Accessibility links

إنهاء الحرب أمل وحيد لأبناء الجاليات العربية المتبقية في اليمن


إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – أحمد الكمالي:
توفّي الشاعر المصري مجاهد العشماوي المعروف باسم (ابن النيل) بصنعاء تحت وطأة مرض السرطان، وهو يحلم بالعودة إلى بلاده… توفّي وهو بانتظار طائرة تهبط إلى مطار صنعاء لنقله للعلاج في بلاده، إذ حالَ الحصار المفروض على المطار منذ أكثر من ست سنوات، بينه وبين السفر؛ ليلفظ أنفاسه الأخيرة في أحد مستشفيات صنعاء.

تختزل مأساة الشاعر المصري ابن النيل معاناة ما تبقى من الجاليات العربية في اليمن، الذين حرمتهم الحرب من العودة لأوطانهم، وألحقت بهم أضرارًا مباشرة وغير مباشرة، وضاعفت من معاناة النزوح واللجوء، وبالأخص مع إغلاق سفارات بلدانهم بصنعاء، وتركهم دون أي تمثيل أو رعاية، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، فكانوا جزءًا من المأساة اليمنية.

 

غارة جوية للتحالف تسببت بخسارة المستثمر السوري سماقية بصنعاء أكثر من مليون ونصف المليون دولار. 


المرض

زارت “اليمني الأميركي” الشاعر المصري ابن النيل في المستشفى، والتقت زوجته التشكيلية اليمنية سوزان غيلان، وذلك قبل يوم من وفاته في السادس من ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وأوضحت سوزان لـ “اليمني الأميركي”، أنه بعد فترة يأس من عدم وجود فرصة سفر عبر مطار صنعاء، كانت قد حجزت على رحلة إلى القاهرة عبر مطار عدن، وكان موعدها في الـ 8 من ديسمبر الجاري، لكن الأطباء قالوا إن تدهور حالة زوجها الصحية لن تسمح بسفره برًّا من صنعاء إلى عدن في رحلة تستغرق أكثر من 15 ساعة.

 

إغلاق السفارة العراقية حرم الطالب فراس عباس من تجديد وثائقه. 


خسارة كبيرة

لم تقتصر معاناة أبناء الجاليات العربية في اليمن خلال الحرب والحصار على المرض والعجز عن السفر جراء فرض حصار على مطار صنعاء، بل امتدت المعاناة إلى أشكال أخرى كتدمير منشآتهم الاستثمارية… فبعد أن دمرت الحرب مدينته حلب نهاية عام 2011، اضطر المستثمر السوري محمد سماقية، إلى تصفية ثروته في بلده، ليبدأ مشروعه في اليمن، لكن غارة لطيران التحالف استهدفت مصنعه لإنتاج المواد البلاستيكية، الكائن في حي الستين الشمالي بالعاصمة صنعاء، وذلك أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وكان لذلك تأثيره في حياة اللاجئ السوري سماقية، الذي أكد أن خسارته بلغت أكثر من مليون ونصف المليون دولار، هي تكلفة إنشاء المصنع، وجل ما يمتلكه من ثروة في لحظة واحدة.

ويوضح سماقية لـ”اليمني الأميركي”، أن «المصنع كان يعمل فيه 25 عاملاً، وينتج سِلال الخضروات والفواكه وأقفاص الدواجن والأسماك، وكنت قد استكملت تجهيزه قبل أربعة أشهر فقط من القصف، وتحديدًا بعد وصول المولد الكهربائي الذي تم استيراده من دبي، وكلفني أكثر من 40 ألف دولار، وأصبح الآن مدمرًا كليًّا»، مشيرًا إلى أنه تفاجأ باستهداف طائرات التحالف لمشروعه، وهو منشأة مدنية تقع وسط حي سكني، ومجاورة لفندق ومستشفى ومحطة وقود من جميع الجهات. 

 

رئيس المركز اليمني للجاليات: المركز على تواصل مستمر مع ممثلي تلك الجاليات لبلورة مشكلاتهم.


تدمير ونهب

المستثمر السوري محمد سماقية ليس الوحيد من أبناء الجاليات العربية الذين دفعوا ضريبة باهظة جراء الحرب في اليمن، فهنالك العشرات غيره ممن قلبت الحرب ظروفهم رأسًا على عقب، كأسرة الطالب العراقي فراس عباس، التي كانت تقيم في مدينة تعز/ جنوب غرب، منذ 25 عامًا، وتمتلك مجموعة من صالونات حلاقة، والتي دُمرت ونُهبت بالكامل جراء الاشتباكات التي دارت هناك بين الأطراف المتصارعة آنذاك. 

