Accessibility links

إعلان

صنعاء – “اليمني الأميركي” – أحمد الأغبري:

مثّل رحيل الشخصية الوطنية اليمنية أحمد علي السلامي، في التاسع من حزيران/ يونيو، خسارة كبيرة لبلاده؛ انطلاقًا ممّا حققه الراحل خلال حياته على مختلف المستويات: (العمل الثوري، وظيفة الحكومة، العمل السياسي، العضوية البرلمانية)؛ وبالتالي فقد ترك رحيله فراغًا كبيرًا يصعبُ ملؤه على المدى المنظور.

في شهاداتهم عن تجربته يؤكّد عددٌ من أصدقاء الراحل خصوصية التجربة التي عاشها وأسهم من خلالها في خدمة وطنه والتأسيس لمستقبلٍ كان يحلمُ به كجِيلٍ مختلفٍ ارتبط باليمن (الوطن والحُلم والمشروع)، كما أسهم في تقديم خلاصة جهده عبر نضال دؤوب لم يكِلّ أو يمِلّ حتى توفاه الله، مشكّلاً بذلك مدرسة في النضال والالتزام والتماهي مع الوطن كقيمةٍ حقيقية.

 الطاقة الذّرية

مصطفى بهران، وزير الكهرباء والطاقة السابق في اليمن، يتحدّث في شهادته عن تجربة الراحل في انضمام اليمن لِعضوية الوكالة الدولية للطاقة الذرية عندما كان وزيرًا للكهرباء قائلاً: «في أواخر 1993 وبدايات 1994، قبل حرب 94 وتداعياتها، كنتُ يومها في بدايات مشواري بعد العودة من الولايات المتحدة في النصف الثاني من العام 1993، كنتُ أُستاذًا للفيزياء النووية والجُسيمية وميكانيكا الكَمّ في كلية العلوم بجامعة صنعاء، كان يومها السيد هانز بلكس مديرًا عامًّا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان الدكتور محمد البرادعي حينها مستشارًا قانونيًّا له (بمثابة رئيس القسم القانوني في الوكالة) قبل انتخابه مديرًا عامًّا للوكالة بفترة، وكانت اليمن قبل ذلك الوقت خارج عضوية الوكالة الدولية».

وأضاف: «كان الفقيد، طيّب الله ثراه، صاحب قرار انضمام اليمن لأول مرة لعضوية الوكالة، عندما كان وزيرًا للكهرباء، وأتذكّر أنه أرسل الصديق المهندس أحمد السماوي من وزارة الكهرباء ليزورني في مكتبي في الجامعة مُبلّغًا إياي بأنه، أي الفقيد طيّب الله ثراه، قد وجّه دعوة للسيد بلكس لزيارة صنعاء بشأن انضمام اليمن لعضوية الوكالة، وطلب مني، باعتباري النووي الوحيد الذي كان يعرفه، الانضمام لوفد اليمن برئاسته».

«أي أنّ الدكتور محمد البرادعي قبل أنْ يُصبح مديرًا عامًّا للوكالة الدولية قد زار صنعاء بدعوة من الفقيد (رحمه الله،) وفعلاً انضمت اليمن لعضوية الوكالة الدولية في العام 1994، والجدير بالذكر – يقول بهران – أنّ أول مقابلة لي مع الدكتور البرادعي كانت في صنعاء، الذي سيُصبِح لاحقًا الصديق محمد البرادعي، كانت بسبب الفقيد، رحمه الله وطَيّب ثراه».

ويقول بهران إنه نتيجة للدور الريادي للراحل في انضمام اليمن للوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد جاء لاحقًا «مشروع تأسيس اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، وكلّ النجاحات العظيمة التي حققتها، وخاصة على الصعيد البشري، وبناء الإنسان المتخصص، وعلى صعيد إدخال الاستخدامات السّلميّة للطاقة الذرية، وخاصة في الطب والزراعة والمياه وغيرها، والتي كانت نتيجة لتلك العضوية التي كان وراءها الفقيد السلامي».

 المناضل السِّبتمبري

علي بلعيد، المدير التنفيذي للجمعية اليمنية الخيرية في ولاية ميشيغن، وهو صديق الفقيد، أعرب عن بالغ حزنه «لوفاة المناضل الجسور البرلماني المميّز، الوزير الأسبق المناضل السبتمبري، والمدافع عن الثورة في كسر حصار السبعين لمدينة صنعاء، والمدافع عن ثورة 14 أكتوبر، وأحد مؤسسي الحزب الاشتراكي اليمني وعضو مكتبه السياسي، ومن القيادات البارزة التي نعتزّ بها».

