بدأت الناشطة الإعلامية اليمنية الأميركية سماء الهمداني، مؤخرًا، بإجراء مقابلات مع شخصيات أميركية عملت في اليمن، ونُشِر بعضها، بما فيها كتابات بعضهم، عن عملهم في اليمن، في الموقع الإلكتروني للمعهد اليمني للتراث في واشنطن.

صحيفة اليمني الأميركي تعمل على ترجمة بعض تلك الأعمال بهدف الاستفادة منها على صعيد تعريف القارئ، وبخاصة اليمني الأميركي، بما كان يجري في كواليس السياسة على صعيد العلاقات اليمنية الأميركية.

في هذا العدد ترجمنا حديث السفير الأميركي السابق بصنعاء، وليم راج، الذي عمل هناك سفيرًا خلال 1984-1987م..

قال وليم راج:

من أكثر الأحداث التي لا تُنسى في مواقفي وتجربتي مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وهي أحداث وقعتُ بها في الخطأ كسفير، ولم أستطع تجاوزها بسهولة.. ففي إحدى الأيام، وكان حينها وزير الخارجية عبدالكريم الإرياني، طلب مقابلتي ليتحدث معي بخصوص الرئيس اليمني صالح.. والإرياني رجل يحظى بسمعة ثقافية وعلمية، خاصة وأنه حاصل على الدكتوراه من أفضل الجامعات في أميركا، ويجيد اللغة الإنكليزية، ويعرف مصلحة اليمن، ويعرف مصالح أميركا أيضًا، وكان اجتماعي معه متواصلًا؛ ولهذا طلب مني أن يطرح على السفارة مشروع نقل مبنى السفارة إلى حي آخر أفضل وأكبر على غرار مبنى ومشروع السفارة الأميركية في الرياض، حيث عملت حكومة المملكة على إنشاء مشروع مبني السفارة الأميركية كمشروع جديد وكبير وصخم.. فرددتُ: كلام جميل، لكن هل من الممكن في اليمن تنفيذ هذا المشروع مع تحمل تكاليف الماء والكهرباء من حيث الإعدادات الأولية في عملية التوصيل والبنية التحتية، خاصة أنه في مكان جديد.. فرد الدكتور الإرياني: لا.. طبعًا.. فاليمن ليست السعودية، والبلد فقير لا يقارن بالسعودية لتحمّل كل هذه النفقات. وأضاف الإرياني: يمكن لحكومة اليمن شراء الأرض للسفارة، وعمل كل التجهيزات، كما فعلت السعودية.. فقلت له: سوف أبعث رسالة لوزارة الخارجية في واشنطن، لكني أعرف أن هذا الطلب لن يوافَق عليه مقدمًّا.. وكان الدكتور الإرياني متفهمًا لذلك، ولم يُلح أكثر، لكنه قال لي: على السفارة الحديث مع الرئيس صالح شخصيًّا، وإقناعه بذلك.

الرد من واشنطن 

بعد الحديث مع الدكتور الإرياني كتبتُ تقريرًا عن المحادثة وأرسلته إلى وزارة الخارجية في واشنطن، وطلب الحكومة اليمنية نقل السفارة وإنشاء مشروع مبني جديد.. وتلقيتُ الرد من واشنطن بالرفض، بحجة أنه لا يوجد ضرورة لنقل السفارة وبناء مبنى جديد، ولا يوجد مقارنة بين مشروع السفارة الأميركية في الرياض ومشروع السفارة الأميركية في صنعاء، حيث تكفلت السعودية بشراء الأرض والبنية التحتية للمشروع من ماء وكهرباء وغير ذلك، وأيضًا لا توجد ميزانية في الوقت الحاضر لهكذا مشروع.

لقاء الرئيس صالح 

بعد أسبوع من استلام البرقية استعددتُ لمقابلة الرئيس صالح، ودائمًا كنت أتكلم وأتحدث مع الرئيس صالح باللغة العربية؛ لأنه لا يتحدث اللغة الإنكليزية، ويعرف القليل عن أميركا، وليس كما هو الحال مع الدكتور الإرياني الذي تفهم وعرف موقفي وموقف واشنطن من بناء مبنى جديد للسفارة؛ ولهذا قال لي الرئيس صالح: أنا طلبتُ نقل السفارة وإنشاء مبنى في الحي الدبلوماسي.. وإنه يعرف مالك أرض كبيرة، ويمكنه أن يبيعها للسفارة لبناء مبنى للسفارة كمشروع السفارة الأميركية في الرياض.

وحينها سألتُ الرئيس صالح: هل بالإمكان شراء الأرض وتحمّل تكاليف مشروع المياه والمجاري والكهرباء وغير ذلك كما فعلت السعودية، فكان رده: لا.. فاليمن فقير ولا يوجد معنا مال مثل السعودية، وأميركا دولة غنية.. فقلتُ له: لقد تحدثت مع الدكتور الإرياني بذلك، وردّت واشنطن بالرفض لعدة أسباب، منها أنه لا توجد ميزانية لذلك.

الرئيس صالح حينها نظر إليّ نظرة ريبة، وقال لي: كيف بلد مثل أميركا غني ولا تنفذ هذا المشروع.

حاولتُ شرح الموضوع لكن بدون فائدة.

عندما كنت ألتقي بالرئيس صالح فإنه كان لا يريد أيّ مترجم، وأنا علاقتي باللغة العربية ليست قوية، إلا أننا كنا نفهم بعضنا، لكن في هذا الموضوع لم أستطع إقناعه، وكان لا يريد أيّ مترجم عربي بيننا؛ لأنه كان على ما يبدو لا يثق بأي شخص.. وكانت هناك فكرة مترجم عربي غير يمني… وخلاصة الموضوع كان الدكتور الإرياني حينها موجودًا، وحاولتُ التحدث معه بالإنكليزية، وأن يشرح للرئيس الموقف، لكنه لم يترجم كلامي، وكان يشاهدني ويبتسم ويهز رأسه…كأنه كان يقول لي: أكمل موضوعك مع الرئيس؛ فأنا لستُ مترجمًا، وهذا اختيارك وموافقتك على أن تتحدث معه دون مترجم…وأيضًا لا يمكن للدكتور الإرياني أن يقف معي ضد رئيسه.. وكنتُ أعتقد بسبب لغتي العربية الضعيفة أن الإرياني سوف يشرح للرئيس الموقف أفضل مني، ولم أدرك الموقف إلا بعد لحظات.. تعلمتُ حينها أن الحديث الفردي واللقاء الشخصي لا يمكن أن يوصل الفكرة الكبيرة، أو يُقنع على تقبلها مهما كانت الحالات.

   
 
إعلان

تعليقات