Accessibility links

أقلّية داخل أقلّية تنفرد بتقاليد الأعراس المُبهرجة.. اليهود اليمنيون الأمريكيون في ديترويت


إعلان
إعلان

اليمني الأميركي: ديترويت – إيلي نومان

 

طيلة الفترة التي ترعرعت فيها (آشلي العطار) في محيط الطائفة اليهودية في مترو ديترويت كانت تعرف بأن الخلفية التي تنتمي إليها جعلتها مختلفة عن الباقين من أقرانها، وبحسب قولها «لدي الهوية العربية والهوية اليهودية الخاصتين بي، وهذان هما العالمان اللذان يخوضان الصراع طوال الوقت».

فوالدها هو أحد اليهود اليمنيين الذين هاجروا إلى إسرائيل في أواخر الأربعينات من القرن الماضي.

وبحسب ما ورد في (المكتبة الافتراضية اليهودية) كان هناك في عام 1948 أكثر من 55000 يهودي يعيشون في اليمن، ولكن في حقيقة الأمر يمكن للجالية اليهودية أن تتتبّع تاريخها في اليمن لمدى يصل إلى آلاف السنين.  بيد أنه بعد قيام الدولة الصهيونية تبنّت اسرائيل حركة الهجرة الجماعية لليهود إليها من خلال ما يطلق عليها (عملية البساط السحري)، حيث تم نقل 48000 من يهود اليمن جوا من عدن ليستوطنوا في إسرائيل.

وكانت هذه العملية بمثابة وسيلة لزيادة عدد سكان الدولة العبرية وفي الوقت ذاته وسيلة لليهود اليمنيين للهرب من العنف المعادي للسامية في أعقاب قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين. ومن خلال (عملية البساط السحري) انتقل أجداد (آشلي العطار) للعيش في إسرائيل: وحينها «لم يكن لديهم حتى الأحذية على أقدامهم» بحسب قولها.

وبعد أن عاشوا في إسرائيل كجزء من المجتمع اليمني في مستوطنة (بتاح تكفا) انتقل والد (آشلي العطار) مع أسرته للعيش في ميتشغان، وهناك كان يعمل مدرسا في المدارس العامة.

وانضمت عائلة العطار إلى الإطار الأوسع للجالية اليهودية في ميترو ديترويت، وقاموا بتسجيل أطفالهم في المدارس النهارية والمخيمات الصيفية الخاصة بالطائفة اليهودية.

وبالنظر إلى الإرث المتميز لعائلتها فلقد شعرت (آشلي العطار) أنها مختلفة عن بقية العائلات اليهودية الأخرى التي ترعرعت معها: وبحسب قولها «جميع الأشياء كانت تجعلني منفردة عن الآخرين، والأشياء التي جعلت والدي يتفرد عن أقرانه القادمين من أوروبا الشرقية كانت الأشياء التي تحمل الصفات العربية فيه»، وأضافت قائلة: «مثل لون بشرته الداكن أو لهجته عندما كان يتحدث العبرية».

ووفقا لدراسة قام بإعدادها الاتحاد اليهودي في أمريكا الشمالية في عام 2010، فإن هناك ما لا يقل عن 67000 يهودي يعيشون في ميترو ديترويت، على الرغم من وجود بعض التقديرات التي تدعي بأن عددهم يناهز 110000 فرد يهودي.

كما أن الجزء الأكبر من اليهود الذين استوطنوا عبر السنين في ميترو ديترويت يعتبرون أنفسهم من اليهود الاشكيناز – وهذا مصطلح يشير إلى أبناء الشعب اليهودي الذين تعود أصولهم إلى شرق أوروبا ولديهم عادات وطقوس متماثلة.

كما أن ميترو ديترويت توجد فيها جالية صغيرة من اليهود الذين تعود أصولهم إلى بلدان من الشرق الأوسط، وغالبا ما يشار إليهم باسم اليهود السفارديم أو المزراحي (الشرقيين)، كما هو واضح من خلال اسم (كنيس توراة كيتر السفارديمي) في بلدة (ويست بلومفيلد)، ولكن بالنظر لموقع اليهود اليمنيين في ديترويت نجد أنهم أقلية داخل أقلية.

وبحسب قول باري ستيفل – مؤلف كتاب (الجالية اليهودية في ديترويت: 1945-2005) – فإن اليهود الأمريكيين من أصول يمنية ليس لديهم شبكة أوسع تضمهم جميعا: «فخلافا لوجود أفراد فقط لم أسمع قط عن وجود جالية/مجتمع خاص باليهود الأمريكيين اليمنيين في منطقة ديترويت».

وعلى الرغم من أن اليهود الشرقيين والسفارديم كانوا قد قدموا من العديد من مختلف البلدان في منطقة الشرق الأوسط إلا أن اليمن يحتل مكانة متميزة لدى الشعب اليهودي. فنظرا للفترة التاريخية طويلة الأمد التي عاشوها في اليمن تشكّلت لدى اليهود اليمنيين تقاليد فريدة من نوعها، وهي تشمل الألحان والكلمات العربية في صلواتهم وأغانيهم والمأكولات المتميزة لديهم (مثل الجاخنون، وهو خبز مقرمش (ملوّح) يؤكل عادة صباح يوم السبت).

ولقد أشارت (آشلي العطار) بأن اليهود اليمنيون يتميزون بتقاليد الأعراس المبهرجة إلى حد كبير: “لديهم حفلة الحنا قبل يوم العرس، وفيها تقوم النساء بوضع نقشة الحنا على أيديهن ورؤوس أصابعهن وما يترتب من مراسيم الاحتفال في تلك الحفلة، فهي مناسبة يحضرها جميع أفراد الأسرة، ولكن هذه الحفلة بالذات لا أرى شبيها لها في حفلات الزفاف اليهودية الأخرى”. كما أن حفلة العرس تتضمن أيضا ارتداء ملابس زفاف معبّرة وكثيرة الألوان.

ومن بعد (عملية البساط السحري) سافرت الغالبية العظمى ممن تبقى من يهود اليمن إلى إسرائيل عبر جهود ومبادرات أخرى مختلفة معنية بالهجرة. وفي الوقت الحاضر فإن عدد أبناء الطائفة اليهودية في اليمن قد انخفض إلى ما يقرب من 50 شخصا فقط.

ومن وجهة نظر (آشلي العطار) فإن وضع اليهود في اليمن يظهر أن التعصب موجود في أشكال عديدة: “فهناك الكثير من التركيز على الظلم القائم في فلسطين، وهذا أمر وارد بطبيعة الحال، ولكن في الوقت نفسه يولي الناس اهتماما قليلا جدا لما يحدث للمجتمعات اليهودية التي تعيش خارج إسرائيل، في الدول العربية المجاورة مثل اليمن”. ومع ذلك فإن (آشلي العطار) تشعر بالسعادة عندما تصف نفسها على أنها يهودية يمنية، وبحسب قولها: “هذه هوية أشعر بفخر كبير بانتمائي إليها، وأتمنى أن أشعر بارتباطي بها بشكل أكبر، لكن في بعض الأحيان تجعلني المسافة الكبيرة أشعر بأنني بعيدة جدا عنها”.

   
 
إعلان

تعليقات