 وأشار إلى أنّ الفقيد «كان من أنبل الرجال الشجعان، وكان يحظى باحترام كلّ مَن عرفه».

الدور القيادي

عبدالباري طاهر، نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، تحدّث عن الدور القيادي للفقيد، والذي برحيله فقدَت الحركة الوطنية الحديثة واحدًا من أبرز رموزها؛ «فأحمد علي السلامي ضابط الشرطة – الدفعة الأولى بعد الثورة، وأحد الموقّعين على وثيقة تأسيس الحزب الاشتراكي باسم المقاومين الثوريين إلى جانب رفيقه حسين الهمزة، قد أصبح منذ العام 1978 عضوًا في المكتب السياسي للحزب حتى رحيله الفاجع».

«في العام 1967، وبعد التخرّج من كُلية الشرطة إلى جانب رفاقه: جارالله – توأم الروح، ومحمد عبدالسلام منصور، ومحمد حنيبر، وعلي محمد العولقي، نزل إلى الحديدة لزيارة المناضل عبدالحافظ قائد – رئيس الشركة اليمنية للتجارة الخارجية، فالتقينا مع أحمد علي السلامي، ومنصور ومحمد حنيبر، وكان التعارف»، معتبرًا إياه «من القادة القلائل الذين جسّدوا الانتماء السياسي بالكفاح اليومي، وبالالتزام الأخلاقي بالمبادئ والمُثل الثورية، دافع عن الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر)، وكان في مقدمة الصفوف في مواجهة تيارات التخلف والاستبداد»، يقول طاهر.

  مع جارالله

فيما أورد فوزي العريقي، وهو كاتب يساري، بعض ما كتبه الفقيد من ذكريات مع الشهيد جارالله عمر، ناقلاً عن الفقيد: «علاقتي بجارالله كانت متميزة عن كافة علاقاته الأخرى، ولذلك كنّا أكثرُ تفاهمًا وانسجامًا ومودّة، تلك العلاقة جعلت التحاقي بحركة القوميين العرب عملية سلِسة.. كان جارالله قد سبقني بالالتحاق بالحركة قبل عدة أشهر، وكنا ننشط بين الزملاء من خلال التركيز على العناصر المتميزة، والتي لديها اهتمام أكبر بالشأن العام، حيث تم استقطاب أعداد تُعَدُّ كبيرة بحُكم السرية. كانت الدفعة الأولى في الكلية متميزة بتنوعها من معظم المحافظات، بما فيها مستعمرة عدن، وصنعاء ومحيطها، وكذا من تعز وإب وذمار ورداع، والعديد من أبناء المهاجرين.. على الرغم من هذا التنوّع الجميل والخلفيات التعليمية والثقافية المختلفة، إلا أنّ الجميع اتّحدوا في مواجهة المَلَكية وحماية الجمهورية وبناء دولة عصرية».

في سطور

 ونعى الحزب الاشتراكي اليمني أحمد علي السلامي، عضو المكتب السياسي للحزب، وعضو مجلس الشورى، وعضو مجلس النواب، ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب في أول مجلس نواب منتخب للجمهورية اليمنية في 27 أبريل 1993م، ووزير الكهرباء الأسبق، وأحد القادة المؤسسين للحزب الاشتراكي اليمني والجبهة الوطنية الديمقراطية في الجمهورية العربية اليمنية.

تلقّى الراحل تعليمه الابتدائي والثانوي في السودان، وعند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م كان من أوائل الشباب العائدين من مهاجرهم، والتحق بالدفعة الأولى في كلية الشرطة عام 1963م، وكان من رفاقه عدد من أعضاء حركة القوميين العرب، وبعد التخرّج عُيّن مديرًا لِأمن البيضاء، وكان من موقعه من الداعمين للجبهة القومية لتحرير الشطر الجنوبي من الوطن من الاحتلال البريطاني والسلاطين المرتبطين به، كما كان من المدافعين عن ثورة 26 سبتمبر، ومن المشاركين في فكّ حصار السبعين يومًا عن العاصمة صنعاء.

   
 
إعلان

تعليقات