Accessibility links

الأهم من تعطيل الشهوات والملذَّات..! أمنيات رمضانية على هامش (الهُدنة)..!


إعلان

 

عبدالله الصعفاني*
كل عام وجميع اليمنيين داخل الوطن ومواطن الهجرة والاغتراب بخير وتوفيق.

ويارب.. رمضان كريم وتوافقات حقيقية تعبِّر عن رغبة صادقة في أن تكون هدنة الشهرين لدى أطراف الصراع خطوة جادة نحو تحقيق السلام الشامل والدائم بعد أزمات وحروب أكلت الأخضر واليابس، وصادرت الهدوء والسكينة، وخطفت أمان الشعب اليمني من الجوع وأمانة من الخوف.

* وطالما عشتُ مع الشهر الكريم في السنين الماضية حالة نفسٍ مسدودة عن الكتابة، تحت ضغط الشعور بالخيبة مما يمكنك قوله وبلدك حتى في مناسبات الرحمة والمغفرة والعتق من النار غارق في أوضاع هي خلطة من الصلف والتمزيق والتدمير الخارجي واحترابٍ داخلي أطرافه إخوة وشركاء في العقيدة والوطن، لكنهم أضاعوا البوصلة.

* والآن.. وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة فائتة، ينام اليمني على طبيعته، غير خائف، مطمئنًّا بأن صواريخ مجنونة لن تسقط على بيته ليلاً أو نهارًا فتحوِّله إلى ركام يزهق حياة عائلته.. ولا من يلتفت في عالم النفاق..!

*وجميعنا عاش يوميات الحرب العبثية المجنونة على اليمنيين بأيديهم وأيدي أعدائهم من الطباخين الأجانب والعرب، وأيادي الأدوات الملطخة بجرائم شنيعة جعلت كل صاحب ضمير حي يتنبأ بمستقبل محزن، ويقول  بوضوح بأن الذي يحدث في اليمن هو تدمير إنجازات عقود زمنية طويلة شُيّدت بعرَق اليمنيين داخل الوطن وفي مواطن الهجرة والاغتراب.

* في رمضان هذا العام تهفوا نفوس المكلومين لأنْ تكون في موافقة الأطراف اليمنية على مبادرة الأمم المتحدة الأخيرة، تعبير غير مزيَّف عن نوايا صادقة استحضرت قدوم فرض الصيام، والحكمة المقصودة التي تتجاوز الامتناع عن الطعام والشراب وتعطيل الشهوات والملذات لمدة شهر كامل إلى إدراك حجم الكارثة التي يوقع فيها أمراء الحرب اليمنيون أنفسهم، وهم يبقون نيران القتل والتدمير والحصار مشتعلة بتداعياتها المؤلمة على  تفاصيل حرمت الشعب اليمني من حقه في الأمان من الجوع والأمان من الخوف.

* والموافقة على هدنة إيقاف الحرب في جبهات القتال وإعطاء إشارات تجديد الأمل في رفع الحصار، وتحرير ما هو جوي وبحري وبري ستبقى مبتسرة وقاصرة ومحدودة الطمأنة دون أن يكون وراء ذلك إرادة إيقاف الصراع وحل الخلافات بالحوار والاعتراف بالآخر، وبأن حال اليمن لن ينصلح إلا بجميع اليمنيين، ويرافق ذلك رغبة إقليمية ودولية حقيقية وغير محرضة أو مخاتلة في قضية إغلاق ملف الحرب على اليمن، والمسارعة إلى جبر الأضرار والخواطر.

* وفي حلول أيام الرحمة من الشهر الكريم ما يمكن اعتباره دعوة لأطراف الصراع اليمنيين والجوار العربي والإقليمي لاستحضار معنى الرحمة والإنسانية المطلوبة في كل زمان، بتحرير النفوس الأمارة بالسوء من أطماعها وأحقادها، وإدراك أن اليمن لن يأمن ويتجاوز مآسي الحرب إلاَّ بنوايا الجميع وجهود الجميع وإرادة نافذة للجميع.

* وليس أفضل زمانيًّا من شهر رمضان لتسريع تقارب يقفز على هدنة الشهرين ويحوِّله إلى سلام العامين والعقدين والقرنين، وإلى أن يشاء الله وتشاء إرادة الحق والعدل والمواطنة.. وغير ذلك ليس سوى تسويف في أوضاع وأوجاع مجتمعية تُنذر ببؤس نرى ملامحه في صور فقر وجوع ومرض يهدد بتفكك أسري واجتماعي وجرائم بشعة وحالات انتحار، وما إلى ذلك من تداعيات حرب ظالمة خارجة عن قيم الدين والوطنية والإنسانية.

* والزمن الذي تصنع منه الحياة يفرض أن يثابر الجميع لجعل الهدنة في شكلها المعلن موعدًا مستمرًّا مع الحياة وليس فقط تأجيلًا لمواجهات الموت، أو الإبقاء على قطع جديد للأعمار والأرزاق على النحو الذي عشناه في صورة قطع المعاشات وقطع الأواصر على حساب إنكار استحقاقات وأبجديات العيش والملح.

ومخجل هو استمرار تحوُّل أي طرف سياسي إلى مطية للأغراب، أو ورقة في ألعاب إقليميه، بل وجريمة لا تغتفر.

ولقد حان الوقت، ولو متأخرًا، لترجمة القول بأنه ليس بعد سيل الدماء إلا تذكُّر القربى، لِتسيل دموع الإحساس بالذنب، ودموع الفرح بما يجب أن يكون.

* ومن نافل القول تذكير الجميع بأن الولاء للوطن وناسه أبقى من الولاء لأعدائه الذين لن يرقبوا في يمني إلا ولا ذمة.

والشواهد كثيرة على حالات ضرب متواصل للجميع..

وفي رمضان الكريم تذكير للمتحاربين الصائمين بأن الأعمار قصيرة بدليل أعداد الذين فقدناهم، ما يستدعي أخذ العبرة وعدم التماهي مع خيار الحرب ونزعات قتل الشعب وتدمير وتمزيق منجزات وطن.

* ومن التهلكة وعلامات سوء الخاتمة لأسماء كثيرة هو استمرار تغافلهم عن عواقب تدمير بلادهم دونما خوف من جبّار غير غافل عمّا يفعل الظالمون..!

* إن للصوم أسراره وشروطه التي تتجاوز الامتناع عن الأكل والشرب وتعطيل حلال الملذات والشهوات في نهار رمضان إلى رفع الصائم من حضيض الحيوانية وعبادة النفس الأمارة بالسوء على الدوام، فكيف هو حال من يصرون على النفخ في أوار حروب أزهقت أرواحًا، وقطعت أرزاقًا، واغتالت الأحلام، بصور لم تعبِّر عن خوف من الله، أو حياء من عباده.

* خلاص.. تعب الناس احترابًا وفقرًا ومعاناة.. وحان وقت تشجيع المواطنين على إطلاق سراح أمنياتهم على هامش الهدنة.

ودائمًا.. اللهم احفظ اليمن.

*كاتب يمني

   
 
إعلان

تعليقات