قال فراس، في حديث لـ “اليمني الأميركي”: «غادرتُ مع أسرتي إلى العراق، لكني عدتُ إلى اليمن مرة أخرى لمواصلة دراستي في صنعاء»، وأضاف: «في ظل إغلاق سفارتنا واجهتني العديد من المشاكل، منها عدم قدرتي على الحصول على الوثائق المهمة التي لا غنى عنها لأي شخص كجواز السفر الذي أرغب في تجديده منذ سنوات».

وأشار فراس إلى أنه تواصل مع الجهات المختصة في بلده، لكن الحلول التي قُدمت له من قِبلهم كانت مكلفة وغير آمنة، حيث طُلب منه السفر إلى أقرب بلد إلى اليمن تتواجد فيه سفارة عراقية.

وقال الطالب العراقي إن اليمن تُمثل له ولأسرته بلادهم التي ما كان لهم أن يتركوها لولا ما أسفرت عنه الظروف، مؤكدًا رغبة أسرته في العودة إلى اليمن في حال انتهاء الحرب.

 

رئيس الجالية السودانية: الوضع الاقتصادي الصعب في اليمن انعكس سلبًا على أبناء الجالية.


قرار

فور اندلاع الحرب مطلع عام 2015، أجْلت معظم الدول رعاياها من اليمن، بما فيها الدول العربية، التي كان يقدر أعداد جالياتها قبل الحرب ما بين المئات إلى الآلاف، ويتعدى عددهم مجتمعين مليون نسمة، ويتوزعون في محافظات مختلفة من الجمهورية اليمنية، وكانوا يعملون في نشاطات متنوعة، فيما لم يتبقّ اليوم سوى ما بين العشرات إلى المئات من أفراد بعض تلك الجاليات، حسب رئيس مركز الجاليات اليمنية عارف الرزاع لـ”اليمني الأميركي”، وهو المركز الذي صدر قرار إنشائه من وزارة الخارجية بصنعاء كمركز مستقل يُعنى بالجاليات اليمنية في بلاد الاغتراب والجاليات العربية والأجنبية في الجمهورية اليمنية.

إزاء المعالجات والتسهيلات التي قدّمتها السلطات في صنعاء لتذليل العراقيل التي يواجهها أبناء الجاليات العربية في المعاملات والإجراءات بسبب غياب التمثيل القنصلي لبلدانهم، يوضح رئيس المركز اليمني للجاليات، أن «المركز على تواصل مستمر مع ممثلي تلك الجاليات لبلورة مشكلاتهم وتقديمها للجهات المختصة، وتمكنا بالتعاون مع الدولة من إعفاء بعض الجاليات من الغرامات المالية المفروضة عليها (تجديد إقامات) كالجالية السودانية التي تضم أكثر من 400 أسرة، وكانت قد تراكمت عليها الغرامات بمبلغ يقارب الـ35 مليون ريال (الدولار يساوي 600 ريال بصنعاء)»، ويلفت إلى أن المركز في صدد الترتيب للتشبيك بين ممثلي الجاليات والجهات ذات العلاقة في الدولة خلال الفترة القادمة.


الجالية السودانية

الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلد خلال الحرب جراء انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، انعكس سلبًا على أبناء الجاليات العربية بشكل عام، والسودانية بشكل خاص، حسب رئيس الجالية السودانية عبدالله الليثي، في حديث لـ”اليمني الأميركي”، مشيرًا إلى أن ظروف السودان غير المستقرة راكمت من معاناة أبناء الجالية، وأوصدت الباب أمام عودتهم إلى الوطن.


أما بعد..

إلى جانب اليمنيين، يعيش أبناء الجاليات العربية المتبقية في اليمن مأساة الحرب، ويتكبدون مشقاتها الصعبة في ظل استمرار الحصار للعام السابع على التوالي… فبالإضافة إلى تجرعهم ويلات النزوح يتكبدون الأضرار المباشرة، وبخاصة التي لحقت بممتلكات المستثمرين منهم، مع ارتفاع نسبة البطالة والفقر في أوساط الكثير من شبابها نتيجة انعدام فرص العمل، بالإضافة إلى الإشكاليات المتواصلة التي تواجههم بسبب غياب التمثيل الدبلوماسي والرعاية الرسمية من قِبل سلطات بلدانهم، علاوة على عدم حصولهم على الرعاية الصحية والإنسانية اللازمة… وغيرها من أشكال المعاناة التي يعيشها أبناء الجاليات المتبقية في اليمن.

يمثّل الضغط على المجتمع الدولي لرفع القيود المفروضة على حرية السفر من وإلى اليمن خطوة أولى في سبيل التخفيف من معاناتهم… بينما يظل إنهاء الحرب أملهم الوحيد لعودة الحياة إلى وطنهم الثاني، اليمن، ليتمكنوا من العودة إلى بلدانهم الأصلية عبر جسر اتصال جوي مفتوح وآمن.

   
 
إعلان

تعليقات